المقالات

كربلاء والنظرة الموعودة ..!

2171 2019-08-13

 حسين فرحان

 

في الموقف الكربلائي .. بين صفا الطف ومروته، حيث هرولت العقيلة تقطع أشواط الفراق .. وحيث حمل مقام التل اسمها، واحتفظ بصدى صرختها، اجتمعت تلك الأنفس التي قدمت من أربع رياح الأرض تحيي شعائر الله على ثرى العشق والوفاء والقداسة متراصة تحت أشعة الشمس الحارقة، تفرح بموضع جلوس صغير تظلله عباءة أو قبعة أو قطعة من قماش تصغي مع حاملها للدعاء الذي دعا به الحسين عليه السلام في عرفة وتستغرق في شعيرة تستأنس بها النفوس في أرض كربلاء ..

الزوار ينتقلون كالحمائم البيضاء بين الحرمين .. كما الحجيج هناك في الأرض التي شهدت مهبط الوحي، ينهلون من كوثر الحسين عشقا ويستنشقون وفاء العباس عبقا طيبا .. ليلة عرفة شهدت إقبالهم .. يتوافدون ويتوافدون .. وتمر تلك السويعات مع اشتداد الحر .. يؤذن للصلاة .. يعم الصمت إلا من تكبيرات وبسملات أئمة الجماعة .. لتبدأ بعدها رحلتهم مع " اَلْحَمْدُ للهِ الَّذى لَيْسَ لِقَضآئِهِ دافِعٌ، وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ، وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِع، وَهُوَ الْجَوادُ الْواسِعُ، فَطَرَ اَجْناسَ الْبَدائِعِ، واَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعَ ... "

إنه وقت الدعاء .. ولا أحد يتململ من ضيق مجلسه أو من حرارة هذه الشمس التي غيرت الوجوه .. فهم زوار الحسين وقد عقدوا العزم على أن يكونوا من زائريه وما عساها الشمس التي غيرت وجوههم إلا أن تكون المفردة التي يعشقونها في دعاء الأمام الصادق لهم " فارْحَم تِلْكَ الْوُجُوهَ الَّتي غَيْرتها الشَّمْسُ " وما عساه المكان الذي اختاروه مجلسا إلا أن يكون الموضع الذي ستشرفه النظرة الإلهية الموعودة التي ستمنحهم درجة السبق على أهل الموقف في عرفة وهم يؤدون مااستطاعوا إليه سبيلا ..

في كربلاء، وفي موقفها المبارك الذي جمع أهل الإعتقاد بقضية الحسين فأن كل شيء سيكون بعين الله .. والأمر مختلف كثيرا عن ذلك الموقف الذي شهد عصورا من كثرة الضجيج وقلة الحجيج ..

لم نفارق الإيمان بهذه الأرض ولم يفارقنا .. فكربلاء مهبط الوحي الذي أكمل الرسالة في أرض النبوة وحل باكيا في أرض تضمنت جسد ريحانتها ..

كربلاء تبكي حين تستمع لدعاء الحسين كما أنتم تبكون .. كربلاء تمنحكم روحها ومهجتها أيها الزائرون فما أعظم أرضها وهي تحتضن تلك الأجساد الطاهرة وما إعظم أرضها وهي تتشرف بنظرة الله الموعودة لكم فتنافس تلك البقاع المباركة في شرفها وعلوها . "

قال أبو عبدالله عليه السلام : إنَّ الله تبارك وتعالى يتجلّى لزوَّار قبر الحسين عليه السلام قبل أهل عَرفات ويقضي حوائجهم ، ويغفر ذنوبهم ، ويشفِّعهم في مسائلهم ، ثمَّ يثنّي بأهل عرفات فيفعل بهم ذلك» .

...............

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك