سجاد العسكري
ان الانتقاد بدون بدائل لا يصنع نظاما افضل من السلطة الحالية , خصوصا اذا كانت السلطة موزعة حسب استحقاقات انتخابية تم الاتفاق عليها مسبقا ,لتشكل خليط سلطة قد يكون منسجم او قد يصبح في فترات ما غير متجانس , وحسب المصالح والمفاسد مابين القوى التي تشكلت منها السلطة الحاكمة ,لذا ستبداء الإشكالات بالإثارة حول شرعية السلطة , وحق المعارضة , ومطالب الشعب .
ان طبيعة تحالفات القوى السياسية في البرلمان تعكس قوة السلطة لأن السلطة التي ستتشكل عبارة نفس الاطراف السياسية التي توافقت فانتجت السلطة الحالية , وان الكثير من السياسين الفائزين بكتلهم ومكوناتهم قد ينظر للحكومة القادمة مكسب جديد له ,لذا نلاحظ لا توجد معارضة حقيقية بسبب نظام المشاركة (المحاصصة) الذي يعمل على اشراك الجميع , وبالتالي يعمل على اسكات الجميع ايضا لكل خلل يحصل في السلطة الحاكمة وهو ماينذر بخطورة انهيار وتسلط فئوي.
وكذلك سيفرز لدينا من تحت قبة المؤسسة التشريعية المعول عليها قوانين تخدم المصلحة العامة للوطن والمواطن ,لكن ما يحدث ان اغلب التشريعات في البرلمان تمرر وفق منطق سياسي- التحالفات- وليس منطق الدستور , وهو ماينتج قوانين ذات خلفيات سياسية اكثر من كونها تعكس ارادة الشعب او مصلحة الوطن , فكيف بالسلطة وهي القوة التي تعمل قانونيا على مبدأ توجيه النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لبناء دولة قادرة ومقتدرة لمواجهة شتى الظروف .
اذن نحن بحاجة للمعارضة , والمعارضة التي تكون قادرة وبنفس مستوى السلطة على بناء دولة مؤسسات قوية , والمعارضة الحقيقية هي التي تنبثق مباشرة بعد تشكيل السلطة , بسبب عدة اشكالات منها:
اولا: اشكالياتها في طريقة تشكيل الحكومة التي قد تكون غير دستورية او على اسس فئوية ضيقة.
ثانيا: عدم التوافق في البرامج والتصورات التي ترسم سياسة تنموية اجتماعيا واقتصاديا فتراقب وتعض وتنتقد .
ثالثا: كونها رافضة للملابسات والاشكالات و قادرة على التغيير .
وقد تكون هنالك اشكالات اخرى على كل حال , فالمعارضة بتصوري يجب ان تكون قوية وقادرة على الضغط على انحرافات السلطة ومواجهة الفساد وكل مايخرق القانون ويضر بالمصلحة العامة , وكذلك تستطيع تحريك الشارع حقيقتا وواقعا وتحفيزه نحو التقدم والإصلاح والتغيير الذي يوفر الاستقرار الأمني والمجتمعي , وهذا لا يتوفر الا باكتساب شرعيتها من الشارع بحيث تكون قوتها موازية للقوى التي تشكلت منها السلطة ,لذا سيثير هنا اشكال وهو ان القوى التي في السلطة هي نتاج لواقع انتخابي افرز لنا السلطة , فطبيعة حجم جماهير السلطة واحدة من النقاط المهمة في الصراع مابين السلطة والمعارضة.
وعادة ماتكون حجم الجماهير سبب رئيسي في قوة احدهما هذا من جانب , ومن جانب اخر ان انبثاق المعارضة وخصوصا في واقعنا العراقي يأتي ممن هم مشاركين في السلطة بعد اختلافات ومبررات ,ليخرج من غطاء السلطة الى المعارضة , وبدوافع متعددة قد يكون منها ماهو واقعي وما هو مصطنع , والغرض منه كسب تعاطف واصوات الجماهير خصوصا مع اقتراب حدث انتخابي .
المعارضة هي حالة صحية كما يعبرون , والغاء المعارضة وتغيبها يؤدي الى فراغ كبير لا يمكن ان يملاه حزب ما او تكتل محدود- كما اسلفنا- لا يمثل فعلا واقع مطالب وطموحات الفئات الاجتماعية المتنوعة , لكن تبقى هنالك مبررات للمعارضة وهي واقعية كون السلطة لا تقدم الخدمات الضرورية والرؤية الصحيحة التي تشعر المواطن والمجتمع بحالة من التقدم بل على العكس هنالك تراجع كبير في توفير الاولويات لذا ستقفد السلطة الحاكمة ثقة الجماهير , وتلتف حول من يسعى للمطالبة بحقوقها المغيبة .
وبما ان المعارضة هي الوسيط مابين السلطة والشعب , قد تؤثر لتكسب ثقة الجماهير , وبما ان المعارضة هي ليست الاداة الوحيدة للتغير بل هنالك وعي الجماهير ,لكن الجماهير على مايبدو فقدت الثقة بوعود السلطة المتكررة والبطيئة , كما انها فقدت ثقتها بمن يرفع الشعارات للمعارضة ,فمابين السلطة والمعارضة ومطالب الشعب لا وجود لشيء اسمه الثقة عند الجماهير.
https://telegram.me/buratha