سجاد العسكري
شهدت البشرية على مختلف العصور التاريخية صراعات وحروب دموية بين الامبراطوريات وشعوب, او قوى متصارعة حتى على مستويات اقل تشمل القبائل ومجتمعات صغيرة كانت تعيش حالة من حالات الابادة , وفي كثير من الاحيان تكون جماعية لشيوخ واطفال ونساء وبيوت ..., والغرض منه هو السعي لتوسع اراضيها واخضاع الاخرين تحت دائرة نفوذها , وهي على استعداد كامل ان تفني كل من بواجهها او يعرقل مسيرة توسعها .
والتاريخ يحدثنا و يلعن الطغاة فرعون وتيمورلنك وهولاكو ...والمد الاستعماري الاوربي ولازال ,لكن باسلوب مختلف ,اما من ناحية الاثار فهي نفس الاثار القتل والنهب والحرق والدمار والخراب والقسوة , نعم فالبشر كانوا ضحايا تلك النزوات والميول والاطماع لأباطرة وحكام وملوك وقادة جيوش وقبائل ممقوتة ؛لترتكب الجرائم والمجازر الجماعية الشنيعة وهدفها الابادة الكاملة سواء كانت اثنية او دينية مذهبية .
وقد شهد مطلع القرن العشرين ابادة جماعية شنيعة ليصدر بعدها ميثاق الامم المتحدة لعام 1948م الذي هدف الى منع تكرار تلك الجرائم ضد الانسانية ,لكن هل توقفت هذه الجرائم ؟ ففي العراق قام النظام البعث المجرم بمذابح ومقابر جماعية طائفية لطلبة الحوزة العلمية ولكل من ينتمي او يميل لهم , وكذلك في الانفال وابادة الكورد , وغيرها من التعاملات التي تهدف الى الابادة عبر الحصار والتجويع والتخويف ..., وكل هذا تحت نظر المجتمع الدولي فماذا فعلوا له؟ نعم الحصار الاقتصادي وهم على علم ان صدام المجرم وحاشيته لن يتاثروا به ,لكن قصدهم قتل وابادة الشعب ,بمعونة امريكا وحلفائها والامم المتحدة ايضا شريك في هذه المؤامرة ,فلما اصبح هذا النظام بلا فائدة انقلبوا عليه.
ولم تتوقف هذه الابادة للشعوب بل استمرت ولكن بشكل جديد عبر مؤامرات واتفاقيات كـ(سايكس-بيكو) و(وعد بلفور)..., فتطورت اكثر لتعقد مؤتمرات قمة في الرياض , والبحرين , واليابان , والشعوب تقتل بفعل قمامة قممهم ,واخرى قاعدة وداعش ومجاهدين وثوار العشائر وترفع شعارات الموت للرافضة وللمد الصفوي وغيرها من تفاهات التي حشو عقول شعوبهم وشبابهم بها ليمتلئو حقدا وكراهية.
فاذا تحدثنا عن الابادة فالجميع يتذكر السكان الاصليين لأمريكا وهم الهنود الحمر كيف تعرضوا لأبادة جماعية ومن الطرق التي استخدمت لأبادتهم عبر بث مرض الجدري بينهم للقضاء عليهم, فعند النظر بتمعن تصرفات الدول الكبرى المهيمنةعلى القرار العالمي ومنها امريكا وخصوصا على مايصدر من افواههم من تهديدات ووعيد واخرها ماقاله ترامب في تويتر (بأن هجوم من جانب ايران على اي شيء امريكي سيقابل بقوة كبيرة وكاسحة وفي بعض المناطق بأن كاسحة ستعني الابادة) وهو في الحقيقة مستمر في ابادة هذا الشعب عبر العقوبات والحصار الاقتصادي وهي ابادة بطيئة .
نعم قد تكون الاسباب التي تقف وراء تلك التصريحات والجرائم بالاضافة الى العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية , ايضا عوامل وابعاد سيكلوجيا اي نفسية في سلوكهم ومدى وعيهم , في السيطرة واخضاع الاخرين لأنها من العوامل المشتركة في جميع جرائم الابادة الجماعية عبر العصور , وهذه الابعاد تتميز بالخوف والحذر وفقدان الثقة لذا تلجاء باستخدام اساليب الخداع والمكر والكذب والعنف ضد كل من يقف امامهم ولا يظهر الولاء ,لذا تبرز لديها نزعة الانتقام .
فجذور الابادة عميقة في تاريخ الشعوب المتسلطة ومنها امريكا وحلفائها وهي نفس الممارسات القديمة , لكن باسلوب تهدف الى تدمير كل المقومات الاساسية للشعوب والبلدان المقاومة لدائرة النفوذ والتاثير الامريكي التي تدعي تطبيق العدالة والحرية المزعومة الموهومة وهي في نفس الوقت تخفي انانيتها وحرصها على مصالحها الذاتية .
https://telegram.me/buratha