المقالات

هل يصبح حق الحرية مشكلة الانسان في العراق مستقبلا ؟ 


في هذا المقال نتعرض للحق الثاني من حقوق الانسان الا وهو حق الحرية .

عبد الحسين الظالمي  

 

ناقشنا في مقال سابق حق الحياة للانسان وخلصنا الى نتيجة مقررة في الشرائع والدساتير، ان ذلك حق اساسي وقد اشار له دستور العراق النافذ في اول مواده ومن مقتضيات هذا الحق هو ضمان العيش الكريم له من خلال عمل تضمنه الدول باعتبارها الممثل والراعي للافراد الشعب سوى كان هذا العمل في مؤسسات الدولة والتي من المستحيل ان تستوعب كل القادرين على العمل او القطاع الخاص مع حماية كافيه له .

حق الحرية..

 

خلق الله الانسان حرا ليس عبدا لاحد سوى خالقه الذي وهب له الحياة ولا يحق لاحد استعباده او سلب ارادته وجعل حق الحرية له جزء من كيانه ومن مقتضيات هذا الحق هو حقه في المعتقد (لاكراه في الدين) وكذلك حق ابداء رأيه (وشاورهم في الامر) وكذلك حقه في حماية خصوصيته وحقه في استغلال موارده والتصرف في ملكيته تصرف لا يضر بالاخرين وحقه في السفر والاقامة وامتلاك جنسية بلده وحق في العمل والتوظيف وهناك حقوق رئيسية تصل الى اكثر من عشرة حقوق سوف نستعرضها تباعا ومن الواجب معرفتها والتثقيف عليها لان مشكلة الاغلبية العظمى هي عدم معرفة هذه الحقوق كاملة، وفي استبيان مباشر لنخبة من الخريجين عجز اكثر من سبعة من عشرة منهم من تعداد جميع الحقوق الاصلية للانسان حسب مقررات الامم المتحدة ولكن السؤال المهم هل هذه الحرية مطلقه ام مقيدة واذا كانت مقيدة فما هو القيد عليها ؟

 

قيود الحرية

 

هناك قاعدة عامة مشهورة جدا تقول ( تنتهي حرية الفرد حيث تبد حرية الاخر) وقد تحولت هذه القاعدة الى مبدأ في التشريع والقوانين المعتمدة في عموم المعمورة قديما وحديثا فلا يمكن لك مهما كنت واستنادا الى نص قانوني اخر وهو (عدم التعسف في استخدام الحق) .

 اذا حرية الفرد حق له ولكن ليس مطلقا فلها حدود تنتهي عندها وفي تجاوزه لتلك الحدود يعد انتهاك لحرية الاخر سوى كان فردا او مجتمعا او دولة بل حتى الشعوب الاخرى .

لك الحق في ابداء رأيك ولكن هذا حق يجب ان يحده احترام راي الاخر الذي يمارس نفس الحق وعليك في ابداء رأيك مع احترام ذائقة المجتمع ، اذ ليس من حقك ان تبدي رأيك بالفاظ تخدش حياء الاخر او تسيىء الى الذوق العام حتى ولو كانت تعبر عن رأيك فيها والاستثناء الوحيد هو (ان الله لايحب الجهر بالسوء الا من ظلم) وحتى هذا الحق ايضا لا يجوز التعسف فيه واطلاقة على عواهنه.

 

تراجعت ممارسة العبودية في الوقت الحاضرالتي خلقها ا دلانسان لاخية الانسان نتيجة سوء استخدامه للتكليف (الخلافة) وقد عبث باطلا وفسد كثيرا في الارض وقتل واستعبد اخيه ، ولكن نتيجة تطور الحياة وانتشار الوعي تراجعت هذه الظاهرة الى مراتب متأخرة بعد ان كانت سائدة ومتقدمة وفي مختلف المجالات بدءا من الاسرة وانتهاء بالدولة والمجتمع.

ومع تراجع ظاهرة الاستعباد تطور حق اخر وهو حق ابداء الراي وطرق التعبير عنه .

 

حق ابداء الراي

 

لاشك ان الانسان خلق حرا في رأيه وتفكيره ومعتقده وقد عبر عن ذلك سيد شاب اهل الجنة الامام الحسين علية السلام في خطبته الاصلاحية للقوم المارقين (ان لم تكونوا عربا فكونوا احررا .....) وهنا يقصد حرية تكوين موقف وراي بعيد عن الاستعباد والخضوع ، ومع تراجع العبودية تطور حق التعبير عن الراي ومع تطور سبل وطرق التعبير عن هذا الحق خرقت كل الحدود.

 فبعد ان كان هذا الحق يمارس ضمن ضوابط معينة وحدود اصبح اليوم مطلقا ومع فقدان عناصر الضبط المهني والاخلاقي وانتشار وسائل التعبير بيد الجميع فقد اختلط الحابل بالنابل واصبحت الذائقة مهددة لانك مجبر ان تقرأ وتسمع ما لا تسمعه ولاتقرأه من قبل واصبحت لغة الخطاب هجينة تفتقد الى ابسط شروط الضبط وفقدت اللغة الرصينة قدرتها على الصمود امام زحف موج هجين والفاظ ما انزل الله بها من سلطان وافكار لا تستحق ان تسمى افكار والا اراء و كلها وضعت تحت يافظة الراي.

 بل وصل الحال الى خلق الفوضى وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة تحت هذا العنوان ونقد تلك الظواهر يعد تحجيم لهذا الحق والادهى من ذلك اننا اصبحنا نقرأ لكتاب ومثقفين مفردات تعبر عن سخطهم من تقصير معين لا تليق بالمثقف باعتبار الثقافة (معرفة وسلوك).

 لذلك نرى هذا الحق يتراجع كحق موضوعي محترم امام صور واشكال وافكار جديدة فالسب والقذف اصبحت سمة بارزة للمتحاورين والعراك بألايدي وحتى بالاحذية مشاهد اصبحت مألوفة، نشر المقاطع المخلة والملفقة ونشر المحادثات الخاصة دفن حق احترام الخصوصية والراي غير المنضبط في الاسلوب دفن حق رأيك محترم حتى وان اختلفنا (اختلاف الراي لا يفسد للود قضية ) حتى هذا اصبح مجرد من المحتوى.

 واصبحنا نسمع المساس باقدس المقدسات ويعده البعض شىء طبيعي وهو لايفرق بين المناقشة الموضوعية للمقدس وبين التسقيط والمساس، فالجيوش الاكترونية تتطاير في الاجواء كما يتطاير في اجوائنا هذه الايام نوع من الصراصر اسمة (ابو الطفير) وهكذا بدأ اصحاب الرأي والمنطق يحبسون الانفاس ويحجمون عن التعبير لان المساحة المتاحة لهم بدأت تقرضها عربات تسويق الراي كما تقرض الجنابر الساحات العامة في المدن.

 ومع توسع الاشتراك في وسائل التواصل الاجتماعي وتراجع في المقروء الورقي والمسموع الاذاعي التي تخضع نوع ما لضوابط احترام الذوق فيما على العكس تماما سادت الفوضى والانفلات القيمي وسائل التعبيرالاجتماعي .

 والمشكلة الكبرى ان هذه الوسائل اخذت بالتوسع والانتشار من جهة ومن جهة اخرى حملت معها توسع مفرط وغير منضبط في حرية ابداء الراي ليس على مستوى الفضاء الاكتروني بل غزى المخاطبات الاجتماعية العادية واساليب التعبير المباشر والتصرفات والملبس وكلها تحت يافطة احترام الحرية الشخصية واحترام حرية الراي وتحت مبدأ ( كل شىء زاد عن حده انقلب ضده) فهل نحن سائرون بأرادتنا نحو دفن حق الحرية وحق ابداء الراي الذي كنا محرومين منه بالحديد والنار واصبحنا نمارسه بشكل فضوي ؟!

 بصراحة اعتقد وعلى ضوء الواقع نحن سائرون الى نقطة اللاعودة في هذا المجال كما قيل (اينما تضع السياسية خشمها فسد ذلك المكان)( ان الملوك اذا دخلوا قرية .....افسدوا فيها وجعلوا اهلها اذلة) ان لم يتداركنا الواحد الاحد ويرفع عنا غمة الجيوش الاكترونية التي افسدت كل شىء وسوف تفسد اكثر ويقن لنا وسائل التواصل .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك