المقالات

عندما تمرض الحكومات ..

1725 2019-07-18

حسين فرحان


من الابتلاءات العظيمة التي تبتلى بها الشعوب أن يحكمها أشخاص يعانون من أمراض تجعلهم يسلكون أودية أخرى غير التي تسلكها مجتمعاتهم .
لست أتحدث عن مرض عضوي يصيب المسؤول فأنه بطبيعة الحال من سنخ البشر الذي لايسلم من عوارض العلل في بدنه لكنه حديث عن علل النفس وأمراضها وما لها من تأثير على الاداء الوظيفي الذي ينبغي أن يكون على أتم وجه وكما هو معهود في أنظمة وقوانين الدول التي تحترم شعوبها وكما هو مفروض وبديهي في عرف العقلاء .
قضية الاداء الحكومي العراقي المتردي قضية طال أمدها وقد يطول شرحها وبيان تفاصيلها بحكم كثرة الوقائع والحوادث لكنها اتخذت نمطا واحدا هو ( الأداء سيء ) رغم تعدد أشكاله وألوانه .
فالطبقةالسياسية والادارية الحاكمة التي تسنمت مقاليد الحكم بعد سقوط هبل العفالقة الى يومنا هذا لم تضع حجرا على حجر بل وضعت ساقا على ساق وهي تنظر الى وطن يتآكل ويتآكل دون أن تلفت الى ذلك منشغلة بالاستاذية والالقاب والامتيازات .
النتيجة هي ( الخراب ) والداء كما شخصته المرجعية الدينية العليا في كثير من مواطن التشخيص والتحليل في خطبها هو ( الفساد ) وبينت أن السبب هو ( المحاصصة والمصالح الشخصية وغيرها من مظاهر للجشع والطمع وحب السلطة ) .. 
المسؤول العراقي الفاسد يعيش أزمات ثقة متعددة في شخصيته دعته الى أن يرتكب الحماقة تلو الاخرى فيعجل في سقوطه وهو يحسب أنه يحسن صنعا .. فشخصيته تعيش واحدة من أزمات ثلاث تتعلق بالثقة ؛
- ألازمة الاولى التي يعاني منها هي انعدام ثقته بالله تعالى فتراه متوثبا لكل مغنم غير واثق بفضل الله لا يراعي حلالا ولا حراما فيما يكتسب فيكون همه أن يشبع أناه ويبني قصوره بين خرائب الشعب هذا أن كان يعد من ملة تراعي في مكسبها الحلال والحرام فلا تجد له ثقة برزق الله ولا بنصره ولا بثوابه فترى نتاج فعله ( الفساد ) .
- ألازمة الثانية هي أزمة الثقة بالنفس وهذه الأزمة إنما برزت في هؤلاء المسؤولين والقادة نتيجة زجهم وفق قاعدة المحاصصة اللعينة التي لاتراعي كفاءة ولا خبرة ولا دراية بما يوكل اليه من مهام ومع هذه المثالب لايمكن له أن يثق بأدائه وفي ذات الوقت لاتطاوعه نفسه ترك هذا المنصب وخسارة امتيازاته فيعيش حالة المكابرة فهو بين أمرين إما أن يسير عمله باجتهاد شخصي أو أن يعطل العمل خيفة الفشل وكلا الامرين بنفس الدرجة من السوء لينتج ايضا عن هذه الأزمة ( الفساد ) .
- ألازمة الثالثة هي انعدام ثقة هؤلاء المتصدين بالآخرين سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي فتراهم يخالفون لمجرد المخالفة وتخالجهم مشاعر الخوف والقلق ويتقوقعون ضمن منظوماتهم السياسية التي جائت بهم فلا ترى - نتيجة ذلك - سوى رؤى ضيقة للواقع وأداء مرتبك حذر ونتيجة هذه الازمة ايضا ( الفساد ) .
لم يدرك هؤلاء أن الثقة بالله تدرأ عنهم شرور أنفسهم ( ولاتكلني الى نفسي طرفة عين أبدا ) ولم يدركوا أن الثقة بالنفس أمر ممدوح بشرط تحقق القدرة لا بالكذب والتدليس والادعاء .. ولم يدركوا أن الثقة بالآخرين مطلوبة وبما يتناسب مع حالة التعايش مع الآخر ولو بشكل نسبي لايقع معه الضرر فقد ورد عن الباقر عليه السلام ( صلاح شأن جميع الناس التعايش والتعاشر، وهو مِلْءُ مِكيال : ثلثاه فطنة ، وثلثه تغافل ).. 
لم يدرك هؤلاء أن الثقة بالله تعالى هي عين التوكل .. قال الصادق عليه السلام: «إنّ الغنى والعز يجولان، فاذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا» .
الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب العراقي ماهو الا نتيجة طبيعية لصراعات قوى إقليمية وتنافس ومؤامرات غايتها النفوذ والسلطة والمال ، عمدنا الى ترك الحديث عنها وتوجهنا الى الحديث عن علل المسؤولين وأمراضهم النفسية فلو كانوا في حل منها لما مرت المؤامرات من تحت أقدامهم ولم يصبحوا أداة بيد الآخرين لهدم بلدهم .
عندما يمرض المسؤول تمرض الحكومات فيعم الفساد ، ومرض المسؤول مرض النفس لامرض الجسد .
( فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ ... ) .
..................

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك