سجاد العسكري
ان امكانية بروز النهضة الفكرية في اي مجتمع , اذا ما توفرت لها الظروف وعوامل لتتفاعل في الظهور والبروز , ولعل من اهم تلك العوامل هو الانسان , الذي يستطيع من خلال العمل المعرفي تقديم فكرا انسانيا اسلاميا ذو عطاء علمي مفحم بالاراء النيرة ؛ ليشكل تيارا اسلاميا يندفع نحو الحياة ,ليصبح الواقع الجديد للحركة السياسية , وهو ليس مجرد دين يحدد علاقة الانسان بخالقه فحسب , بل يحدد علاقة الانسان بالانسان , وكذلك يشمل نظاما يتحدى به الانظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي سادت ومازالت في العالم , ويمكن ان يكون بدل السياستين العالميتين , فابقاء المسلمين تحت سيطرة القوى الكبرى , والتي تهيمن على الفكر والثقافة ... بالاضافة الى الهيمنة السياسية والعسكرية ماهي الا لزرع اليأس في امكانية تطبيق الفكر الاسلامي .
فالانسان القائد – القيادة الرشيدة- له الدور الاكبر في توجيه المجتمع , والاقدر على تعبئة الطاقات وتوجيهها الى الفضيلة والخير والبناء ..., فلا يمكن ان نكتفي بقيادة تدير المجتمع بامكاناته المادية والمعنوية , بل يجب ان تضيف امكانيات جديدة ؟! فشهيد المحراب "قدس" لم يكن قائدا تقليديا , بل كان قائدا ومعلما , وفقيها عالما , وسياسيا محنك , وعارفا بادارة السياسة ودهاليزها, بالاضافة انه الانسان الاب والاخ ؛ لذا استطاع ان يفجر طاقات الامة ومخزونها الفكري والثقافي والتعبوي , وكيف لا ومعلمه وملهمه فيلسوف العصر محمدباقر الصدر "قدس" و مفجر الثورة الاسلامية روح الله الامام الخميني"قدس" .
ان الاسلوب والنهج السياسي الذي انتهجه شهيد المحراب هو سياسة الاستمرارية والاتصال والتواصل , وهي بهذا المعنى سياسة ليست تقليديا في جوهرها , فهي ترسخ الافكار وتتبنى حركة الواقع وتوجيهه بالوجهة التي تنسجم مع الواقع الوطني الراهن , وتؤثرعليه فهي سياسة تحتوي وتستوعب الاحداث السياسية المتسارعة , ويمكنها مواجهة الاحداث ببنية مرتكزة فكريا وعقائديا على ثوابتنا الدينية والوطنية , والابتعاد عن عقلية التحزب والاختلاف التي تعمق القطيعة والانفصال..., فمن نهج شهيد المحراب نستطيع ان نصف ان هذا الارث الفكري الاسلامي الاصيل ليس حزبا ؟ بل هو حالة افرزتها متطلبات العمل السياسي الكبرى والمرتبطة بوقائع مجتمعية واسس عقائدية , واخذت بالعمل والانفتاح على المجتمع لذا فهي اعم من كونها حزبا ؛لأن الحزب تنظيم يسعى الى بلوغ السلطة ؟ اما ارث شهيد المحراب كحالة اجتماعية جماهيرية ميدانية تحتضن الشرائح المختلفة وتعمل على اساس المشتركات الوطنية .
فمؤسسة المجلس الاعلى الجامعة لأشكال متعددة من العمل التنظيمي والجماهيري ,والتثقيفي ...ماهي الا ارث الشهيد محمد باقر الحكيم الذي سعى لبناء دولة قابلة للحياة بعيدا عن المكاسب السياسية المرحلية , بل هو مدرسة كبيرة ذات مخرجات متنوعة تفضي كلها في النهاية الى الهدف الاوسع وهو بناء الوطن والانسان العراقي على اسس متوازنة , والذي يمكن وصفه بانه بيت العراقيين الجامع , ولابد ان نعرف ان القيادة الرسالية هي قيادة القلوب وليست الابدان , وهي قيادة الرضا وليست التسلط , وهي قيادة التسليم وليست قيادة الارهاب , فقد رسخ شهيد المحراب ملامح القيادة في سلوكه قولا وفعلا لينتج مؤسسة بأسم المجلس الاعلى.
https://telegram.me/buratha