المقالات

اندحار هيئة الضاري أمام الدم العراقي وحدة الشعب


( بقلم : طالب الوحيلي )

لم يكن الشعب العراقي يوما منقسما على نفسه بحيث يصل الامر به الى نوع من الاقتتال الطائفي ،بالرغم من السياسة الاستراتيجية للنظام البعثي التي بنيت على اساس مبدأ فرق تسد ،وبرغم منهجيته الاعلامية الضخمة ومحاولاته اجراء عمليات غسيل الدماغ للمواطن العراقي ،متخذا اخطر خطاب سياسي بغطاء ديني مفضوح ،هذا الخطاب هو التصعيد الطائفي ووضع حواجز حادة بين ابناء المذاهب والاقليات في العراق ،وقد كان اعلامه يسير باتجاه ما يسمية بإعادة كتابة التاريخ ،أي كتابته بالشكل المزيف للحقائق بحثا عن كل ما من شأنه بث الفرقة والخلاف بين ابناء الدين الواحد تحت نعرة عنصرية شوفينية قاتلة ،ضنا منه استمرارية البقاء في سدة الحكم الى ما لانهاية ،وقد خبر الشعب العراقي هذه السياسة وتدارك مخاطرها بما فطر عليه من تلاحم وعلاقات انسانية وشيجة لا اصل للفرقة فيها ولا تمايز الا في اطار وعقيدة ذلك النظام الجائر.

سقوط النظام البائد ومن قبل ذلك افلاسه السياسي في الداخل والخارج احال ايتامه وبقاياه والنظم السياسية الاقليمية التي لا ترغب ببناء عراق موحد ومتحرر وديمقراطي تعددي ،احالها الى البحث عن تلك الوسائل الرخيصة التي يمكنها احداث ردود الفعل الدموية التي ما ان تبدأ فلا تنتهي الا بكوارث حروب اهلية ،فكان ان لجأت زمر القاعدة الهاربة من حروبها في افغانستان وغيرها من الاماكن التي جربت بها حظها العاثر ،لجأت الى العراق بعد ان اطمأنت الى وجد الحواضن لها ،ولاسيما ايتام النظام البعثي التي رسم لها الدور قبل سقوط ذلك النظام لكي تتمكن من احراق الاخضر واليابس بعد ان يئست تماما من حلم العودة الى ماضيها الذي خضبت صفحاته بدماء الملايين من الابرياء ،ومن بين تلك الحواضن تنظيم هيئة الضاري الذي اكدت الكثير من التقارير على ارتباطه الوثيق بحزب البعث وعمله تحت يافطته ،فيما اكدت الكثير من الانشطة والفعاليات على الانحراف الفكري والعقائدي للضاري ودعمه لعصابات القاعدة وارتباطه الوثيق مع النافق الزرقاوي الذي اعلن بعدد من بياناته التي نشرت على مواقع الانترنت ووسائل الاعلام عن استراتيجية خبيثة هدفها القضاء على الشعب العراقي بعد ان تشيع الحب الاهلية ،فيما كانت تلك البيانات تفوح منها روائح البغض لكافة المذاهب الاسلامية في العراق ولكافة طوائفه واديانه ،ومع استمرار وتيرة الاقتتال التي وقعت وأدت ما أدت الى هدم العتبات المقدسة والمراقد الدينية وعلى راسها الروضة العسكرية المطهرة ،فيما قامت هذه الهيئة بالاشراف على كافة حملات التطهير العرقي والطائفي وتنفيذ سياسة التهجير القسري للاسر الامنة من ديارها مما ادى الى نزوح عشرات الالاف منها الى بعض المناطق الامنة تاركة خلفها املاكها التي تملكتها منذ عشرات السنين وخيراتها وثرواتها وذكرياتها نهبا للزمر الهمجية التي تسربت من دول الجوار العربي ومن عمقه وهي تعيث الفساد والدمار .

وبعد نجاح التجربة العراقية الرائدة وتحقق الكثير من التقدم باتجاه بناء العراق الديمقراطي الموحد ،وسيادة روح المحبة والتفاهم ونشر مفاهيم المصالحة الوطنية استرشادا بتوجيهات المرجعية الدينية العليا وعلى راسها الامام السيستاني( دام ظله) كونه صمام الامان في هذا البلد، ومتبنيات القوى السياسية المتصدية حيث كان للسيد الحكيم دور عظيم في تبني هذا الاتجاه والوقوف بكل حزم ضد الانجرار خلف ردود الافعال التي يمكن ان تقع ،فضلا عن تكريسه جل وقته وراحته من اجل فتح افق التلاقي والتفاهم بين مكونات الشعب العراقي ،وهكذا انتصرت الارادة الخيرة حين بدأت بوادر الصحوة في محافظة الانبار وصلاح الدين وديالى وعدد من المناطق التي اجتاحها الارهاب ،وتواصلت مناسبات التلاقي حيث كانت لقاءات رجال الصحوة مع القوى السياسية العاملة في مضمارالتجربة العراقية ،بما في ذلك كسر الحدود الفاصلة بين الحكومة وابناء محافظة الانبار عبر الزيارات المتلاحقة لبعض الشخصيات السياسية المهمة.

مقابل ذلك استمرت هيئة الضاري على سياتها التي تدعو بها الى استمرار جريان نهر الدم العراقي ،محاولة اختراق بعض المنضمات الدولية ومحافلها لكي تعكس الحقيقة وتظهر بمظهر الداعية لمظلومية كاذبة اساسها القتل وتكفير الاخر ،وتلك افكار وعقائد حارتها الحضارة الانسانية وعدتها تعديا على حقوق الانسان ،لكن تلك الحواضن المعادية للشعب العراقي وجدت في الضاري صوتا لها ،وحيث انكشفت جميع وريقاته واكاذيبه الرخيصة وهو المتهم اصلا من قبل القضاء العراقي والمطلوب جنائيا ،يعلو الصوت العراقي الصادق حين تعلن الحقيقة حيث اتهم الشيخ أحمد عبد الغفور السامرائي رئيس ديوان الوقف السني في العراق الجمعة الماضية هيئة الضاري التي أغلق مقرها في بغداد الأربعاء بأنها أصل الفتنة الطائفية، كونها التزمت الصمت حيال جرائم تنظيم القاعدة. وقال في في بيان صحافي قرأه الجمعة من مسجد أم القرى ببغداد: "الكل يعلم أن ما أصابنا في العراق من القتل والتخريب والتهجير كانت هيئة علماء الضاري أحد أسبابه، وأنا أحملها المسؤولية أمام الله عن هذه الدماء التي سفكت والأرواح التي ذهبت إلى ربّها تشكوا ظلم العباد". وأكد السامرائي أن إغلاق مقر الهيئة لم يكن قرارا حكوميا بل كان قرارا خاصا به حيث قال:"إن قرار إغلاق الهيئة لم يأت بتلميح أو تصريح أو إيحاء لأحد لا من حكومة عراقية، ولا من القوات الأميركية، ولا من أية جهة كانت، إنما هو اجتهاد محض مني". وأضاف أن هيئة علماء الضاري تستنكر نجاح العشائر العراقية وأبناء المساجد وقفتهم الشجاعة ضد القاعدة، عادا ذلك تحريضا واضحا وتشجيعا سافرا لتنظيم القاعدة على ذبحهم وقتلهم للعراقيين: "لو أن هيئة علماء المسلمين وقفت مع العراقيين في تصديهم لعناصر القاعدة، ولم تكن طرفا لشق وحدة الصف العراقي لما أقدمنا على إغلاقها، ولكن من المؤسف أن أسود الأعظمية يدحرون تنظيم القاعدة والهيئة تتباكى على المجرمين، وتعلن بالحرف الواحد أن "ميليشيات السامرائي تقتل الأبرياء أمام أبي حنيفة"، وسبق لها أن تباكت على القاعدة يوم اندحرت في الأنبار وباقي محافظات العراق". وأكد بأن الهيئة كانت عائقا أمام دخول أبناء السنة في صفوف الجيش والشرطة عندما رفضت الفتوى التي صدرت عن أكثر من 60 عالما من علماء العراق بالحث على الانضمام إلى الجيش والشرطة. وطالب الشيخ أحمد عبد الغفور السامرائي رئيس ديوان الوقف السني في العراق هيئة علماء المسلمين أن تعلن براءتها من تنظيم القاعدة بشكل واضح: "نطالب الهيئة أن تتقدم للعراقيين بإعتذار صريح وأسف عن سياستها التي سببت لأبناء العراق الويلات والنكبات، وأن تعلن براءتها من تنظيم القاعدة بكل صراحة ووضوح، ولو أن قناتكم الفضائية حذرت العراقيين من الإنخراط في صفوف القاعدة بمقدار الشتم والسب الذي وجهتموه لنا، لما دخل أبناؤنا في تلك التنظيمات المجرمة".

هذا الموقف المهم قد لقي اصداءا واسعة لدى ابناء شعبنا ولاسيما من الاخوة السنة وباركوه مرحبين بعودة الهدوء والطمئنينة لمناطقهم ،وفي ذلك تلاقي كبير مع بنود وثيقة مكة المكرمة التي وقعت عليها اطراف من علماء العراق من كافة المذاهب والتي نصت على حرمة الدم العراقي وعلى نبذ الفرقة بين صفوف الشعب ،وبالتأكيد فان لهذه الانعطافة الكبيرة اسند علمائي عربي حيث كان لعلماء الأزهر اكثر من نشاط يدعو لحرمة الدم العراقي ولنبذ التفرقة الطائفية بين المذاهب ،فيما تعلو أصوات بعض علماء السعودية بهذا الاتجاه لتلجم نعيب علماء التكفير فيها الذين يغيضهم استقرار وتوحد الشعب العراقي..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك