المقالات

مواطنون لا يشعرون بالمواطنة


عبد الكاظم حسن الجابري

 

تُعَرَّف المواطنة؛ بأنها الإنتماء إلى مجتمع واحد, يضمه بشكل عام, رابط إجتماعي, وسياسي, وثقافي موحد, في دولة معينة.

هذا الإنتماء؛ يلقي على عاتق الفرد "المواطن", مسؤوليات تجاه بلده, تقابله حقوق تمنحها له الحكومة, التي تدير شؤون ذلك البلد, وطبقا لنظرية جان جاك روسو "العقد الإجتماعي" فإن المواطن له حقوق إنسانية, يجب أن تقدم إليه, وهو في نفس الوقت, يحمل مجموعة من المسؤوليات التي يلزم عليه تأديتها, وينبثق عن مصطلح المواطنة مصطلح "المواطن الفعال", وهو الفرد الذي يقوم بالمشاركة في رفع مستوى مجتمعه الحضاري, عن طريق العمل الرسمي الذي ينتمي إليه, أو العمل التطوعي.

هذا التقابل في تحمل الواجبات, والحصول على الحقوق, يرسم ملامح الدولة العصرية, التي يشعر فيها أبناءها كلهم, بقوة الإرتباط والتضحية لأجل الوطن.

في العراق وعلى مر تأريخه – وخصوصا الحديث والمعاصر- تعاقبت حكومات مختلفة على تولي إدارة هذا البلد, ما بين إداراة إحتلال وإدارات "مستوردة" وإدارت محلية لكنها دكتاتورية.

هذه الحكومات؛ تصرف بشكل إستعلائي على المواطن العراقي البسيط, وأصبحت إدارات سلطة, تفكر في بناء نفسها ومعيتها فقط, وعلى المواطن أن يتحمل ما يتحمل, في سبيل الدفاع والحفاظ على بقاء هذه الإدارات في مكانها.

بعد 2003 والتغيير الذي حصل في العراق, ورغم إن التغيير جرى على يد أجنبية, إلا إن بارقة أمل إرتسمت -مع حلول الديمقراطية الجديدة- بأن المواطن سيكون له اليد الطولى, في رسم شكل الإدارة الجديدة للبلد من خلال الإنتخابات.

بالفعل؛ جرت الإنتخابات, وتشكلت الحكومات, وقال المواطن كلمته, وصعد "المواطن الفعال" إلى منصب القيادة.

لكن وللأسف! كل الحكومات المشكلة ما بعد 2003, لم تكن بالمستوى المطلوب, وصارت حكومات تسعى لبناء نفسها وكتلها وأتباعها, على حساب المواطن البسيط, وأصبحت الأزمات والفشل الأقتصادي, والتردي الأمني, سمة تلازم الحكومات العراقية المتعاقبة, هذه الأوضاع إنعكست مباشرة على حياة المواطن البسيط, الذي صار يعاني من الحرمان ومن الخوف بسبب إختلال الأمن.

هذه المعاناة أثرت على قوة شعور المواطن بالهوية الوطنية, أو قوة الإنتماء لهذا البلد, فالمواطن حينما يرى أن النموذج المفترض أن يكون صالحا, صار بؤرة للفساد, وعدم إحترام القانون, وإن أغلب المتصدين يعملون بأجندة أجنبية, جاءت بالخراب والدمار لهذا البلد سيقل شعوره بالانتماء الوطني.

إن تعزيز الشعور بالإنتماء الوطني, يأتي من خلال شعور المواطن بان القانون يطبق على جميع أبناء البلد, مهما كان منصبهم, وكذلك الشعور بأن جميع المواطنين بما فيهم المواطن الفعال, حريصون على أمن بلدهم, ويسهمون مع إخوتهم في الدفاع عن البلد, وهذه المسؤولية تقع على عاتق الحكومة التي يجب عليها أن تفرض إجراءات صارمة في سبيل تطبيق القانون على كل أفراد المجتمع دون إستثناء وشمولهم بمبدأ الحقوق والواجبات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك