المقالات

المصـالحــة : ان يصـالـح الـوطــن اهـلـــه ...

1282 14:16:00 2008-01-07

( بقلم : حسن حاتـم المـذكـور )

بعـد التغييـر الذي حـدث احـتـلاً فـي 09 / نيسـان / 2003 ’ كُـسـر عنـق زجـاجـة الأزمتة البعثيـة ’ وفُتحت امـام العراق ثغـرة نُفـذت منهـا الى السلطـة كبـدائـل للنظام السابق قـوى كانت معارضـة ’ وكنـا نطلق عليهـا انذاك ـــ الوطنيـة والديـموقراطيـة ـــ ’ وكان هـذا ملـزمـاً ان يحـدث حيث لا تـوجد فـي حينـه بـدائل اخـرى فـي اليـد ’ وكـان مـن بيـن الخطوات المنتظـرة والملحـة ’ هـي ان يبـادر الـوطـن لمصالحـة اهلــه مـن ضحـايـا النظام البعثـي السابق .

لقـد تـرك النظام البعثـي ــ والمفـروض ان يكـون مقبـوراً ـــ ’ فـواجــعاً تاريخيـة وكوارثاً مـدمـرة لا يمكـن علاج اثـارهـا وتضميـد جراحهـا الا عبـر الصبـر والجـد والجـراءة الأستثنائيـة ونكـران الـذات مـن اجـل العـراق وحــده . تـرك النظام العروبي العنصري ـــ غيـر المقبور مـع الأسف ـــ دمـاراً هائلاً فـي الأنسان والبيئـة والجغرافيـة والأقتصـاد والثـروات والتـراث والمتبقـي هـويـة مـن الثقافـة والحضـارة والتراكمـات المعرفيـة .

تـرك ملايين الشهـداء حـروبـاً وتصفيات جسـديـة وفكريـة وسياسيـة داخـل اوكار التعذيب ’ اكثـر مـن عشـرة الآف شهيـد مـن الكـرد الفيليين وتهجيـر المتبقـي بشاعـة غيـر مسبوقـة ’ اباد مـدينـة حلبجـة بأهلهـا ’ انفـل وعـرب ومـذهب وشـوه التركيبـة السكانيـة لمـدن كـردستانيـة ومدن فـي وسـط العـراق وجنـوبـه ’ فتـح تربـة العـراق مقابـراً جماعيـة لأهلـه ’ دمـر البيئـة التاريخيـة البريئـة قـي الجنوب العراقي اهـواراً ومكونـات هيـي اقـدم مـن العـراق ذاتــه ’ وفـي مسرحيات مشبوهــة ارتكب مجـازر الخطف والتغييب وبصمت همجـي دمـر الكثيـر مـن المـدن العـراقيـة فـي مجـازر المـدن . ’ جعـل العـراق ملجـاء للأيتـام والأرامـل والثكالـى والعـوانس والعجـزة والمعوقين جسدياً ومعنـويـاً ’ مسيجـاً بالفقـر والجهـل والـرذيلـة ’ دمـر الحقيقـة العـراقيـة ومـزق الهـويـة الوطنيـة التاريخيـة المشتركـة لمـكـوناتـه الأجتماعيـة عبــر تهجيـر واجتثـاث اكثـر مـن اربعـة ملايين عـراقيـة وعـراقـي ’ بينهـم خيـرة بناتـه وابنـاءه ’ واستـورد اكثـر مـن ذلك العـدد حثالات مـن المخـابرات ومافيات الرذيلـة ومحترفي الأجـرار وتجـار المخـدرات مـن دول الجـوار العروبـي والأسلامـي مسخـاً للتركيبـة السكانيـة التاريخيـة للمجتمـع العـراقي .

هـذا هـو البعـث العـروبي العنصـري والطائفـي ’ كـان ولا يـزال وسيبقـى فـكراً وعقيـدة وثقافـة وسلوكيـة وممـارسات ’ ولـم يبـق امـام العـراق خيـاراً ’ فأمـا ان يصبـح مشافِ معـافـى مـن اعـراض واصابات الطاعـون البعثـي ’ او ان يبقـى مصـاباً بـه بشكـل وآخـر ’ امـا ان يخطـو نحـو مستقبلـه كشعب يملك وطـن الثـروات والتاريـخ والحضـارة والتـراكم المعـرفي وجماليـة التكويـن الأجتماعـي ’ او ان يبقـى يـراوح خـراباً تتبـادل بؤس مصيـره ثقافات العنف والكـراهيـة والثآرات والممارسات المـدمـرة طائفيـاً وعنصـرياً بواجهـات ممـوهـة خادعـة ’ امـا ان يتقـدم نحـو الأفضـل ... ثـم الأفضـل ’ او يبقـى ردحـاً ساذجـاً فـي حالاتـه الأسـواء ’ انهـا عقـدة واشكاليـة الـوطـن ’ فـأمـا مصالحـاً اهلــه وحاضـره ومستقبلـه ’ او متصالحـاً مـع قــدره البعثـي عروبيــاً ... ؟

تلك الأسئلـة تقف الآن متحـديـة للـواقـع وعيـاً وارادة فتيـة وتـراكمات تجربـة مـريـرة ’ تبحـث فـي كيـان مـؤسسات الدولـة والسلطـة واجهزتهـا الحكـوميـة وخارجهـا عـن روائح للكـرامـة ونـوبات للشـرف الوطنـي ويقضـة للضميـر الأنساني وقيـم تحـاول الشفـاء جـادة مـن اوبئـة الخـراب البعثـي ’ ان القـوى الخيـرة متـوفـرة هنـا وهنـاك فـي مـؤسسات الـدولـة ومـراكـز السلطـة واجنحـة الأحـزاب ’ وانهـا كثيـرة فـي كيـان المجتمـع بطوائفـه وقـومياتـه واعراقـه ومعتقداتـه ’ انهـا الآن فـي صلب الحـراك اليـومـي ’ تنهض مـن عمـق المآساة وبـرك الـدم وتفاقـم الأزمـة وتفاصيـل المأزق ’ انهـا الخيرين المخلصين داخـل وخارج السلطـة مـدعـومـة ببـدائل المستقبـل ’ انهـا الـوطـن يصالـح اهلـــه .

كالعـادة نختتـم حسرتنـا واشلاء خيبـة الأمل والأحباط سـؤالاً للمخلصين لـوطنهـم وشعبهـم . ايـة جـدوى فـي البحث بيـن مـزابل العـواصـم العـروبيـة وداخـل اوكار الخطف والأغتصاب والذبـح علـى الهـويـة ’ وورشات تجهيـز المفخخـات وتصنيـع العبـوات والأحزمـة الناسفـة وبيوتات استئجـار وايـواء وتأهيـل البهـائم الأنتحاريــة ’او البحـث سـذاجـة عـن بقـايا مـن مجـرمي النظـام البعث البغيـض عـن قتلـة لـم تتلطـخ ايـديهـم بـدمـاء الشعـب العـراقي ’ وان لـم تتـوفـر تتعـمدون صـب المـاء على ايـديهـم لتـبـدوا خـداعـاً علـى انهـا نظيفـة واصحـابهـا يستحقـون الأعتـذار والمـكرمـة والتعويضـات السخيـة تحـت خيمـة اسمـال المصالحـة الوطنيــة .

ومـاذا عـن ضمـائرهـم وقلوبهـم المعطوبـة ونـواياهـم الشريـرة وممـارساتهـم وسلوكياتهـم المنقوعـة بالـدم العـراقي المستباح يـومياً فـي مجازر الأنتقام والفتنـة والتآمـر الطائفـي العنصـري خلـف واجهـات بعثيـة متعـددة مصبـوغـة تضليلاً بالأدعات الكاذبـة لخلفيـات لا شـرف لهـا ’ وتتجـاهل بنفس الوقـت وتتـرك اضابيـر الضحـايا مغبـرة مكسورة الخاطـر علـى رفـوف ازمنـة القمـع البعثــي ’ ذكـريات بلـون الحـزن والأسـى ’ تلـوث ذاكـرة العراقيين وتستفـز الضميــر الوطنـي .

لمـاذا كـل هـذا العبث وعلى امتداد اربعـة اعـوام كلفت العـراق اكثـر مـن ثلاثـة ارباع المليـون شهيـداً وملايين الأرامـل والأيتام والمفقودين والمعوقين ’ فـي وقت يحتـاج الوطـن فيـه الـى ان يصالـح اهلـه مـن ضحـايـا زمـر ذلك النظـام البعثـي الكـريـه ’ هنـاك الملايين مـن بنات وابنـاء المقـابـر الجماعيـة والملايين المهجـرة والمهاجـرة انفلـة واجتثتاث ’ بينهـم الآلاف مـن الخيريـن المخلصيـن الكفؤيـن محبـي شعبهـم ووطنهـم يمكـن مصالحتـهـم وفتـح ابـواب الوطـن امـامهـم ومنهـم مـن هــم داخــل العـراق ليتحملـوا مسؤوليتهـم علاجـاً لجـروح الفساد واورام الرذيلـة والفـوضى المليشياتيـة بضمـادات الوعـي والمعـرفـة والثقافـة والقيـم الوطنيـة .

ايهـا الآخـوة الأفاضـل ’ مـن داخـل السلطـة وخارجهـا ’ سـاعـدوا الـوطن ووفـروا لـه فرصـة التصالـح مــع اهلــه اولاً ... بعـدهـا تفتـح ابـوابـه لكـل مـن يعتـرف بخطايـاه نادمـاً تجـاه ذاتـه ووطنـه وبجـراءة ونقـاء يخلـع ثـوب ماضيــه ويغتسـل وطنيــة امـام رحمـة اهلـه وشعبــه ’ فسعـة صـدر المجتـع العـراقي واسعــة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو حسنين النجفي
2008-01-08
نريد التوضيح لا اكثر في كل بلدان العالم عندما يصتصرخ الشعب ظلما نجد المسؤلين وكل مجالس الرئاسة ونوابهم يظهرون ويكشفون عن سبب مصادر الظلم التي صدرت لهذا الشعب وكيفية معالجاتها الا في بلادنا الحبيب بلاد النهرين نجد معالجة الظلم بالظلم نفسة وبالقمع وعدم اللامبالات والاصرار على والتشبث بعدم المسؤلية وكان الحكام جاؤا من قبل الله منزلين بترخيصه لهم حكم رقاب الناس و قتلهم وتشريدهم وقمعهم وليس العكس كما قال تعالى = كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته = اي مسؤل امام الله عن هذه الرعية ان اصابها الم او خوف او جوع او ظلم فايكم منها بريء امام الله جل جلاله ايها السادة الرئساء من مكتب الرئاسه ومكتب رئاسة الوزراء ورئاسة مجلس النواب ونوابكم في كل المكاتب وارباب اقلامكم والمتحدثين عنكم نريد التوضيح منكم جميعا السبب الحقيقي لرئيس الجمهوريه من عدم التوقيع على اعدام قتلت الاكراد اولا ومجرمين العراق ثاني -1 2-ماذا يقول لنا طارق الهاشمي على اصراره بتفكيك الحكومة المنتخبه ومصالحته لقوى الشر والدمار وعدم مصالحته مع الحكومة المنتخبه 3-ما هو رد رئيس البرلمان محمود الهاشمي بعرقلة القرارات وعدم رفع الحصانة عن المجرمين التي ثبتت ادانتهم وعدم اقراره منع النواب من مزاولة اعمالهم وطردهم من البرلمان وخصوصا وهم لم يشاركون اخوانهم في البرلمان وهم خارج العراق ولم يلتحقون ولو لجلسة واحدة وبعد اعترافهم برفع السلاح بوجه الحكومة واعترافهم بانهم من القاعده 4-ما هو رد السيد رئيس الوزراء ونوابه على عدم التصدي بجدية للمجرمين القابعين تحت مضلة البرلمان وهم مجرمين بالدليل القاطع وباعترافات المجرميهم واعترافات الشهود الابرياء ايضا الا يحق لنا نحن الشعب العراقي ان نعلم بحقيقة الامر ونحن من انتخبكم بالدم الطاهر دم العراقي الشؤيف نريد الايضاح فقط فهل فيكم من يوضح لنا حقيقة الامر يا اصحاب الامر فدمائنا غالية وانتم من جعلها رخيصة دمائنا عربية او كردية او مسيحية او ايزيدية او تركمانية او صابئة مسلمة سيعية او سنية هي دماء العراقيين نريد التوضيح قبل فوات الاوان للصبر حدود يارئساء وفوات الاوان معنها قدومكم على الرحمن بغير عذر من دم الابرياء الذين يقتلون ويقطعون في كل يوم وتساهلكم مع المجرمين الذين تسمونهم مشتبه به
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك