سجاد العسكري
(ان الغرب المسيحي في حالة حرب مع الشرق الاسلامي) قول على لسان مايك بومبيو وزير الخارجية الامريكية الذي زار العراق بصورة سرية وسريعة استغرقت اربع ساعات , واقتصرت بشخصيات , وهذه الزيارة تذكرنا بزيارة ترامب السرية في وقت سابق واجتمع في قاعدة عين الاسد وكتفى بالاتصال بالمسؤلين حينها , وعلى مايبدوا ان الزيارتين تحمل نفس المضمون في ظل ظرفين متشابهين ؛ولكن الثاني اكثر تعقيدا وتصعيدا , وكذلك اكثر جرءة من زيارة رئيسه الاشقر الخائف.
فمنذ تسنم بومبيو وزارة الخارجية في ادارة البيت الابيض انيط له استلام عدة ملفات خارجية بالغة الاهمية يمكن وصفها اقتصاديا عسكريا بالساخنة , منها الاتفاق النووي الايراني ورغم انسحاب ترامب الا انه مازال يشغل الادارة الامريكية , وكذلك نزع وتفكيك الصبغة النووية عن شبه الجزيرة الكورية , بالاضافة الى ملفات الشرق الاوسط المعقدة والساخنة كالقضية السوريا واليمنية , ورفع الادارة الامريكية شعار مكافحة الارهاب واحلال الديموقراطية الامريكية!
هذه الزيارة السرية لعلها تحمل خبرة بومبيو التي قضاها مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA) , وكذلك خبرته كعضو في لجان الاستخبارات والطاقة والتجارة في مجلس النواب الامريكي ! هذه الخبرة هل ولدت السرية لهذه الدرجة العالية بحيث يأتي رئيس اكبر دولة (ترامب), وكذلك وزير خارجيته سرا الى العراق ام هو خوف ؟ فأن كان خوف فمن ماذا الخوف ؟
قد يكون الخوف من طبيعة الزيارة , ومن مضمون ماتحمله , فعموم الزيارات الامريكية تحاول زج العراق في الصراع الدائر في المنطقة , وان يكون موقف الحكومة داعم للارادة الامريكية , وان يقف في الحفاظ على المصالح الامريكية في العراق والشرق الاوسط ,لأنهم اصحاب (امريكا اولا) ! نعم فهي لا تفكر الا بمصالحها ,فعندما يريد العراق ان يفكر بمصالحه ومصالح الدول التي قدمت الدعم الحقيقي في ايام المحن والازمات له , ويميزها عن غيرها من الدول التي دعمت الارهاب والطائفية وعدم الاستقلال والاستقرار السياسي والاقتصادي والامني , من الطبيعي ان تأتي الزيارات سرية وتحمل اجندة , ولهجة قاسية بعيدا عن السياقات الدبلوماسية .
فالخوف الامريكي من ان العراق اخذ يخرج عن السيطرة الامريكية , وخصوصا في حكومة عبد المهدي التي جاءت رغم انوفهم ومخططاتهم , وموقفها من قضية فرض العقوبات على الجارة ايران , واقرار البقاء على الحشد الشعبي المقدس كجهة داعمة وله وجود واقعي ورسمي في الدولة , وغيرها من التحركات التي تبعث رسائل لأمريكا وحلفائها بأن العراق داعم لمحور المقاومة والتحرير ويقف مع قضايا الامة المصيرية منها فلسطين , واليمن...
امريكا تحاول ان تضم العراق الى ركائزها الرئيسية في المنطقة ومنها اسرائيل ودول الخليج ؛لكنها تواجه بالرفض من العراق في كل مرة ,لأنها على علم بأن اسرائيل ومصالحها اخذت بالتقلص وخصوصا تل ابيب التي اصبحت شبه محاصرة ,لذا فهذه الزيارات السرية والقصيرة والمفاجئة تحمل التشويش والضغط على القرار العراقي وتخرجه من موقف السيادة والقوة الى موقف التبيعة والضعف .
وكما قال بومبيو (ان الغرب ...في حالة حرب مع الشرق الاسلامي) وهي نظرية قائمة للادارة الامريكية ووزير خارجيتها , فالزيارات السرية هي نوع اخر من انواع الحرب ,لأنها على يقين لو كانت علنية فأنها ستواجه بالرفض من العراقيين , لذا تحاول ان تبقى العراق ساحة حرب لسياساتها واطماعها , وان تخلق نزاع بين العراق ودول جواره ومنهم ايران , فهي نجحت بفعل التبيعية والهيمنةعلى الخليج ,لكنها فشلت ان توقع مابين العراق وايران لحجم المشتركات بين الدولتين , وعلى امريكا ان تعي وتدرك متى ماتعرضت احدى الدولتين لخطر فأن الاخر لن يقف مكتوف الايدي.
https://telegram.me/buratha