بقلم: عبد الرزاق السلطاني
بعد أن شهدت الفضاءات العراقية تطورات هامة وخصوصا على الصعيد الامني، فقد بات واضحاً الاستقرار الأمني الكبير في مناطق جنوب بغداد، فضلا عن المناطق الغربية التي بدأت تتعافى مع تراجع كبير في حدة التهديدات التركية لاجتياح اقليم كردستان، مما يؤكد تنامي قدرة الحكومة العراقية على تحديد اولويات الملفات الساخنة من خلال معالجة الثغرات الامنية لمجابهة العصابات الارهابية للسير باتجاه تسلم الملف الأمني لباقي المحافظات العراقية، وهذه التطورات النوعية هي نواة لبناء قواعد رصينة تسهم في ذلك التأسيس لاستكمال ومتابعة آفاق المستقبل بدءا من اعادة بناء البنى الارتكازية وعلى الصعد السياسية والاقتصادية والخدمية كافة، والعامل الآخر هو الفهم العربي والاقليمي والدولي وتفصيله على أساس الرؤيا الوطنية العراقية لصناعة السياسة وتحديد تلك المسارات لنقل الصورة كما ينبغي لها أن تكون عليه من احترام السيادة والفهم الواضح للاستحقاقات الوطنية، وطي صفحات الماضي باقرار الواقع الجديد وتنظيم تلك العلاقات عبر استراتيجية تنتظم خلالها العلاقات بما يضمن موازنات الشرق الاوسط والمحيط الاقليمي بالدرجة الاساس بعيدا عن الانكفاء والاستئثار الذي لا يخدم المنطقة والعراق بشكل خاص.
اما فيما يتعلق ببوصلة التوظيف للمضامين البنيوية للامة فإن المشكلة هنا تتمثل بالتعاطي مع الذات العراقية الوطنية الجديدة من خلال الانا التي يتميز بها البعض والتي تعد محاولة تقزيمية ورائية لتعطيل عجلة العراق الجديد باساليب تكتيكية غريبة عن الواقع الوطني العراقي، فالثقافة والخطاب لهذه المحددات الضيقة التي تحاول القفز على كل المعطيات هو غلبة الانا على النحن في عملية هستيرية لا تتورع من توظيف كل الممكنات لخدمة هذه الانا بما فيها العلاقة مع دوائر القرار الاقليمية والعالمية، والحقيقة التي يجب التوقف عندها هو امتلاكنا خطا متقدما من النخب الوطنية المترفعة عن خندق العرق والطائفة، وتلك من أهم عوامل نبذ الفتنة، وبطبيعة الحال أن هذه النخب تعد رأس حربة التغيير والتحول والتطور لما لها من وعي وبرامج تفاعلت معها قطاعات واسعة من الشعب في الانشداد نحوها، بينما نرى العديد من الرموز غدت حجر الزاوية المعوق لانتاج التحولات النوعية لمسيرتنا الوطنية، كونها وضعت نفسها كجزء من آلية الصراعات التقليدية، سواء في الولاءات او التحاصص السياسي او التهالك المواقعي. فان منهج الانغلاق غير المبرر تجاه الاخر والذي لايوجد في ابجديات برامجنا عملت به تلك القوى لافقادنا القدرة على انتاج ذاتنا وتجربتنا الرائدة لذلك ارتد متصادما مع ذاته، وعودا على بدء، فلا بد من ان يصحب تقدم العملية السياسية والامنية والخدماتية تقدم في اقرار المشاريع البنيوية، اذ لا زال البرلمان هو العائق أمام اقرار قانون النفط والغاز رغم تجاوزه الفترة الزمنية لما له من اهمية قصوى لمواكبة التطور النوعي والحفاظ على الانجازات الاستراتيجية ستجعل من الميزانية العراقية تتناسب مع الواقع البنيوي المتردي وتعيد العراق لمكانته التي تقترن بتاريخه الحضاري وبعده الوطني.
https://telegram.me/buratha