المقالات

معضلة البرامج السياسية في الإعلام العراقي


 

عزيز الابراهيمي
 

 

 

يصاب الإنسان بالقرف, حينما يتابع أغلب البرامج السياسية المختصة في الشأن العراقي, وهذه الحقيقة يدركها أكثر العراقيين, لإدمانهم مشاهدة هكذا برامج, و لا يوجد شك في إن رقي الإعلام بصورة عامة, وقيمة المعلومات والتحليلات التي يسوقها, تساهم بدرجة كبيرة في تنوير الرأي العام والعكس بالعكس.
لاشك ان تبعية اغلب المحطات التلفزيونية, وعدم استقلاليتها يؤثر كثيرا على نوعية المادة التي تطرحها, فكل يريد تصدير افكاره ومشاريعه للرأي العام, وهذا حق لايمكن سلبه, ولا التعويل على انقضائه في الافق المنظور, ولكن ثمة أمر اخر يمكن ان يساهم مساهمة فعالة في توهين قمية اغلب البرامج السياسية, وهو نوعية الاشخاص الذين يتم اللقاء بهم, والذين يتاح لهم الوقت الكافي في طرح ما يروه من مواقف وتحليلات, ولو اردنا تصنيف هؤلاء لنجدهم في الاعم الاغلب لايخرجون عن صنفين الاول هم البرلمانيون, والثاني هم الأكاديميون ولك واحد من هؤلاء مشاكل تتعلق بقمية الطرح الذي يسوقه.
البرلمانيون اليوم تمددوا كثيرا على ساحات البرامج السياسية, إذ لا يخلوا أي برنامج سياسي من استضافة احدهم, سواء كان الموضوع يهتم باقتصاد البلد, او أمنه, او سياسيته الداخلية, او الخارجية, وتجد احدهم في جميع تلك الحقول يعطي رأيا, وكله ثقة بصوابية ما يقول, والحال ان اغلبهم يجتر الترهات, التي لا تورث وعيا في المتلقي, أضف الى ذلك, فان اكثرهم يغازل الجمهور, ويبتغي من كل كلمة يقولها حظوة انتخابية في المستقبل, وهذا بالضرورة يجعله لا ينطق الا كثيرا من التحريض المغلف بالحماسة التي يستسيغها الشارع, وهذه من أهم المشاكل التي تواجه اغلب البرامج السياسية ولا نعلم سبب إصرار القنوات التلفزيونية على هذا النهج البائس.
الأكاديميون بدورههم لم يقدموا بديلا صالحا لضيوف البرامج السياسية, فمشكلة هؤلاء إنهم متخمين بالعقل النظري والإغراق بالتصنيفات التي ألفواها في جامعاتهم, فضلا عن حرص البعض منهم على تكلف الشواهد والمفاهيم بغية التميز, فضلا عن عدم المتابعة اليومية للأحداث فتجدهم يرجعون في استدلالهم الى كبريات المسائل, لأخذ الموقف وليس من خلال متابعة متفرقات الأحداث والربط بينها. 
حدسي إن ما ينقص تلك البرامج, هو وجود محللين مختصين بالشأن السياسي, ومتابعين للأحداث بشكل يومي, على ان يكونوا بعيدين عن الانحياز إلى إحدى الجهات السياسية, فان أمثال هؤلاء كفيل بإعطاء رؤية صائبة للمشاهد, ووعي بالأحداث, ولعل هذا الأمر مما لا ينجز بقرار حكومي, بل هو متعلق بثقافة ومزاج شعب يجبر الإعلام على مسايرته, ولكي لا يكون كلامنا في الهواء الطلق, أود ان أذكر مثالا جيد يمكن القياس عليه وهو السيد عبد الكريم خلف المتخصص بالشأن الأمني, فالرجل يعطي رؤية أمنية ناجمة عن متابعة تفصيلية للأحدث, التي يصنعها المجاهدون, فكم جميل ان نرى مراكز للبحوث والدراسات تصدر للإعلام باحثين ومحللين قادرين على انتاج وعياً بعيدا عن العاطفة وخطاب الحماسة الفارغ.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك