المقالات

دراجة ب٥٠ الف... من يشتري؟؟

1587 2019-04-25

احمد لعيبي

 

في سوق النجف كانت دراجة ذلك الصبي تخترق الطرق الضيقة من أجل أن يوفر لقمة العيش لأمه التي سهرت وربت ليكون هذا الفتى اليتيم كل سلوتها في هذه الدنيا...
كانت دراجته متعبة جدآ مثل قلب امه وكانوا يسمون تلك الدراجه ب (الذبانه)لصغرها وطنينها الذي يشبه صوت الذبابه..
كان يضع الحلوى وبعض الأشياء التي يحصل عليها من نقل الحاجات بجيب خاص لأمه التي كان يأخذ قلبها عندما يذهب صباحآ ويجعلها مثل خشبة يابسة حتى يعود عند المساء وهو يحمل لها اكياسا صغيرة من عمل يومه بدراجته الشهيرة التي فاقت دهين احمد الياسري في النجف..
كانت كثيرآ ما تتعطل تلك الدراجه ويصلحها فلا يجد شيئآ يأخذه لأمه فيستدين من البعض ويعطي لأمه دون أن يخبرها بعطل دراجته الذبانه...
كانت الأم تضع رأسه في حجرها وتحكي له قصة صبرها ومعاناتها وكيف ربته وكان ذلك النجفي يبكي بفخر وصمت وشعور بالمسؤولية تجاه تلك المرأة ذات القلب المتعب بالروماتيزم من رطوبة الغرفة التي تسكنها...
في أحيان كثيرة كان يفتش في اكياسها عن علاج الروماتيزم الذي تأخذه فهي تتركه في أحيان كثيرة بحجة النسيان كي لا ينفذ ويضطر ولدها لشرائه وهو لا يملك ثمنه..
وانتبه لهذا الأمر بفطنته فكان يقدم لها الدواء بيده ويجلبه لها كلما شارف على النفاذ فلقد اكتشف ان دواء الشهر الواحد تأخذه في شهرين من أجل توفيره...!!
كثيرا ما كان يجلس بدراجته امام علي بن أبي طالب عليه السلام ويبكي بعد ان يناجي علي بصمت...
وبينما هو صامت امام علي سمع وشاهد الناس مضطربة تتجمع للذهاب للجبهة فهناك معركة وعدو اسمه داعش وكانت هناك فتوى صدرت هذا اليوم بالجهاد الكفائي...
إستجمع قواه ويتمه واقترب من التجمع وسمع ان هناك سيارة تتوجه لمحيط سامراء للدفاع عن القباب والمقدسات وان الوضع هناك خطر جدآ..
المحزن أن أجرة السيارة كانت خمس وعشرين الفآ...
لم يتردد لحظة واحدة في ان يذهب للسوق ليعرض دراجته الذبانه للبيع وسط ذهول اقرانه...
فكان يصيح من يشتري دراجتي...ويكسب ثواب..من يشتري واجره على الزهراء...
كانت دراجته كثيرة العطل لذلك لم يشتريها احد وهو لم يفصح عن سبب بيعها للناس..
حتى جاءه شخص وقال له(عمي تبيع ب٢٥الف )فقال له بتوسل (عمي والله مكلفتني هواي سويهن ٥٠ لخاطر الزهرة واخذها )..اشترى الرجل الدراجه واخذها من ذلك الصبي..
الذي ركض إلى امه ووضع بيدها ٢٥الفآ وقال لها(يمه يكولون سامراء بخطر وداعش طاب واصلها وهسه المهدي كلبه مشعوب وزحمه منه ومن الله مانروح نحمي اهله )صمتت امه للوهلة الأولى وقالت له(يمه اني محد عندي غير ووجهك يمه مال واحد رايح مايرد بعد..الله وياك يا بعد اهلي )..عانقته ولم تبكي ولكنها كانت مليئة بالدمع والحسرة والوجع..
ذهب ليلة الفتوى إلى سامراء ودفع اجرة النقل وهو يسترجع شريط ذكرياته وعلى شريط سامراء كان هناك تعرض بالهاونات والقناصات فوقف على الساتر ليدافع عن وطن باع فيه كل يملك من أجل أن يدافع عنه...
أصابته رصاصة قناص في المكان الذي طبعت فيه امه قبلة الوداع الاخيرة ورحل إلى الله شهيدآ مضرجآ بدمه وفقره وحسرة امه التي اخبرته انه رحيله الاخير..!!

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك