سجاد العسكري
بعد ان ثار الجماهير على الوضع المزري وعلى الطبقة السياسية بأكملها ودب اليأس في نفوسهم من واقع مرير فاصبح مواطن لا يثق بالطبقة السياسية , ما ولد فجوة كبيرة , وخصوصا بعد فضح الصفقات المشبوهة والمخزية عبر وسائل الاعلام والنصيب الاكبر منها كبار السياسيين , فالروابط مابين المجتمع والفرد والسياسيين تم تمزيقها بالكامل , قد يكون ضمن مخطط تخريبي خارجي بايادي داخلية او سوء ادارة الحكومة وتجاهلها للاولويات هموم المواطن ,الى ان وصل المطاف بالمواطن ينظر كون جميع السياسيين مابين (سارق , ساكت لانه مشترك وله فائدة ما, او ضعيف خائف), فهذه هي النظرة السائدة لدى الفرد , لذا تكونت حالة لديه من غياب معايير نجاح المسؤول او الحكومة, والسبب المصداقية والثقة التي فقدها المواطن ممن تصدى في السلطة حتى باتت ثقافة الشارع السائدة وسط اي نقاش لأي خطوة او مشروع او برنامج حكومي.
فالحكومة هي النظام السياسي الذي يتم من خلاله إدراة البلد، أو المجتمع وتنظيمه , اذن فهي مسؤولية تقع على عاتقها جانبين:
• الاول: الشعب ومستقبله وتوفير الحياة الكريمة .
• الثاني: ادارة ثروته بامانة وحريصة على خدمة البلد بشكل عام.
فهنا رابط مابين الحكومة والشعب , بل المحور في كل هذا هو الشعب , وتبادل ادوار ايضا لو عرف الجميع حقوقه وواجباته , فكيف سيتم اقناع الشعب بأن هذه الحكومة قد نجحت او فشلت , لابد من ايجاد معايير لتقيم مدى نجاح الاداء الحكومي او فشله , فمن هذه المعايير:
1- خدمة الصالح العام وفقا لأستيراتيجية ورؤية واهداف واضحة قابلة للتطوير مع مايحدث من متغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية , وفق سقوف زمنية محددة مسبقا.
2- زيادة انتاج الموارد الطبيعية بكفاءة , وايجاد بدائل اقتصادية اخرى كالصناعة والزراعة للتمويل, بالاضافة سد احتياج الاسواق المحلية بالتمويل الذاتي من المنتوج المحلي قدر الامكان , بعد توفير الدعم المطلوب له.
3- الحفاظ على المال العام من الاهدار وترشيد الانفاق , ومحاربة الفساد بقوة.
4- مدى الالتزام بالقوانين من قبل السلطة اولا ومن ثم المجتمع, والتعامل مع الجميع تحت مظلة القانون لأعادة الثقة مابين الحكومة والمواطن.
5- توفير الاحتياجات الضرورية للمجتمع من خدمات العيش الكريم وفق العدل والمساواة.
فهذه المعايير مهمة لمعرفة مدى نجاح الاداء الحكومي وعلى الجميع ان يعرف ويميز حتى لا تختلط عليه الاوراق ويعود لينتخب نفس افات الفساد وتعطيل الخدمات ؟! خصوصا عند بروز ما يعرف بـ(الدولة العميقة ) التي تمتلك سطوة اجندة الاحزاب, واستغلال المواقع ونفوذ امدادها وتسلطها لتأثيرها السلبي على جميع هذه المعايير بسبب توغل نفوذها , فان الحكومة التي تسعى للتخلص من هذه التركة يقع على عاتقها معالجة كل الاخفاقات في جميع القطاعات المتنوعة , ومدى انجاز هذه المعايير بصورة مقبولة ومتدرجة في التطوير والتقدم نعرف اننا في المسار الصحيح , اما في حالة الانحراف عن هذه المعايير والابتعاد عنها سوف نعرف باننا نحو مسار خاطء وبالتالي فشل الحكومة وادائها .
حكومة عبد المهدي تحتاج الى ان تجد استقرار للمواطن اولا والوضع السياسي المضطرب , وعليه ان يفكر بكل الاحتمالات لأنه بين قوتين قوة الكتل البرلمانية وقوة المصلحة العامة وايجاد الوسائل المتاحة ويزنها بحكمة وعقلانية , وعليه ان يبين التحديات والمخاطر بشكل شفاف ومعلن , ومدى تحقق وانطباق المعايير لبرنامجه الحكومي , وفضح مايعيق انجازها , واقناع الشعب بانها تلبي طموحاته عسى ان تتحول من حكومة الاحزاب المنتفعة الى حكومة يصنعها شعب واعي .
https://telegram.me/buratha