( بقلم : حميد الشاكر )
لعل هناك اشياء في ذاكرة الشعوب الحيّة والواعية تترك من الاثر ما لم يستطع الزمان التغلب عليها او النيل من صورتها الثابتة في العقول وفي الضمائر ، ومن هذه الاشياء المؤثرة بعمق في ذاكرة الانسان والشعب العراقي في العصر الحديث هي تلك الصورة الاخيرة لصدام حسين وهو يخرج من تلك الحفرة الاسطورية القذرة بهيئته المرعبة للسلفي صدام حسين بعد ان ماتت صورة البعثي وصاحب السيكار الكوبي وعضو القيادة القطرية في حزب البعث العربي الاشتراكي الرفيق صدام حسين ، وعندها انا احد الناس او واحدا من أولئك الناس الذي تساءل وبتأمل يندر حصوله في تاريخ اي احد منا عن هذه الصورة ولأقول مستغربا : من هو صدام حسين الحقيقي ؟.وهل هو ذالك البعثي الوصولي الذي انتمى لحزب ليوصله الى السلطة مهما كان شكل او نوع هذا الحزب ؟.أم هو ذالك السلفي الذي اخرجته القوات الامريكية من بالوعة الصرف الصحي في احد مزارع غرب العراق بلحيته الوسخة وجلبابه الغريب وهيئته اللامعقولة ؟.هل صدام حسين هو ذالك المتعلمن الذي كفر بالدين والانسانية ليتحول الى جلاد يندر تواجده في الحياة مع سلطة اتته على غفلة من الزمن ليصبح امبراطور العراق بلا منازع ؟.أم صدام حسين هو الوجه الاخر من العملة بلحيته اللادنية القذرة وعقليته التيمية الحاقدة ونفسيته السلفية المنحطة وتراثه الاموي اللعين وباقي عناوين الانغلاق والتطرف ؟.تساءل لايمكن لاحد من شاكلتي ان يمر عليه مرور الكرام ، بسبب بسيط انه السؤال الذي سيحدد فيما بقي لي من ايام شكل المعركة والصراع فيما بعد مع الصداميين والسلفيين الوهابيين من القاعدة ، وليقرر فيما اذا نحن كعراقيين سنقاتل الصداميين القتلة أم القاعديين الوهابية السلفية ؟.نعم ربما هناك من اجابني على هذه الصورة وذالك السؤال : بأنها معادلة بسيطة لوجهين لعملة واحدة ، فالصداميون هم اصحاب عقلية التسلف والسلفية ، بقدر ما ان السلفية التكفيرية هي الصدامية ولكن من جانبها الاخر للصورة ؟.
طلبت من الاخ ان يوضح لي المسألة فاجابني بكل صراحة : ان المسألة ليست بهذه الصورة من التعقيد ، وانما كل مافي الامر ان صدام حسين وامثاله الكثيرون في العالم العربي والاسلامي لهم شخصيتين وهويتين على الحقيقة ، الهوية الاولى : هي تلك الظاهرية بربطة العنق الانيقة واللباس المودرن ، والسيكار الكوبي ، وكذا العقال العربي الانيق كمظهر خارجي للانسان الذي يبدو انه تحضّر !. والهوية الحقيقية الثانية : والتي يحملها كل الزعماء العرب والمسلمين اليوم وهي التي تخرج عندما يفقد الزعيم العربي اي شيئ ، عندئذ تخرج من تحت البدلة العصرية الجلباب القصير الاسود ، ومن تحت النظافة وحلق اللحية ورش الروائح الطيبة ، كثافة اللحى ووسخ السلفية وروائحها المنتنة كدلالة على الزهد الدنيوي ، وكذالك يخرج من تحت عقلية الثورة والتقدم والعصرنة وكل مقالات المتعلمنين العرب ، ذالك السلفي المملوء بغضا لكل ماهو انساني متقدم ، والمتمسك بكل ماهو طاغوتي اموي متفرعن بدوي واعرابي .... وهذه هي القصة ببساطة !.
قصة ان الصورة الاخيرة لصدام حسين السلفي صاحب الحفر والصرف الصحي واللحية اللابشرية والاسنان المتعفنة وباقي الاشياء التي لاتوصف تحت هذا الكائن ...، هي هي التي كشفت حقيقة صدام حسين البعثي والرفيق وصاحب السيكار وافتعال التحضر وباقي عناوين النفاق السلفي السياسي الذي ابتلي فيه الكثير ممن هم على شاكلة صدام حسين وبنفس العقلية العقدية التي يحملها هذا الكائن اللابشري ايضا !.
ان ابن لادن وغيره من قدماء السلفية كأبن تيمية وغيره من الحاقدين على كل ماهو اخر انساني وفكري هم انفسهم كذالك يحملون نفس العقيدة التي كان يحملها صدام حسين ، وماهذا الاجرام المنقطع النظير الذي يشاهده العالم للارهاب السلفي الوهابي او الارهاب القومي الصدامي او اي ارهاب اخر في المنطقة العربية والاسلامية اليوم في الجزائر وفي المغرب وفي مصر وفي العراق .......... وفي جميع انحاء العالم العربي والاسلامي ماهو الا وليد ثقافة موحدة ووحيدة جمعت بين انتاج صدام حسين في جهة بنفس اللحظة التي انتجت فيها ابن لادن والظواهري وابو فلان وابن علانة والحبل على الجرار في هذه الامة الغائبة عن الوعي !؟.
تمام ان المشكلة هي ليست مشكلة مصالح وسياسات ولارؤى ونظرات بل هي مشكلة ثقافة وعقيدة لم تنتج وسوف لن تنتج سوى القتلة والمجرمين والسلفيين والصداميين الى اخر الدهر ، وواهم ومسكين من يعتقد ان هناك نقطة التقاء بالامكان ايجادها بين هذه الثقافة ومنتجها الاجرامي في الحياة ، وبين ان تكون هناك فسحة من التعايش السلمي مع هذه الثقافة السلفية بمنتجها اللابشري !.
اليوم في العراق وتحت هذه الموجة من الارهاب العنيف يتصدر قائمة الارهاب اللعين الصداميون كأحد اقطاب الانتاج الارهابي في العراق ، والقاعديون الوهابيون كمنتج للارهاب العالمي والمصدر لتوابيت الموت الفجائية المتفجرة ، والحقيقة انه ليس بامكان العراقيين الانتصار على الارهاب اذا لم تحدد امامهم بوصلة المعركة وبكل دقة وهل هي مع الصداميين القتلة أم مع الارهابيين السلفيين السفلة ؟.
حارث الضاري كأحد قادة الصداميين المجرمين والسلفي الاموي الحاقد يعلن وبكل وضوح : انه ليس هناك قاعدة غريبة في العراق اليوم ، وانما القاعدة هي الصداميون والصداميون هم القاعدة !. اي ان هذا الاعرابي الارهابي حارث الضاري يقول وبكل وضوح ان قتلة العراقيين الحقيقيين هم ليسوا اؤلئك الغرباء من السعوديين او اليمنيين او الفلسطينيين او الاردنيين او ماشاكل ، وانما من يقوم بقتل العراقيين اليوم هم الصداميون ولكن بعد ان تركوا لبس الاربطة وتحولوا الى لبس الجلابيب القصيرة ، وبعد ان اقلعوا عن تدخين السيكار الكوبي ليضعوا المسواك بدلا منه ، وبعد ان حرموا شرب المسكرات ليتعاملو مع البيرة الاسلامية من حبوب الشعير السعودية ، وهكذا حتى ننتهي الى معادلة تحول الصداميين من الحزب الى القاعدة وهذه هي الخلاصة ؟!.
صحيح ما اورده الارهابي حارث الضاري ودقيق بنفس الوقت ، كما انه هو العبرة التي لاينبغي ان يغفل عنها العراقيون عندما نقول ان عدوهم الحقيقي هو ليس القاعدة وان كانت منظمة دولية اجرامية ، الا ان العدو الحقيقي للعراقيين هم الصداميون الذين يمثلون قواعد انطلاق ومنصات موت للعراقيين عندما ترسل القاعدة قنابلها الموقوتة للتتفجر في اي مكان يخطط له الصداميون بكل قسوة ليكون سوق الغزل او غيره اهداف الصداميين الاجرامية ؟.هل يحتاج العراقيون ان يذكروا بهذه الحقيقة ؟.وهل هم بحاجة الى ارشادهم على هوية عدوهم الحقيقي ؟.لا اعتقد ذالك فالعراقيون اذكى بكثير من ان تنطلي عليهم لعبة الصداميين من جديد ، ولكن ذكرّ فان الذكرى تنفع المؤمنين !.
https://telegram.me/buratha