ليث كريم
تتعدد اشكال العنف في مجتمعنا بين الجسدي و اللفظي وغيرها , وما لهذه الظاهرة من دور سلبي في الحياة الاجتماعية , وتعطيل عجله التقدم , وتشتيت للطاقات , كما ان تنامي هذه الظاهرة بالشكل مرعب الذي وصل الى الحد الذي لا يمكن ان نغفل عنه , فما هي اسبابه وطرق معالجته ؟ وهل تستطيع مؤسسات الدوله لوحدها معالجه هذا الوباء الفتاك ام ان المعالجه مسؤولية الجميع ؟ .
العنف بصورة عامه هو كل سلوك يؤدي الى الاذى بالآخرين , جزء منه موروث من التعصب الطائفي والقبلي , والجزء الاخر انعكاس لتفاعلات الذات البشرية مع والظروف , كتراكمُ الشعور بالإحباطِ ، وتدنّي مستوى ثقة الفرد بنفسه وعجزُ الفردِ عن مواجهةِ مشاكِله وحلِّها والتخلُّص منها , كذلك نزعةُ التحرُّرِ من السُّلطة والرغبة في الاستقلالية وتحمّل المسؤوليَّة , وضعف مهارات التواصل وبناء العلاقات ألاجتماعية , واضطرابات الشخصيّة الانفعالية والنفسيَّة , كذلك عقدة النَّقصِ والشعورِ بالحرمانِ العاطفي والفشل , والبُعدُ عن الله تعالى , وإدمانُ المخدِّرات , والانانيَّةُ و الكبر وعدمُ القدرة على ضبط الدوافع العدوانيَّة , و يبرُزُ دورُ الإعلامِ في تنميَةِ ظاهرةِ العنف وتفشِّيها نتيجةَ الظُّهورِ المتكرِّر لمشاهد العنفِ بأنواعه وترويجها عبر البرامج التلفزيونيَّةِ والأعمالِ السينمائية كنوعٍ من الإثارةِ والتَّسلية ، لتظهر انعكاساتُ هذه المشاهدِ في شخصيَّاتِ المُراهقينَ و سلوكياتهم ؛ إذ تتشرَبُ أفكارهم مثلَ هذه المشاهد ، وتُصبحَ واقعاً في حياتهم ألعملية , ومن مَظاهرِ الإعلام المسبة للعنف , المُبالَغةُ في تصويرِ العنفِ كَسلوكٍ مثيرٍ و مَقبول ، وترويج المجرمينَ كأفرادٍ خارقين يقومون بعمليَّاتٍ بطوليَّةٍ , كما ان تكرارُ ظهورِ العنف في الدراما والبرامج الإعلاميَّة يَنزعُ منهُ طابع الخطورةِ و الأذى ، ليصبحَ على المدى الطويل وسيلةً مقبولةً لدى الأفراد لمُواجهة المواقف والصّراعات ، وتقليد السُّلوكِ وانتشارِ الجريمة , كما ان انتشار بعض الالعاب الالكترونية المشجعه للعنف زاد من سعير هذه الظاهرة بشكل كبير وتفاقمها , هذه الانعكاسات تسري كالنار من تحت الرماد , ومع اي خلاف شخصي او ترويج لحاله طائفيه او قبليه تتفجر جميع هذه الطاقات السلبيه مخلفتا دمار كبير و ازهاق للأنفس .
وقد تجرع للعراق النصيب الاكبر من هذا السقم بسب الحروب الطويلة و ما ترتب عليها من حالات تشتت للأسر , و زيادة نسب الفقر والبطالة وغيرها , هذا التأزم وارتفاع حده التوتر في المجتمع العراقي منح الفرصه لكل المتربصين من اعداء هذا الشعب لإشعال النار الطائفية وتضخيمها اعلاميا , فكلفت العراق وشعبه ما لا يعوض من الخسائر البشرية والمادية .
كذلك هو العنف القبلي في العراق فقد تفاقم الى حد كبير بفعل بعض مفاهيم الجاهليه وتهاون السلطة عن ردع المتمردين على النظام , وما له من اضرار على الحياة العامه , فقد تسبب بمقتل عدد كبير من الابرياء , بالإضافة الى دمار هائل في الممتلكات , كما تسبب بهروب عدد كبير من الشركات الاستثمارية و الغاء عقودها .
ولانغفل العنف الاسري فالأطفال والنساء من اكثر ضحايا ه في المجتمع العراقي برغم حملات التوعية والنشاطات لبعض المؤسسات الغير حكوميه .
واقعا لا يمكن معالجه هذه الظاهرة الخطره في المجتمع بالتجربة و الخطأ , وإنما بالاستفادة من تجارب الدول التي نجحت نجاح كبير في القضاء على هذه الظاهرة مثل فرنسا , والتي اعتمدت بشكل كبير على المؤسسات المجتمع المدني في التوعية الثقافيه , وأقامه المنتديات والندوات للقضاء على العنف , كذالك اشاعه اجواء المحبه بين افراد المجتمع من خلال زرع روح الاخاء في المناهج التعليمية , والحزم في مواجه العابثين في الامن.
https://telegram.me/buratha