المقالات

أفواه وأرامل ..

2005 2019-07-07

حسين فرحان

 

ببالغ الحزن والأسى ننعى واقعنا المليء بذكريات موجعة ، وننعى أياما مضت من أعمارنا غطاها نقع غبار الحروب فما بانت ملامحها في واضحة النهار ولا شهدنا فيها صفاء الليل ، فانخسف بدرها وانكسفت شمسها وما يزال صوت داعية الخراب يردد : (إني أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، وإني لأرى الدم يترقرق بين العمائم واللحى.) و ( إن للشيطان طيفاً، وإن للسلطان سيفاً. ) .

ببالغ الحزن والأسى ننعى أجيالا أجهزت عليها الحروب فانقطعت ثمرتها وننعى أجيالا أثمرت فخلفت ثمرتها تعيش اليتم .

قد تكون لغة الأرقام مؤلمة إن استعرضنا بها مصيبتنا لكنها قد تكون تذكرة لمن يمارس ترفا فكريا أو بطرا أو يقبع في ملذاته متجاهلا أمة الأيتام والأرامل التي تحيط به وتعيش حياة التقشف والحزن دون أن تزعج صفو أيامه ودون أن يعلم بأن عدد الأرامل قد بلغ أكثر من مليون يصاحب كل واحدة منهن يتيم أو أكثر من يتيم وله أن يقدر العدد النهائي فبحسب وزارة التخطيط إبان حكم العبادي أن العدد قد وصل الى 600 الف يتيم باستثناء محافظتي الانبار ونينوى .

ولو أعدنا النظر بحسابات الوطن لوجدنا أن حرب الثمان سنوات قد خلفت مليون قتيل مع خسائر مالية بلغت 400 مليار دولار تلتها حرب الكويت والحصار الذي خلف ايضا ضحايا الجوع والمرض هذا بالاضافة لضحايا الاجرام البعثي الذي كان يمارس القتل بدم بارد وسط تعتيم إعلامي مشدد كشف عنه بعد سقوطه من خلال المقابر الجماعية التي انتشرت في البلاد ومن خلال اعترافات تلك الرموز العفنة بجرائمها ومن خلال ما تم العثور عليه من وثائق سرية ولم نجد رغم ذلك الحصيلة النهائية للضحايا لكنها بكل تأكيد تشكل أرقاما مرعبة تفصح عن واحدة من أقذر عمليات التصفية العرقية والطائفية في تاريخ البشرية .

ولم يكن العراق بعد الغزو الامريكي بأحسن الأحوال ولم تكن نسائم الحرية المصطنعة الا بداية الأعاصير التي عصفت بهذا الشعب لتأكل منه الفتنة الطائفية والصراعات السياسية واستهتار القوات الامريكية والتفجيرات الارهابية الآلاف من الضحايا وهي كما يلي لغاية 2014 قبيل دخول الدواعش :

-12 ألفا و133 سقطوا في 2003

-11 ألفاً و736 في 2004

-16 ألفاً و583 في 2005

-29 ألفاً و451 في 2006

-26 الفاً و36 في 2007

-10 آلاف و271 في 2008

-خمسة الآف و373 في 2009

-أربعة آلاف و167 في 2010

-أربعة آلاف و153 في 2011

-أربعة آلاف و622 في 2012

-9 آلاف و851 في 2013

-20 ألفاً و169 في 2014

أما بعد ذلك فقد فتحت صفحة جديدة كان عنوانها الأسود هو ( داعش ) ليفتتح مشروعه بقتل 1700 شهيد في قاعدة سبايكر بالاضافة الى مجازر أخرى خلفها هذا التنظيم الشاذ الذي استعان ببقايا الشذاذ من حملة الفكر البعثي حيث أعانوهم على احتلال الارض والعبث بالمقدسات الامر الذي استدعى أن تعلن المرجعية العليا تلك الفتوى المقدسة ليقف الحشد موقفه المشرف ويعطي الثقة والاسناد لسائر صفوف القوات المسلحة فكانت معركة التحرير بسنواتها الأربع ملحمة عظمى خلفت هي الأخرى عددا كبيرا من الشهداء وتضيف لقائمة الارامل والايتام أرقاما جديدة :

٨٠٠٠ قوات امنية

٨٠٠٠ قوات حشد

١٧٠٠٠ جرحى حشد

٣٠٠ مليار دولار الخسائر المادية

قد تكون الارقام غير دقيقة ، لكنها بالنتيجة حقائق مؤلمة فالكيان الأسري العراقي قد تعرض لأبشع الصدمات ولك أن تتخيل ( شهيد .. أرملة .. يتيم ) والاعداد تفوق الخيال لو قورنت بالواقع السكاني ، والقضية برمتها لاينبغي أن تترك دون إعادة نظر واقعية وجادة لتلافي أخطار كارثية كالانحراف والتشرد مع هذا الواقع الاقتصادي السيء وهي بكل تأكيد مسؤولية تقع على كاهل الدولة بكل مؤسساتها المعنية ، وما تزال الدولة مقصرة أشد التقصير بحق هذه الفئات التي أصبح الكثير منها يعيش على هامش الحياة لولا التفاتة بعض الجهات الخيرة كمؤسسة العين التي تعمل برعاية المرجعية الدينية العليا وغيرها من مؤسسات أخرى تعمل جاهدة للتخفيف عن كاهل هذه الفئات المظلومة .

قال أمير المؤمنين عليه السلام : ( ظلم اليتامى والأيامى ينزل النقم ، ويسلب النعم ) .

فلينظر أصحاب القرار - ومن بيدهم إدارة شؤون هذا الشعب - في هذا الأمر ، فلهؤلاء حق في وطنهم فلا تبخسوه فنحن في بلد الأفواه والأرامل ..

قال أمير المؤمنين عليه السلام : ( الله الله في الأيتام لاتغبوا أفواههم ولايضيعوا بحضرتكم ) .

.............

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك