المقالات

العراقيون ليسوا حشوداً من الناس 

2442 2018-06-11

 

أمل الياسري
أستأجر أحد العلماء حمالاً ليحمل بضاعته من السوق الى البيت، فكان يسمعه يردد كلمتين لا يزيد عليهما: (أحمده، وأستغفره) فلما وصل بيته وأعطاه أجره، سأله عن ذلك فأجابه: أنا بحياتي كلها مع ربي بين أمرين: نعمة لله علي تستحق مني الحمد، وتقصير في حق الرب يستحق الإستغفار، فضرب العالم كفاً بكف وقال: حمالٌ أفقه مني!
العراقيون حشود من الناس جمعتهم الظروف، قد تكون ثورة بنفسجية في (12/5/2018)، أو تفجير في قطاع (10) لتدمر أكثر من عشرة منازل بساكنيها الأبرياء (8/6/2018)، أو حريق في مخازن وزارة التجارة مستأجرة لصالح مفوضية الإنتخابات (10/6/2018)، وبالتالي فالمصائب تحتاج منا قولاً وفعلاً: الحمد لله وأستغفر الله، لكن ليس لأننا حشود جمعتنا الظروف بل لأننا عراقيون.
العراقيون منذ عشرات السنين، حملوا على أعواد المشانق أحمالاً تنأى منها بقية شعوب الأرض، لأن بضاعتهم ليس لها مثيل، إنها قضية الحسين (عليه السلام) والثأر له على يد المهدي المنتظر (عج)، وهي قضية ليست بالسهولة التي قد يتوقعها بعض السذج، فهي ملف إلهي عالمي، تقودنا الى أن ما يمر به العراقيون هو ليس مجرد ظروف.
مقارعة الطواغيت، ومقاومة الطغيان، والقمع، والفساد، وتعميق ثورة الحرية والكرامة، وإسترجاع الحقوق، مفاهيم تربى عليها العراقيون في مدرسة الإباء والصمود، الواقعة في وادي طفوف كربلاء، التي تأسست سنة (60 ) للهجرة، وكادرها الأسطوري المكون من (73) معلماً مجاهداً، بضمنهم الطفل والمرأة، والشاب والشيخ، والعربي، والأعجمي، والتركي، وهؤلاء عراقيون جمعتهم قضية كربلاء، فإمتدت حتى وقتنا الحاضر.
عام (2003) سقط الصنم الطاغية فمرَّ العراق بمرحلة تأريخية خطيرة، وهذه المرة جمعت العراقيين بظروف في غاية التعقيد، فمن ملفات الإرهاب والفساد، والتخبط الأمني والإقتصادي، الى التزوير والتلاعب في نتائج الإنتخابات، وما يرافقها بكل مرة من تداعيات ومناشدات، ترتفع من قبل الأبواق المأجورة للنيل من العملية السياسية برمتها، بغية إستنزاف ثروات البلد وعدم الإلتفات لبنائه. 
أيها العراقيون: هناك حروب يشنها الأعداء عليكم بمختلف مسمياتهم وبأقذر الوسائل، كحروب الإرهاب والفساد والمياه، فباتت أحمالكم تنوء منها الجبال، فيجب أن تعلنوها مدوية: هيهات منا الذلة، نعم لقد قلتموها في الدفاع عن الأرض، والعرض، والمقدسات، ويجب أن تدونوها على سواتر البناء، ولا تسمحوا للساسة الطارئين، أن يسلبوكم سفينتكم التي جمعت عراقيتكم وليست فقط ظروفكم. 
العراقيون أفقه حملاً من معظم ساستهم وأحزابهم، وإن كانوا يرددون الحمد لله فهو يستحق الحمد، أن نصرهم على كل طاغية عصر وقائد ضرورة، وحرروا أرضهم من دولة الخرافة، وأما إستغفارهم فقد رددوه، لأن ساستهم الذين إنتخبوهم لم يكونوا بمستوى حجم الألم العراقي وتضحياتهم، وعليه فالعراقيون اليوم ليسوا حشوداً من الناس، بل هم الحامدون المستغفرون وبإمتياز.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك