أحمد عبد السادة
في عام 1987 أطلق الدكتاتـــور المقبــور صدام حملة إعمار "غبيـــة" أسماها "إعادة بناء مدينة بابل الأثرية" بالتزامن مع الترويج لشعار "من نبوخذ نصر إلى صدام حسين.. بابل تنهض من جديد"!!، ولا شك أن صدام هنا - بسبب جهلـــه المطبق - تجاهل حقيقة مهمة وأساسية وهي أن الآثار يجري ترميمها فقط ولا يمكن إعادة بنائها، لأنه إذا تمت إعادة بنائها فإنها ستفقد قيمتها التاريخية ولن تعود آثاراً بعد ذلك.
بسبب عنجهيتـــه ونرجسيته وجهلــه واستهتـــاره ورغبته بحشر اسمه بشكل قسري ومتعسف في آثار بابل.. نســــف صدام كل الشروط الأثرية وارتكب جريمـــة كبرى بحق آثار بابل حين طمس معالمها وبنى فوقها بناءً حديثاً بطابوق جديد تضمن طابوقات كثيرة تحمل اسم صدام ليحشرها ضمن البناء (يقال انه من ضمن كل مئة طابوقة هناك طابوقة تحمل اسم صدام!!)، الأمر الذي دفع اليونسكو إلى شطب آثار بابل من لائحة التراث العالمي.
كان صدام يتوقع أنه بفعلته الحمقـــاء والمتعسفة تلك سيدخل التاريخ وسيحجز له مكاناً في سرير الخلود الذي ينام فيه نبوخذ نصر وحمورابي وگلگامش، وهنا وقع صدام في وهم كبير لأن الخلود لا يصنع بالتلفيق والتزوير وحشر الأسماء قسراً في المواقع الأثرية.
الآن.. بعد موافقة اليونسكو على إعادة آثار بابل للائحة التراث العالمي بشرط محو تشويهات صدام الأثرية، لا تقع على وزارة الثقافة والسياحة والآثار فقط مسؤولية إزالة طابوق الجهـــل والغطرسة والاستهتـــار الذي بناه صدام فوق آثار بابل، وإنما تقع على عاتقها أيضاً مسؤولية تحويل بابل إلى وجهة وقبلة للسياحة العالمية كما هو حال الكثير من آثار العالم التي هي أقل من عظمة وأهمية وعراقة بابل بكثير.
https://telegram.me/buratha