المقالات

الحكومة العراقية بعد عام من بيان المرجعية الدينية العليا

2606 2019-07-09

حسين فرحان

 

بعد ما يقارب العام على خطبة الجمعة التي رسمت فيها المرجعية الدينية العليا خارطة الطريق لحكومة لم تتشكل بعد وكانت بتاريخ ٢٧ /٧ / ٢٠١٨ وبعد ما يقارب العام من انتظار ماستحققه هذه الحكومة من مطالب بينتها المرجعية في خطبتها آنذاك وبلغة واضحة لاتقبل التأويل أو التنصل، ماتزال المطالب على رفوف النسيان أو أن ورقتها اختلطت مع أوراق كثيرة دأبت القوى السياسية على خلطها لأشغال الرأي العام وإسكات الجماهير بها، فالمطالب التي دعت إلى تنفيذها المرجعية العليا ليست من النوع القابل لعمليات الترقيع التي اعتادت عليها الحكومات السابقة لإنها لو تحققت فأنها ستكون بمثابة التغيير الجذري للواقع المأساوي الذي يعيشه العراق في ظل حكومات تفرزها المحاصصة والمنافع والمحسوبيات، وإن كانت- في ظاهرها - نتاج برلمان منتخب على أساس نظام وقانون انتخابي أشارت المرجعية إلى ضرورة أن يكون قانونا انتخابيا عادلا.

مضى قرابة العام والمنجز سراب قدمنا إليه فلم نجده شيئا، فمالذي تنتظره الحكومة ؟ أتريد انقضاء دورتها بأربع عجاف أخر ؟ أم بكارثة تشبه كارثة الهجمة الداعشية التي كانت على حين غفلة وسوء تدبير وتخبط في الأداء ومحاصصة مقيتة ؟

لنسترجع معا ماجاء في خطبة الجمعة ٢٧ / ٧ / ٢٠١٨ ولن نطرح تساؤلات أخرى حول المتحقق من المطالب فيها فالمرجعية قد بينت الاستجابة من عدمها في بيانها الأخير الذي صدر بمناسبة ذكرى فتوى الجهاد الكفائي في ١٤ حزيران ٢٠١٩ والفترة بين تلك الخطبة وهذا البيان هي قرابة العام الذي تحدثنا عنه.

المطالب التي ذكرت في خطبة ٢٧ تموز ٢٠١٨ هي:

".. من الضروري العمل في مسارين:

أولا ً: ان تجدّ الحكومة الحالية في تحقيق ما يمكن تحقيقه بصورة عاجلة من مطالب المواطنين وتخفف بذلك من معاناتهم وشقائهم.

ثانياً: ان تتشكل الحكومة القادمة في أقرب وقتٍ ممكن على أسس صحيحة من كفاءات فاعلة ونزيهة، ويتحمل رئيس مجلس الوزراء فيها كامل المسؤولية عن اداء حكومته ويكون حازماً وقوياً ويتسم بالشجاعة الكافية في مكافحة الفساد المالي والاداري – الذي هو الاساس في معظم ما يعاني منه البلد من سوء الاوضاع- ويعتبر ذلك واجبه الاول ومهمته الاساسية، ويشن حرباً لا هوادة فيها على الفاسدين وحماتهم.

وتتعهد حكومته بالعمل في ذلك وفق برنامج معدّ على أسس علمية يتضمن اتخاذ خطوات فاعلة ومدروسة ومنها ما يأتي:

1. تبنّي مقترحات لمشاريع قوانين ترفع الى مجلس النواب تتضمن إلغاء او تعديل القوانين النافذة التي تمنح حقوقاً ومزايا لفئات معينة، يتنافى منحها مع رعاية التساوي والعدالة بين ابناء الشعب.

2. تقديم مشاريع قوانين الى مجلس النواب بغرض سدّ الثغرات القانونية التي تستغل من قبل الفاسدين لتحقيق اغراضهم، ومنح هيئة النزاهة والسلطات الرقابية الاخرى اختيارات اوسع في مكافحة الفساد والوقوف بوجه الفاسدين.

3. تطبيق ضوابط صارمة في اختيار الوزراء وسائر التعيينات الحكومية ولاسيما للمناصب العليا والدرجات الخاصة بحيث يمنع عنها غير ذوي الاختصاص والمتهمون بالفساد ومن يمارسون التمييز بين المواطنين بحسب انتماءاتهم المذهبية او السياسية ومن يستغلون المواقع الحكومية لصالح انفسهم أو أقربائهم او احزابهم ونحو ذلك.

4. الإيعاز الى ديوان الرقابة المالية بضرورة إنهاء التدقيق في الحسابات الختامية للميزانيات العامة في السنوات الماضية وجميع العقود والتخصيصات المالية للأعوام السابقة على مستوى كل وزارة ومحافظة، وضرورة الاعلان عن نتائج التدقيق بشفافية عالية لكشف المتلاعبين بالاموال العامة والمستحوذين عليها تمهيداً لمحاسبة المقصرين وتقديم الفاسدين للعدالة.

وعلى مجلس النواب القادم ان يتعاطى بجدية مع جميع الخطوات الاصلاحية ويقرّ القوانين اللازمة لذلك.

وان تنصلت الحكومة عن العمل بما تتعهد به أو تعطل الامر في مجلس النواب أو لدى السلطة القضائية فلا يبقى أمام الشعب الا تطوير اساليبه الاحتجاجية السلمية لفرض ارادته على المسؤولين مدعوماً في ذلك من قبل كل القوى الخيّرة في البلد.

وعندئذ سيكون للمشهد وجهٌ آخر مختلفٌ عما هو اليوم عليه.

ولكن نتمنى أن لا تدعو الحاجة الى ذلك ويغلب العقل والمنطق ومصلحة البلد عند من هم في مواقع المسؤولية وبيدهم القرار ليتداركوا الامر قبل فوات الاوان، والله المسدد للصواب".

في بيانها الأخير في ١٤ / ٦ / ٢٠١٩ أشارت المرجعية العليا إلى المطالب التي لم تتحقق لغاية الآن وأوضحت أسباب ذلك وكما جاء في نصه:

".. ولكن بعد أن وضعت الحرب أوزارها وتحقّق الانتصارُ المبين وتمّ تطهير مختلف المناطق من دنس الإرهابيّين دبّ الخلاف من جديد -مُعلَناً تارةً وخُفْياً تارةً أخرى- في صفوف الأطراف التي تُمسك بزمام الأمور، وتفاقم الصراع بين قوى تريد الحفاظ على مواقعها السابقة وقوى أخرى برزت خلال الحرب مع داعش تسعى لتكريس حضورها والحصول على مكتسبات معيّنة، ولا يزال التكالب على المناصب والمواقع -ومنها وزارتا الدّفاع والداخلية- والمحاصصة المقيتة يمنعان من استكمال التشكيلة الوزاريّة، ولا يزال الفساد المستشري في مؤسّسات الدولة لم يُقابلْ بخطواتٍ عمليّة واضحة للحدّ منه ومحاسبة المتورّطين به، ولا تزال البيروقراطيّة الإداريّة وقلّة فرص العمل والنقص الحادّ في الخدمات الأساسيّة -باستثناء ما حصل مؤخّراً من تحسّنٍ في البعض منها- تتسبّب في معاناة المواطنين وتنغّص عليهم حياتهم، ولا تزال القوانين التي منحت امتيازاتٍ مجحفة لفئاتٍ معيّنة على حساب سائر الشعب سارية المفعول ولم يتمّ تعديلُها، كلّ ذلك في ظلّ أوضاعٍ بالغة الخطورة في هذه المنطقة الحسّاسة، وتصاعد التوتر فيها بعد فترةٍ من الهدوء النسبيّ لانشغال الجميع بالحرب على داعش.

إنّ استمرار الصراع على المغانم والمكاسب وإثارة المشاكل الأمنيّة والعشائريّة والطائفيّة هنا أو هناك لأغراضٍ معيّنة، وعدم الإسراع في معالجة مشاكل المناطق المتضرّرة بالحرب على الإرهاب، تمنح فلول داعش فرصةً مناسبة للقيام ببعض الاعتداءات المخلّة بالأمن والاستقرار، وربّما يجدون حواضن لهم لدى بعض الناقمين والمتذمّرين فيزداد الأمر تعقيداً".

في هذا الجزء من البيان عادت المرجعية بذاكرة الشعب إلى مطالبها التي سبقت تشكيل الحكومة فأشارت إلى:

١ - عودة الخلاف من جديد في صفوف الأطراف التي تمسك بزمام الأمور.

٢ - تفاقم الصراع بين قوى تريد الحفاظ على مواقعها وقوى أخرى برزت من خلال الحرب على داعش تسعى لتكريس حضورها والحصول على مكتسبات معينة.

٣ - لا يزال (التكالب) على المناصب والمواقع ومنها وزارتا الدفاع والداخلية والمحاصصة المقيتة يمنعان من استكمال التشكيلة الوزارية..

٤ - ولا يزال الفساد المستشري في مؤسسات الدولة لم يقابل بخطوات عملية واضحة للحد منه ومحاسبة المتورطين به..

٥ - لا تزال البيروقراطية الإدارية وقلة فرص العمل والنقص الحاد في الخدمات الأساسية باستثناء التحسن الذي حص في بعض منها..

٦ - ولاتزال القوانين التي منحت امتيازات مجحفة لفئات معينة على حساب سائر الشعب سارية المفعول..ولم يتم تعديلها..

هذا بعض مما أشارت إليه المرجعية في خطابها الأخير وفيه بعض ألفقرات التي لها علاقة مباشرة بمطالبها في العام الماضي.. وهي إجابة المراقب للحدث والمهتم بالشأن وقد لاحظ الجميع أن أداء هذه السلطات لم يكن بمستوى الطموح ويمكن لأي شخص أن يخرج بهذا الانطباع فيما لو قارن بين مطالب المرجعية الواردة في خطبتها قبل عام وبين المتحقق من قبل السلطات..

فهل سنشهد حراكا جماهيريا قريبا ؟ وهل سيطور الشعب أساليبه الإحتجاجية السلمية لفرض إرادته على المسؤولين مدعوما في ذلك من كل القوى الخيرة في البلد ليكون للمشهد وجه آخر مختلف ؟

..................

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك