بقلم المهندس والاعلامي :حازم خوير
من الضروري بمكان الاشارة الى ما تكبده الشعب العراقي في وطنه من سني الحرمان والجور والاضطهاد وهو يصارع الطغيان لثلاث عقود من الزمن فقد فيها الطمانينة والسكينة والشعور بالامل والغد المشرق ولذة العيش وحتى امان العيش في بيته الذي لا ينفك يشك في تحصينه خوفا من الاختراقات الامنية.
واذا كان لابد من اعطاء الحقوق كاملة واطلاق الحريات وتوفير جميع مستلزمات العيش الرغيد والامان .... لهذا الشعب المظلوم ،فالاولى وفاء المرشحين لنيل عضوية مجالس المحافظات له، بعد ان فقد الناس أي شعور بالثقة واستحصال الحقوق بعدما كان النظام السابق لا يخصص اكثرمن ( 3%) من واردات العراق لتوفير ادنى مستلزمات العيش في بلد لم يستطع الخبراء والمحللين من ذوي الاختصاص حصر طاقاته وثرواته وامكاناته الاقتصادية والسكانية .ورب قائل يقول : ماذا حققت مجالس المحافظات الحالية لمدنها ولمن انتخبها ؟ان المتتبع لنهج ومسيرة بعض مجالس المحافظات بعد سقوط النظام يجد انهم قد وضعوا لهم جدارا من العزلة بينهم وبين الناس وامسوا هؤلاء موظفين ليس الا ينفذون مجموعة توصيات قد تختلط فيها الاتجاهات الوطنية بقدر اقل من الاتجاهات الاخرى فيما يخص التخصيصات المالية والاوضاع الامنية، وسط هيمنة المحافظين الذين يندرجون تحت عنوان السلطة التنفيذية التي يفترض ان تكون مسؤوليتها ادنى من السلطة التشريعية ،وهذا ما لا تحمد عقباه .
ان تلك المجالس لا تستطيع ان تنبري لتاخذ موقعا توافقيا مع حاجات الناس الملحة كالخدمات والطاقة والكهرباء والاقتصاد من جهة ، وبين سياسة الدولة التي ينفذها المحافظ ، الا بعد تفاقم الازمة او المشكلة وازدياد عدد المتضررين ، ومع ضعف الحلول المطروحة تبقى المعادلة تسير بالاتجاه الحذر خوفا من ان تاخذ اتجاها اخر لا يمكن السيطرة عليه ،او انه يخالف السياقات والقوانين والتشريعات المعتمدة لدى الحكومة المركزية ، كما انها لا تنفع ولا تضر ما دامت لا تلبي اولويات المرحلة .
ان ما افرزته انتخابات تلك المجالس من تلون واضح نتج عن تنوع القوائم الانتخابية واستحقاقات قواعها المختلفة في الحجم والحضورفي الساحة ، اضفى شعورا عاما عند الناس ان المشرع والمنفذ واحد ، اضافة الى التجاذبات والمنافرات بين الاعضاء ، ادى بالنتيجة الى ضعف التواصل مع المواطنين ، وعدم الشعور بالمسؤولية في كثير من مفاصل الدولة في مدينة معينة ،وهدر المال العام وحالات الفساد الاداري والمالي الذي استشرى لدرجة عدم السيطرة عليه فبات مشكلة تقف جميع الحلول عاجزة عن معالجتها او الحد منها. وهنا فقد اتقدت لدى المواطنين نيران الغضب المكبوتة من جديد وسط الشعور بالياس من ان ينعموا بحياة رغيدة ، حرة ، كريمة.
ورغم اهمالنا في هذا المقال الذي اخذ اتجاها وصفيا لانجازات تلك المجالس الكثيرة ،غيبنا كذلك التقيم الفني والعقلي والشعبي لتلك الانجازات ،ولا يقوى ذوو الاختصاص عن تقييمها صراحة ،فالايجابية دليل نجاحه والسلبية خسارة معنوية ذاتية ،فيصفونها بـ"الممتازة "وانها "طبقا للمواصفات العالمية "وهذا ديدن سائد في الكثير من الدول النامية لا نريد الخوض فيه.ومن الناحية الفنية فان الكثرة بغياب الجودة تفقد الامور صوابها وجدواها، بل ان ذلك يعتبر مضيعة للوقت وهدر للمال العام وللطاقات .
وفي المقابل لايدخر البعض الاخر من مجالس المحافظات جهدا في اخلاصها وتفانيها في العمل ومحاكاة الواقع لخلق صورة اجمل لمدنهم مستشعرين عن قرب وعن بعد كل ما تتطلبه مرحلة الاعداد والبناء للفرد والمجتمع وتفويت الفرصة على الاعداء الذين يرومون بحرابهم الملتوية شق الصف الوطني وهدم البناء الذي استمر اربعة عشر قرنا من السنين، من النضال والجهاد قدم خلالها القرابين تلو الاخرى من اجل الحفاظ على المبادئ والقيم الاسلامية العليا والسامية.
ولذا فمطلوب اليوم من الجميع في هذه المرحلة الحساسة والمصيرية من تاريخ العراق ،الجدية والصدق والتفاني في العمل ونكران الذات ومحاربة الفساد الاداري والمالي وتشريع القوانين التي تصب في مصلحة الناس وايجاد انجع الحلول لمشاكلهم وخلق روح التواصل بين المواطنين وبين حكوماتهم المحلية والوطنية وتوفير فرص العمل للعاطلين ونشر العدالة ثقافة وعملا في جميع مفاصل الحياة ، وذلك كله بعد بناء وتقويم الانسان بناءا صحيحا وتهذيبه وتذويب جميع الشوائب التي غرستها الانظمة الاستبدادية في نفوس البعض.لذا تعالوا ايها الاخوة ندعو ابناءنا وابناءكم لتحمل هذه المسؤولية العظمى ولنبني عراقنا الحبيب .
https://telegram.me/buratha