المقالات

السجين السياسي الأول

3168 2018-04-16

كثيرون هم السجناء السياسيون أو ما يعبر عنهم بسجناء الرأي، الذين خالفوا بآرائهم وأفكارهم السلطات الحاكمة، التي لا تعترف بحرية التعبير عن الرأي أو الاختلاف في الافكار السياسية، أو عارضوا الحكومات الظالمة التي سقت شعوبها كأس الذل والهوان، دون أن يكون لها رادع أو معارض. 

غالبا ما ينظر الى السجين السياسي على إنه شديد الخطر، يهدد كيان الدولة بحسب مفهوم الحزب الحاكم، ويتم التعامل معه بأشد قسوة وبمختلف أساليب القهر والتعذيب، دون مراعاة للجوانب الانسانية او التزام بالقوانين الموضوعة، وإنما يكون تحت رحمة سياط الجلادين وأهوائهم، وأحيانا حتى وجوده في السجن يؤرقهم ويثير مخاوفهم، فتنتهي حياته في السجن مقتولا في ظروف غامضة وتطمس معالم الجريمة، من أجل القضاء على كل فكر نير يستهدف الحرية ورفض الظلم والجور. 

لم يتعرض سجين سياسي، مثل ما تعرض له الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام، الإمام السابع عند الشيعة الإثنا عشرية، الذي قضى الجزء الاكبر من حياته في سجون الخلفاء العباسيين، ابتداء من الخليفة المهدي الذي أمر باعتقاله في المدينة المنورة وارساله الى بغداد ثم أطلق سراحه، بعدها أراد الخليفة موسى الهادي إعتقاله، لكن أجله لم يسمح له بتنفيذ وعده الذي قطعه على نفسه بسجن الامام الكاظم عليه السلام، لتأتي بعدها حقبة هارون الرشيد. 

كانت العلاقة التي تربط العباسيين مع العلويين متأزمة، حافلة بالأحداث الدامية التي إرتكبها العباسيون، ضد سلالة النبوة ومنبع الرسالة عائلة الامام الكاظم عليه السلام، ولطالما كانت السلطة تشعر أن هذه العائلة تهدد وجودها وكيانها، كونهم هم الخلفاء الحقيقيون للمسلمين ولا وجود شرعي لأي حاكم بوجودهم، حيث كان كثير من افراد الأمة يلتفون حول الإمام الكاظم ويدينون له بالولاء والطاعة، ويعتبرونه الخليفة الشرعي ومدرسة العلم والفقه، التي توارثها عن آبائه عليهم السلام. 

لذلك حرص هارون الرشيد على اعتقال رأس المعارضة ، فاعتقل الإمام الكاظم عليه السلام وأرسله من المدينة الى البصرة، حيث أمر بقتله وهو في السجن ولكن السجانين لم يستطيعوا قتله، لما تركه من أثر طيب في نفوس سجانيه، فتم ترحيله الى بغداد وحبسه في سجن خاص هو بيت الفضل بن ربيع، خوفا من تأثيره على الناس في السجن، ثم أطلق سراحه بعد فترة ووضع تحت الاقامة الجبرية في بغداد، دون السمح له بمغادرتها حتى يكون تحت أنظار السلطة الحاكمة. 

ثم أعاد هارون الرشيد إعتقال الامام الكاظم، واضعا غياه في سجن السندي بن شاهك، الذي اجتهد في إبتداع مختلف اساليب التعذيب والتنكيل بالإمام الكاظم عليه السلام، وصلت الى محاولات منعه من الصلاة بمختلف الطرق، وحرمانه من الزاد والماء حتى إنه حين كان يسجد لا ترى سوى كومة ملابس، ولكن كل ذلك لم يرض سجانيه، أو يريح أنفسهم الخائفة من تأثير الامام الكاظم في الناس، التي تحاول التواصل معه وتنتظر إشارة منه للثورة ضد الحاكم، فكان أن دس السم له ويحمل نعشه ليوضع على جسر بغداد، وينادي المنادي : " هذا إمام الرافضة ". 

جسد الامام موسى بن جعفر صلوات عليه وعلى آبائه في سجنه، الظلم الذي يتعرض له الأحرار من حكام الجور والطغيان، وعبرت قصة شهادته عن الأساليب الدموية التي تستخدمها الأنظمة الجائرة ضد معارضيها السلميين، فكان بحق مثالا للسجناء السياسيين بل كان الأول فيهم، وسيبقى مشعلا ينير طريق الحرية ومثالا شاخصا للمظلومين، يستلهمون منه معاني الصبر والفداء والتضحية. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك