المقالات

الاطراف الحقيقية للصراع في الشرق الاوسط 

3316 2018-07-05

حيدر السراي 
من الذي يقاتل من في الشرق الاوسط ؟ الاعتقاد بأن الصراع القائم يدور بين ايران والسعودية وتوابعهما هو اعتقاد ساذج جدا ، فعلى الرغم من ان الاسرة المالكة في السعودية تندفع في عدائها لايران من دوافع طائفية وعقدة نقص الا انها غير قادرة على اتخاذ موقف عدائي من ايران ما لم يكن هذا هو موقف الدول المحورية ، والدليل على ذلك العراق الذي يصنف على انه شيعي الحكم ومع ذلك فأن ظاهر السياسة السعودية تجاه العراق تختلف تماما وان كانت في باطنها تختزن نفس العداء الطائفي ، الا ان طبيعة العداء العلني لايران لا شك انه لم يكن ممكنا ما لم تحصل السعودية على الضوء الاخضر الامريكي ، ولا نريد ان نجادل في حقائق التاريخ ونوضح الواضحات فالسعودية منذ لقاء عبد العزيز مع الرئيس الامريكي روزفلت عام 1945 هي ولاية تحت الحماية الامريكية بموجب اتفاقية كوينسي والثروة النفطية السعودية التي تعتبر من ممتلكات البيت الابيض لا يمكن المغامرة بها بسبب عداء مذهبي ساذج بين ايران والسعودية .
اذن علينا ان نتعمق اكثر في طبيعة هذا الصراع ، ونرى بعين البصير المشكلة الحقيقية لكل هذا الصراع الدامي المستمر منذ عدة عقود والذي توسع بصورة كبيرة خلال العقد الاخير.
في الشرق الاوسط مشكلتان رئيسيتان هما الثروة النفطية والكيان الصهيوني وكل صراع محلي او اقليمي في هذا الشرق الملتهب لا بد ان تعود جذوره لاحدى او كلا هاتين المشكلتين. والثروة النفطية التي يضم الشرق الاوسط الجزء الاكبر منها سبب جوهري لتكالب القوى العظمى على كسب النفوذ والحصول على الوقود الاحفوري بارخص الاثمان ، واما اسرائيل فانها تعيش عقدة المحاصرة الاقليمية مع محيط اجنبي عنها فهي الكيان الاجنبي الوحيد المحاط بدول ذات غالبية مسلمة وعربية ، والعقدة الاكبر هو عدم اعتراف الشعوب الاسلامية بها ككيان مستقل على ارضه وهذا في حسابات الحكومات والدول خطر اني يجب التعامل معه.
ومشكلة الاعتراف باسرائيل تم التعامل معها وحلها وفق تفاهمات واتفاقات ثلاثية بين الدول العظمى واسرائيل والدول المحيطة بها والمجاورة في الشرق الاوسط ، وتعتبر مصر اول هذه الدول التي وقعت اتفاقية سلام مع الكيان الغاصب معترفة بها كدولة مستقلة بموجب اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 تلتها اتفاقية اوسلو عام 1993 التي اعترفت بموجبها السلطة الفلسطينية بالكيان الغاصب ، ومن ثم اتفاقية وادي عربة بين الاردن واسرائيل 1994 وقد بذلت اسرائيل جهودا كبيرة وبمخططات تمتد لعقود من اجل اعتراف باقي الحكومات العربية والاسلامية بها وبالفعل فقد حدث انفتاح غير مسبوق مع الكيان الصهيوني خصوصا من قبل دول الخليج والتي تحتفظ غالبيتها بعلاقات سرية مع اسرائيل منذ فترة طويلة ، 
ويبدو ان المشكلة مع الدول والحكومات السنية ليست معقدة لان العقيدة السنية قائمة على طاعة الحاكم برا ا كان ام فاجرا ، وان طاعته مقدمة على طاعة اي فرد اخر حتى لو كان الممثل الشرعي للمذهب السني في العالم ، وبذلك يكون رضا الشعوب والمؤسسة الدينية السنية هو تبع لرضا الحاكم 
لكن القوى العظمى واسرائيل تواجه مشكلة حقيقية في كيفية التعامل مع الشعوب والحكومات الشيعية ذلك ان الجمهور الشيعي يمتلك عقيدة لا تعترف بأي حاكم او رئيس ولا توالي احدا غير الحاكم الشرعي وهو الذي نسميه اليوم الفقيه المجتهد والمعروف بالمرجع الديني وقد ولدت وترسخت هذه العقيدة في الوجدان الشيعي حتى صارت جزءا من مميزات وخصائص هذه الطائفة المظلومة ، ولذلك كان القرار الشيعي على مدار التاريخ هو قرار الفقيه الجامع للشرائط ولم يكن في يوم ما قرار الحاكم او الرئيس ولكم ان تراجعوا التاريخ السياسي الشيعي لتتأكدوا من دقة هذا التشخيص .
وهذه المؤسسة الفقهية التي تحكم الجمهور الشيعي تمتلك استقلالا ماليا يؤمن لها استقلالية الفكر والقرار والموقف فضلا عن حكمة عظيمة شهد بها العدو قبل الصديق ، ولهذه المرجعية قرار تاريخي مبدئي بعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني وقرار بدعم الشعب الفلسطيني المظلوم ولذلك ترى انه لا يوجد لدى الشيعة فقيه واحد جامع للشرائط اعترف بأسرائيل منذ تأسيسها وفي كل البلدان التي يوجد للشيعة فيها صوت وقوة ، على عكس الدول السنية التي تحتضن اكبر المرجعيات السنية في العالم كالازهر في مصر ومؤسسة الافتاء في السعودية ولك ان تلاحظ الموقف الايراني والعراقي واليمني من اسرائيل وهو موقف تابع لموقف الفقيه الذي يعتبر القائد الفعلي للشيعة في كل زمان 
والاكيد ان موقف الشعوب ذات الغالبية الشيعية سيكون هو نفسه موقف هذه المؤسسة الفقهية ، وليس هناك ثمة امل لاسرائيل لتكون جارا شرعيا معترفا به من قبل الشيعة الا من خلال القضاء المادي والفكري على المؤسسة الفقهية الحاكمة ، وهذا يتطلب اسقاط نفوذها الروحي على جمهور الشيعة وقص اذرعها وقنواتها العسكرية وزخمها البشري القادر على قلب كل معادلات الارض ، ومن هذا المنطلق ايضا يتبين لنا اسباب الحملة الشرسة التي تشن على المرجعية الد ينية باستخدام ادوات شيعية محلية واقليمية ، في محاولة لاختراق المجتمع الشيعي ، فتصنيع مرجعيات وهمية وشراء ولاء الناس لهذه الجهات التي يجمعها هدف معاداة الفقهاء لا يمكن ان يكون صدفة ومحاربة ايران التي يحكمها الفقيه ووضع العراقيل امام مرجعية النجف لمنعها من اصلاح الاحوال في العراق يندرج ضمن هذا المخطط 
واخيرا بالنسبة لي على الاقل تبدو الصورة واضحة جدا رغم التشويش وهي ان هناك صراعا كبيرا جدا اطرافه هي اسرائيل التوراتية ، والمرجعية الشيعية المهدوية من جهة اخرى وكل صراع محلي او ما هو اوسع في الشرق الاوسط يندرج ضمن مفردات هذا الصراع القائم بين الطرفين . ولله امر هو بالغه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك