المقالات

ثمار الإعلام ضمير أم وعي؟!

3072 2018-12-16

أمل الياسري


(عندما يكون الإعلام مثل قطعة النقود بوجهين فإنه سيقضي كل مسيرته يتنقل بين جيوب الناس) وبما أن الإعلام اليوم بدور هائل في تشويه الحقائق عن العراق، لصالح أهداف باتت معروفة للجميع، لذلك تقع على القنوات الشريفة مسؤولية كبرى في هذا المجال، لأنهم أمام ملف كبير، لوضع الخطط الإعلامية العملية لتنفيذها خدمة لأبناء العراق.
مفردات أبجديات الخطاب الوطني الناضج، لا تتوقف عند محطات الطائفية، أو المذهبية، أو العرقية، بل تمثل خطاباً لكل أبناء الوطن دون تمييز وإقصاء، كما أن الاعلام الرسالي لا يختلق الأعداء، ولا يؤمن بنظرية المؤامرة، ويتعامل بمنطق الإحتواء، والإستيعاب، والإحتضان، ويدفع الناس للإنسجام مع الحق، وهذا ما يريده المشاهد، أو القارئ، أو المستمع المعتدل.
العراق واجه بعد عام (2003) ماكنة إعلامية سوداء لضربه من جميع الجهات، لكنه كان دائماً ما يؤكد على التمسك بالثوابت الوطنية العليا، والحفاظ على وحدة البلد أرضاً وشعباً، لذا وجب إستنكار الخطاب التحريضي المغرض، المتآمر مع الأعداء، الذي يتخندق بجانب الإرهاب والفساد بكل أشكالهما، حين تبث الأخبار الكاذبة، سعياً لخلق الفوضى وزعزعة الإستقرار.
في عالمنا اليوم هناك ما لا يقل عن (خمسة ملايين) إعلامي إرهابي، خارج مفهوم الإعلام الصادق، والكلمة الحرة، وخارج نظاق أخلاق المهنة الاصيلة، لكننا لا نرى هؤلاء إلا بأعداد قليلة على الشاشات الملوثة، حتى فقدت بعض وسائل الإعلام مصداقيتها، خاصة بعد أن زمرت للدواعش وأذنابهم، وإندفعت بإتجاه خلق الأزمات وتفقيسها بدلاً من إطفائها.
طبيعة التنافس في المؤسسات الإعلامية لا يرتبط بأسلوب العرض، بل بمضمون ما يعرض من معلومات وصور، وفكر وما الهدف منه؟ هل هو مرسوم؟ مختلق؟ مدبر؟ معد؟ وعليه فلابد من توخي الحذر والدقة، عند إطلاق التصحريحات في وسائل الإعلام، والإعلام الناضج يصنع شعوب واعية متصالحة مع ذاتها، قادرة على صنع الإنتصار مهما كلف الأمر.
ذات مرة قال النازي الألماني غوبلز: (أعطني إعلاماً بلا ضمير أعطِك شعباً بلا وعي) والحقيقة إن إعلام اليوم لا يصنع رأياً فقط، وإنما يؤثر في العقول ويحركها، ولم يعد واصفاً للحدث أو ناقلاً له وإنما صانعاً له، وبالتالي فالإعلام الظلامي يعيد الشعوب خطوات كبيرة الى الوراء، ويخلق حالة من الجمود، والتراجع، والإنكسار. 
إشراقة الإعلام الشجاع الوطني، إتضحت جلياً في الوقفة البطولية لأبناء العراق، وتلبية نداء المرجعية الدينية العليا بعد (10/ حزيران/2014 )، حين حاولت عصابات من الصعاليك إستباحة الأرض والعرض، فكان للإعلام دور كبير، لشجب وإستنكار الخطاب الطائفي، وضد مَنْ يحملون نفايات فكرية، حيث هي أشد خطراً على المواطن العراقي، من النفايات الموجودة في الشوارع. 
هناك شعوب تعاني الضياع الفكري، لأنها تواجه ضغوطاً هائلة من الهلوسة الإعلامية الموجهة، وتعد أخطر أسلحة العصر فتكاً، فالحروب الإعلامية باتت تبدأ بقرارسياسي وتنتهي بهدنة، ثم أن خلق الوعي هو مهمة الإعلام الأساسية، ومن أصعب المهام وأقدسها، فكما هناك إعلاميون فاقدون للضمير الإنساني، هناك أيضاً إعلاميون، يتميزون بالصدق والإعتدال، ومهمتهم صناعة الوطن وإحياءالأمة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك