المقالات

ابو الحسن ..و..سكمن ..

3190 2019-08-22

أ.د.ضياء واجد المهندس

 

بينما كنت قد شرعت في كتابة قصة التاجر المسيحي المعروف ابو علي سكمن، صاحب فندق سكمن المعروف في الكرادة قريب شارع النضال ،اتصل بي صديق مقاول، يعمل في حقل تغليف الواجهات و الارضيات بالحجر و المرمر ،و له باع طويل في النقش بالحجر و في الرسم و التشكيل بالمرمر ،وكان من اعماله صورة (  جورج دبليو بوش)الاب في فندق الرشيد ،الذي حسبها الجميع للفنانة الراحلة ( ليلى العطار )..تحدث صديقي عن معرفته ب (سكمن) ، فطلبت ان يدونها ليكون شاهد للتاريخ .. بالرغم ان صديقة لي مسيحية استضافتني للفندق ، وسمعت القصة حينها من الرجل ، الا اني ارتايت ان يرويها غيري كي لا تخونني الذاكرة .. قال صاحبي مستذكرا": في أواسط التسعينات من القرن الماضي، حين كان الحصار الجائر يطبق بقوة على جميع مفاصل الحياة  ، حيث الناس تقتات على الحصة التموينية و الراتب الرمزي ،ولم يكن للبضاعة الأجنبية اامستوردة اي وجود، وكان من يعثر على بضاعة او بقايا بضاعة مستوردة ،فكأنما عثر على كنز.. وعن طريق الصدفة عثرنا على الكنز المفقود ، حيث تم ابلاغنا عن كميات من المرمر الإيطالي تقدر ب300 متر مربع ،مختلفة الأنواع والقياسات ،معروضة للبيع ،لدى صاحب ( فندق سگمن )....

كان تداول مثل هذه الأخبار يتم بسرية تامة، بحيث يهمس الوسطاء بآذان التجار ،الذين كان شريكي واحداً منهم. شددنا الرحال من ساحة الخلاني حيث مكتبنا التجاري الىً فندق سگمن، لنلتقي ب (ابي علي) ، صاحب الفندق، وهو مهندس معماري انيق وجميل، لا تبدو عليه اثار الحصار الجائر، وبعد ان تعارفنا ،وعرف اننا من العوائل العريقة في أعمال المرمر، رحب بنا وأحسن ضيافتنا ،واصطحبنا بجولة في فندقه الراقي ،حيث جهزه باحدث التجهيزات، وزينه بأجمل اللوحات، والمنحوتات بايدي فنانين عالميين ،وحدثنا كيف انه تعاقد مع بعض النحاتين الإيطاليين على نحت بعض التماثيل بأشكال مختلفة ،بشرط ان لا يصنع الفنان نسخة أخرى من تلك المنحوتات او اللوحات في اي مكان اخر في العالم...

كنا عند دخولنا لأي طابق، كان العاملون يستقبلون ابا علي بالابتسامات والبهجة على وجوههم، وهم ينادونه أهلا ابو علي ،تفضل عمي ابو علي ،وكان يرد عليهم التحية باحسنً منها ..

بعد التفاوض وحسم سعر الصفقة، دفعنا لأبي علي نصف المبلغ نقدا، وحررت له شيكا بباقي المبلغ ،وهنا كانت المفاجئة ، حين سالت ابا علي عن اسمه الثلاثي لاحرر له الشيك، حيث أعطاني اسمه الثلاثي جميعها اجنبية، لا اذكر منها اليوم الا اسم الثالث  (سگمن) ،وهو اسهل الاسماء الثلاثة لفظا وكتابة ...

بعد ان انهيت كتابة الشيك ،سألت ابو علي قائلا:  ما علاقة (علي) بهذه الاسماء الغربية، فابتسم وقال :هذه حكاية ...بعد ان تنهد، استطرد قائلا :انا مسيحي ، وكان لي صديق تاجر  من الناصرية ،وكان لي بذمته مبلغ 300  دينار وكان ذلك عام 1970 ،ذهبت  بسيارتي  المرسيدس، وكنت متزوجا في عامي الاول، اصطحبت زوجتي ،في يوم ربيعي غائم  متوجها" للناصرية، وكنت اسير بسرعة تتجاوز ال120 كم.. كان امامي 4 سيارات حمل كبيرة، محملة بالحصى والرمل ،يسيرون برتل منتظم كنت اجتازها تباعا قرب  مدخل الكوت ،وعند تجاوزي السيارة الأخيرة فوجئت بانهمار المطر بكثافة، و اصبح الطريق زلقا" ،حاولت التخفيف من سرعة السيارة،لكن دون جدوى ،

لان السيارة انحرفت عن مسارها، ودارت عدة دورات قبل ان تتجه الىً البزل المحاذي  للطريق العام، وشعرت بانقلابها، وصرخت بشكل لا إرادي وبصوت عال:  ياعلي، يا علي، يا علي يا علي ... تلاشى كل شيء وأصبح كل شيء بلون الدخان و فقدت الوعي .... بعد دقائق سمعت أصواتا"، وصيحات رجال  يصيحون اللهم صل على محمد وال محمد ..بعد ان فتحوا أبواب سيارتي ،تجمهروا حولها  ، بعد ان  استفقت من غيبوبتي  وجدت ان سيارتي لم تنقلب ،وانني توقفت بشكل عجيب على يمين الطريق .

سالني الرجال المحيطين بالسيارة : انت ندبت من ؟! ،وبمن تنخيت ؟؟ فقلت لهم: أيها الأخوة  انا مسيحي، ولكن حين حصل الحادث صرخت بشكل لا إرادي  ، بهتاف من داخلي :يا علي ، يا علي ،  ، عدة مرات ، عندها  تعالت اصوات التكبير و الصلوات على محمد وال محمد.. اقسموا علي اصحاب سيارات الحمل الذين اجتزتهم ، ان اكونً ضيفهم ،وكان لا بد لي ان ألبي  دعوتهم الكريمة في مطعم  قبالة السوق المسقف في الكوت ، وأثناء جلوسي وزوجتي في المطعم، بداوا بوضع جميع اصناف الطعام على المائدة ،وهم يقولون هذا ثواب لابو الحسن (الأمام علي )..وأثناء جلوسي جاء احد بائعي السمك وطلب مني مفتاح سيارتي ،ففتح صندوق السيارة ووضع فيها سمكتين كبيرتين نوع ( الگطان) تتجاوز طول الواحدة منها المتر ،ثم توالت مختلف الهدايا من  اصحاب محلات الفواكه والخضر، والأقمشة المختلفة ،وهم يقولون  هذه على حب علي ابو الحسن وبعد هذا الكرم العجيب قررت العودة الىً بغداد وان أؤجل سفرة الناصرية...

في طريق عودتنا ،قالت لي زوجتي:  ما زالت اثار الصدمة عل. جسمي ، و تعلم انني حامل واخشى ما اخشاه ان يسقط الجنين ..فقلت لها: اطمئني ان من حفظنا من ذلك الحادث سيحفظ لنا مولودنا ..واستطردت بيقين قائلا" :تأكد انك ستنجبي طفلنا ،ولكن بشرط ان يكون اسمه (علي) ،إن كان ولدا ،وإن كانت بنتا" فسيكون اسمها فاطمة ...بعد بضعة اشهر ولد لنا علي هو اليوم بعمر 25 عام ،وأننا نحيي يوم ميلاده في الصحن الحيدري كل عام، حيث اننا تشرفنا بزيارة الإمام علي(ع) ، في عام 1971 ،وقمنا بتأجير احدى غرف الصحن الحيدري، وكان ايجار الغرفةً الواحدة يكلف احد عشر دينار سنويا"، وكنا نجدد الإيجار السنوي ،وبعد انهيار العملة وهبوط الدينار الىً ادنى مستوياته ،وارتفاع أسعار ايجارات غرف الصحن، الا ان غرفة علي ما زال بدل إيجارها احد عشر دينار سنويا"، لانه مسيحي وكلما مرض علي او إصابته الانفلونزا اذهب به للأمام علي (ع)..

لقد اصبح ولدي ( علي) مشهورا" باسم (علي سگمن )وهو داعم ومشجع نادي الزوراء. 1995..

قلت لصديقي : القناعة و الثقة بالله تجعله ينجيك من المصائب والكوارث ، كرامة لرسول الرحمة محمد المصطفى ( ص) ،  و الامام علي (ع) و الائمة الاطهار (ع) ،بل ان يقيني ان الله لاي عبد فقير متقي مؤمن يعطيه من الكرمات ما تخرج في روايتها عن العقول و الكلام المنقول ..اقول ياصديقي : 

عشرات ملايين من العراقيين يدعون الله ليزيل عن العراق ، طغاة الظلم.  واقطاب الشقاق والفساد والنفاق.

هناك مئات الملايين من العرب يدعون الله ان يرفع الغمة و الظلمة عن هذه الامة ..

هناك الاف الملايين من البشر يدعون الله ان يعم السلام على ارض الرافدين و ان يبطش بالظالمين الفاسدين ...

اقول ياصديقي:

الا يوجد شخص مؤمن متقي ، يجيب الله دعائه و كرامة" له ينجينا من حاكمينا ؟!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك