( بقلم : اسعد راشد )
لسنا بحاجة الى كثير من الامثلة لمعرفة الاطراف التي تتربص بالعراق شرا ولسنا بحاجة الى كثير من الدهاء لاكتشاف حقيقة اؤلئك الذين يتطلعون الى ذلك اليوم الذي قد يتحول فيه العراق الى "فتات" تتقاسمه الدول والعصابات ولكي تعرف هذه الحقيقة وتصل الى هوية الاطراف التي سوف تكون هي الرابحة بالدرجة الاولى من "تفتيت" العراق وليس فدرلته ما عليك الا متابعة الخطاب التهويلي حول "تقسيم" العراق والدعاية الرخيصة التي تركز على ان "التقسيم" ان حصل فان الجنوب الشيعي واقليم الوسط بوابة لذلك التقسيم بمعنى ان الشيعة هم من يريدونه وان الذي يقف خلف هذا المشروع هي ايران اي "الفرس" كما يدعون !نشرت صحف "العرب" ومواقعهم الالكترونية "بيان" في اَن واحد وبلغة واحدة وبخطاب غير جديد صادر من ما يدعون "عشائر" شيعية في جنوب العراق يدعوا فيه "الامم المتحدة" بالتدخل لوضع حد لـ"جرائم" ايران في الجنوب العراقي فيما استفردت بعض الصحف العربية عنوانا عريضا لمثل هذا البيان ووصفته بانه صادر من تنظيم يضم غالبية عشائر جنوب العراق وانه موقع من قبل اكثر من "300 الف" من اهالي الجنوب الشيعي يضم اكثر من "14" رجل دين واكثر من 600 شيخ عشيرة و1250 محاميا وحقوقيا(...) و2200 طبيب ومهندس واستاذ جامعي و25 الف امرأة(...)!! بالطبع حمل البيان لغة التصعيد العنصري القومي وقد طغت الانشائيات عليه اكثر من اي شيء ودون ان باسم ولو شخص واحد من اؤلئك الالوف من الساسة والحقوقيين والدكاترة والاساتذة وووو .
الملفت ان نشر البيان وتوقيته لم يأتي عفويا بل ضمن برنامج واضح المتتبع له ولاسلوبه يكتشف سريعا ان الذي يقف خلف هذا البيان هم "البعثييون" والمقنعين منهم ولا استبعد ولكي اكون صريحا ان يكون "الدكتور" علاوي هو من يقف خلف هذا البيان ..
والغريب في الامر ان البيان يتهم جهة واحدة متمثلة بايران بانها تقف خلف مشروع تقسيم العراق ويتهجم بشدة بل باسلوب تحريضي على ابناء العراق الشرفاء متهما اياهم بانهم ينفذون مشروع "ايران" في العراق وهي التهمة الوحيدة بل والمفضلة لدي كل من يريد الاستحواذ على مقدرات العراق وحكمه والتقرب الى الامريكي وتخويفه وتحريض الاعرابي وتحميره !
اما الاعراب ودولهم ليسوا معنيين في هذا البيان بل الغائب الاكبر "هم" لماذا ؟ الجواب واضح لان مشروع تفتيت العراق هو مشروع عربي في الاساس لو عرفنا ان ايران بدورها تضم مجتمعا غير متجانس قوميا ومذهبيا ففيه العرب وفيه الترط وفيه الكورد وفيه البلوش فاي تفتيت للعراق سوف يترك اثره بلا شك على الجار اللصيق الذي تجمعه مشتركات معه الاخر وليس كالكويت اوالامارات ودول الخليج .
والسؤال هنا هو: هل حقا ايران هي التي تقف خلف مشروع تفتيت العراق ام ان العرب هم من يقفون بالدرجة الاولى خلفه وذلك من خلال اثارة الفوضى في جنوبه عبر خلق اقتتال شيعي ـ شيعي يفوت عليه شيعة العراق فرصة اقامة الكيان الفيدرالي الذي يسمح لهم التمتع بثرواتهم وبالمكنون غير المحدود من النفط الذي تضمه ارضهم الطاهرة ؟!
فلماذ الكل يستفيد من ثروة الجنوب وخيراته وعوائده من النفط فيما ابناء الجنوب الشيعي يظل اقليمهم فقيرا يضرب الخراب والبوار ؟ لماذا الكل يستحصل من عوائد النفط الشيعي الكويتيون ـ النظام ـ 5% واخوتنا الكورد 17% ‘ بالمناسبة وهم يحتجون ـ بغض النظر ان ذلك الاحتجاج حقا او باطلا ـ على وزير النفط لحكومة المركز اذا ما طالبهم الالتزام بقوانين الحكومة المركزية وعدم عقد الصفقات مع الشركات النفطية الاجنبية من دون التنسيق معها !
ولو ذهبنا اكثر وقرأنا في بنود قانون "المسائلة والمصالحة" فيما يخص البعثيين لوجدنا ان عدد كبيرمن كبار ضباط الامن والجيش في النظام السابق قد منحتهم امتيازات في تحصيل رواتبهم واجورهم ماضيا وحاضرا ومستقبلا ! وكلها طبعا من خيرات الجنوب ..
دول الجوار العربية التي لجأ العراقيون اليها هربا من القتل والذبح تخشى اليوم من اعادة الاستقرار الى العراق وتخاف من استتباب الامن فيه لان ذلك سوف يضر باقتصادهم كما صروحوا ذلك بالامس حيث ان عودة المهجرين والمهاجرين قد خلقت فوضى كبيرة في اسواق العقار في في بلدانها جعلت اسعارها تهبط بنسبة 50% كما هي الحال في سوريا وهو امر بلا شك يضر ب في صميم مصالح" الرؤوس الكبيرة" منتفعة من ماسي العراق واهله واليوم هم في جزع من عودة الاستقرار والامان الى العراق .
اذن المطلوب اولا واخيرا هو اضعاف الجنوب الشيعي وتقليم اظافر ابناءه الشرفاء المسلحين من الغيارى الذين قاتلوا البعث والارهاب ووقفوا في وجه اعداء العراق وتغليب "مجالس" الصحوة" المشبوه في امرها واطلاق يدها كي تكون البديل الجاهز الذي يخلف قوات الشرطة والجيش النظامية بعد ان تتم تقويتها وتزويدها باحدث الاسلحة والمعدات العسكرية وتسليم قيادتها بيد عتاة البعثيين المجرمين الذين ذبحوا الشيعة مرتين مرة مع نظام صدام ومرة مع القاعدة والتكفيريين وهاهم اليوم يعيدون الكرة ليكونوا جاهزين عبر" مجالس الصحوة" المشبوهة ـ لا نقصد هنا بالانبار ـ التي تتشكل عناصر واعضاها من السنة بنسبة 80% او اكثر وهو ما أعترف به كبار الجنرالات في الجيش الامريكي فهم يعدونهم لامر كبير لا نعلم نحن المساكين حجم خطره ومدى تأثيره على التوازن السياسي القائم في العراق في الوقت الحاضر وقد انشئت تلك المجالس في الخاصرة الشيعية اي في اطراف بغداد وداخلها وفي احياء استراتيجية مثل الدورة والغزالية والاعظمية والسيدية وحتى اللطيفية والمحمودية والبلدات المتصلة بالمدن المقدسة الشيعية بل هناك احاديث وتسريبات عن خطة لانشاء مجالس صحة في كربلاء والنجف الشيعيتين لا يستبعد ان تناط قيادتها الى عناصر من الجيش السابق .
الامريكيون لا يهمهم الا مصالحهم فاذا استوت مع السني دعموه واذا اخلت وتضررت مع الشيعي حطموه وازاحوه واذا تضررت من الطرفين لعبوا على الحبلين واذا استقيمت مع الجهتين اخذوا على الجهة المتهمة في ولاءها للعراق و"عمالتها" لايران وهنا تقع الطامة الكبرى حيث لكي تثبت انك "وطني" عليك بشتم ايران واتهام مخالفيك بانهم يوالون الدولة الفارسية واخيرا انضم نائب مخافظ كربلاء "الحسناوي" ‘ المحسوب على التيار الصدري‘ الى جوقة المطبلين بفارسية الحكومة العراقية واستخدام الخطاب البعثي الذي يغلب عليه الطابع العروبي والتحذير من "الهيمنة الفارسية" وهو خطاب اصبح دارجا اليوم اما للتقرب من الامريكان واما لدغدغة مشاعر الاعراب ودول الجوار العنصرية والطائفية .
نحن نرى ان هناك ليست مصلحة لايران في تفتيت العراق بل العراق الموحد وحتى الفيدرالي المسالم يمكن ان تتعايش معها يران مثلما هي الحال مع اقليم كوردستان الذي يتمتع بشبه دول مستقلة الا ان ايران تتعامل معها ولها علاقات اقتصادية وتبادل تجاري كبير معها تعد باالمليارات من الدولار عكس الدول العربية التي تجد في خراب العراق قوة لها وان تفتيته الى اجزاء ومنعه من استعادة عافيته واقامة اقاليمه الفيدرالية تصب في مصالحها ومن هنا ايضا نجد ان اصابع الدول العربية وخاصة الامارات وقطر والسعودية وحتى النظام الكويتي واضحة وبارزة في احداث الجنوب وفي الفتن التي تثار في مدن اقليم الشيعي وخاصة في البصرة والديوانية ولعل "بيان" ما يسمى عشائر الجنوب الاخير جاء مدفوعا عربيا وقد اوعزت الى الصحف العربية كي تقوم بنشره وتعميمه بغية اثارة تلك الفتن ولعب دور المحرض على الفوضى في الجنوب .
اسعد راشد
https://telegram.me/buratha