المقالات

عادل عبد المهدي وتصحيح المسار..!


احمد الشمري

لم يتم اختيار مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا إلا من خلال سجالات ومواقف متشنجة رافضة التنازل عن الترشيح، ورفض من قبل الشركاء للمرشحين، كما حصل في رغبة الجعفري بالترشيح لولاية ثانية في 2006، والمالكي في إصراره على الترشيح لولاية ثالثة في 2014.

يختلف مخاض المكلف بتأليف الحكومة هذه المرة تماما عن مخاض تسمية المكلف في الحكومات السابقة ، فلم يعد مرشح تسوية ولا يبرز اسمه كبديل عن مرشح آخر . 
عبد المهدي هو الذي حدد شروطه، وشخّص التحديات التي ستواجه عمله في مقالته الافتتاحية بجريدة العدالة في 23 أيار/مايو الماضي، والتي جعل عنوانها " رئاسة الوزراء ... أشكركم ، فالشروط غير متوفرة " ، ويمكن قراءتها كبرنامج عمل أكثر دقة من اعتبارها شروطا . 
فهي مقالة تتناول أزمة النظام السياسي العراقي وتوجزها بعقلية الدولة الريعية التي تغذي الفساد و جعل الأنظمة والقوانين هي الحاكمة وليس الأشخاص . 
كذلك يواجه النظام السياسي تحدي ترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات ومشكلة التعامل مع القوى اللادولتية ، وتحدّي مواجهتها من جهة وتنظيم عملها من جهة أخرى . 
وتطبيق مبدأ عُلوية أحكام القانون في فرض هيبة الدولة، وتعارضه مع مصالح هيئات اجتماعية ودينية وتحدي التوزان في السياسة الخارجية ، فثمة قوى سياسية تحاول توسيع دائرة نفوذها على حساب تقدم المنجز الخدمي والاقتصادي الذي يسعى إلى تحقيقه عبد المهدي .
أما المفارقة الجديرة بالاهتمام، قبول الكتل السياسية بهذا التحديد للأزمات التي يجب العمل على تجاوزها، وبعبارة أخرى أكثر دقة، قبول الكتلتين الحاصلتين على أكثر المقاعد (أي سائرون والفتح). وهنا نقطة التحول المهمة التي يمكن أن نعدها بداية للنضوج بالمواقف السياسية، والتحول بالإدراك لدى قيادة هاتين القائمتين بتحدي المرحلة القادمة الذي يستوجب توحيد المواقف وتصحيح المسار، بدلا من التقاطعات السياسية. وملامح النضوج أتت تحت ضاغطين: الأول ضغط تظاهرات البصرة التي عبرت عن تراكم الفشل في إدارة الدولة وعدم قدرتها على الاستجابة لمتطلبات الشارع الناقم من فشل الطبقة السياسية. 
والثاني، ضغط المرجعية بضرورة تصحيح مسار تشكيل الحكومة وتغيير شخوصها. 
وهنا كان لابد من إخراج حزب الدعوة من دائرة المنافسة على منصب رئيس الوزراء لإرسال رسالة اطمئنان إلى الجمهور من خلال السير باتجاه التغيير، وكانت النتيجة التوافق باتجاه تسمية عادل عبد المهدي، من دون البقاء بدائرة الجدل حول الكتلة النيابية الأكثر عددا.

داخليا تشكل الطبقة السياسية الخاسرة تحديا وعقبة أمام الشروع نحو التغيير، ومن ثم التعاطي معها يحتاج مواقف سياسية حازمة، فهي رغم ابتعادها عن هرمية السلطة، لا تزال تهيمن على مؤسسات الدولة، وتديرها بعقلية الإقطاعية الحزبية.
وفي الجانب الآخر ثمة قوى سياسية تحاول توسيع دائرة نفوذها، على حساب تقدم المنجز الخدمي والاقتصادي الذي يسعى إلى تحقيقه عبد المهدي ومن رشَّحَه. الأهم من ذلك، وعلى مستوى التحديات الداخلية، تحدي العمل بسياسات عامة قادرة على إقناع الجمهور بأن الاستجابة لمطالبهم والعمل على تحقيق مصالحهم تدار بشكل منصف. فالشارع العراقي يعول كثيرا على الحكومة المقبلة، وفي حال عجزها عن عقلنة المطالب والتوقعات المتفائلة، سوف يؤدي ذلك إلى الإحباط الذي يمكن أن يعيد الاحتجاجات والتظاهرات إلى الواجهة، وممكن أيضا أن يوفر أرضية للدعوات المتطرفة.

وبموازاة ذلك، هناك تصاعد في وتيرة التوتر بالعلاقات الأميركية ـ الإيرانية، وهو ما سينعكس بصورة واضحة على العراق على المستويين الاقتصادي والسياسي. وقد تكون مقبولية عبد المهدي من جميع هذه الأطراف قادرة على احتواء هذه التناقضات، ويمكن له تحقيق التوازن ما بين الاندماج والحياد في علاقات العراق الخارجية على المستويين الإقليمي والدولي. والتحدي الخطير الإضافي، يتمثل في الرغبة الأميركية في أن يكون رئيس الوزراء المقبل قادرا على ضرب الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران.

التفاؤل الحذر بتكليف عبد المهدي، أو التساؤل بشأن التغيير الذي يمكن أن يحدثه ترشيحه، أو التساؤل بشأن ماذا تستطيع أن تقدمه حكومته، مخاوف وأسئلة لها ما يبررها. لكن ما يمكن التعويل عليه ويشكل بصيص أمل، هو مواقف عادل عبد المهدي في التعاطي مع السلطة باستقالته من منصبي نائب رئيس الجمهورية في 2011، ووزير النفط في 2015. ومن ثم، إذ قدم استقالته في قادم الأيام، فهي فرصة لترسيخ ثقافة الاستقالة من أهم منصب في الحكومة العراقية، بدلا من عرف التشبث بالسلطة. وإذا استمر لأربع سنوات قادمة، فالاشتراطات عليه ـ كما تم تداولها ـ بعدم تأسيس حزب ولا المشاركة في الانتخابات القادمة. هي بحد ذاتها دافع نحو تكريس جهوده لعدم الاستثمار في السلطة أو حتى المنجز الذي يمكن أن يحققه طوال بقائه بها.

السياسة التي وفرها سلفه حيدر العبادي، ومؤشرات الإدراك السياسي بضرورة أحداث تغيير عند قيادات سياسية مؤثرة في الشارع والأحداث. وعليه، يمكن القول إن هذه المؤشرات تشكل قاعدة أساسية لافتراض الشروع نحو تصحيح مسار العملية السياسية والسعي باتجاه إخراجها من دائرة الأزمات. ومن ثم نأمل بأن يكون النموذج الذي يقدمه عادل عبد المهدي هو نموذج القائد الذي يسعى إلى إحداث تغيير والسعي نحو بناء الدولة، وليس السياسي الذي يبحث عن مكاسب لترسيخ بقائه في السلطة و هو كذلك 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك