المقالات

احلام البعض تدمر العراق – طارق الهاشمي ( الجزء الثاني )


( بقلم : عبد الكعبي العراقي )

وطارق الهاشمي الذي يدعو الى رفض الفدرالية لانها تفتت وحدة العراق على حد زعمه ، مع ماحمله من حزن على من يريد تفتيت وحدة البلد ، نراه في زياراته الرسمية للخارج لايحمل الهموم العراقية كما ينبغي لاي مسؤول في الحكومة في مثل هذه الجولات ، بل نراه يتكلم باسم الطائفة وتتركز جل محادثاته في التحشيد والتاييد لطروحاته الطائفية ، لذا لم يكن غريبا عليه ان يركز جهوده ويضمن جدول المباحثات مع الرئيس الاميركي وهو يزور واشنطن بصفته نائبا لرئيس جمهورية العراق موضوعا يسلط فيه الضوء على رد فعل شعبي وينسى الفعل الاساسي ، والاجدر كان طلب المساعدة في وقف دوامة الفعل ورد الفعل في زيارته هذه بصفته الرسمية ممثل لكل العراقين ، وحتى تكوينةالوفود المرافقه له في زياراته الخارجية ذات صبغة طائفية بل ان معظمهم ان لم نقل كلهم من الحزب الاسلامي ،

من هنا يتضح عمق التناقض في طروحاته ، ففي الوقت الذي يرفض فيه الفدراليه بذريعة الحرص والتباكي على وحدة العراق ، نراه يتصرف بروح الكونفدرالية التي هي نقيض الفدرالية ، اما محليا فلم نسمع يوما انه قد ادان فعل القتل الطائفي ضد جهة ما لكننا نسمعه مستنكرا ومسلطا الضوء على رد الفعل وهذا يناقض ادعاءات الحرص على وحدة البلد ، وان ادان بعض الحوادث التي اتسمت بوحشية عالية راح ضحيتها اعداد هائلة ، لا لانها جرائم كبرى تتسم بالوحشية لكنه يستبق رد فعل ربما يكون عنيفا من خلال مناشدته بضبط النفس و الاسراع في عقد الاجتماعات لتهدئة الوضع ، ولم يحدث ان زار ضحايا مثل هذه الاعمال ، رعم انه قام بزيارات لضحايا احداث مشابهه لكنه حرص على اضفاء طابع طائفي عليها ، لكنه بسلوكه هذا يترك اثرا طائفيا لن يدعمه مستقبلا في تحقيق طموحه في الحصول على منصب رئيس الجمهورية المهوس به بشكل لايصدق ، ومن اجل هذا الطموح فهو يعطل انجاز التعديلات الدستورية من خلال الاصرار على توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية لكي تكون مطابقة لذلك الطموح وما درى ان مثل هذا المنصب يمر عبر بوابة ارضاء الغالبية العظمى من الشعب الذين يغامرهم احساسا غير ودي اتجاهه و يمكن التأكد من ذلك عبر مؤسسات استطلاعات الراي لمحافظات الوسط والجنوب والشمال وحتى المحافظات الغربيه ، اما محاولات استرضاء الرئيس الاميركي من اجل ان يضمن حلمه بأنه الرئيس القادم للعراق واطلاق الاوصاف غير المبررة والمهينة لرفاقه الذين طالما تغنى ( بمقاومتهم ) ، فلن تجدي نفعا ، فهو بعرف جيدا بأنه ليس بامكان بوش المنتهية ولايته قريبا ان يفرض ما ترفضه الاكثرية من الشعب ، وقد تمنى الكثير من العراقيين ان يسمع من ( المقاومة ) او من قادة الحزب الاسلامي الذين طالما تغنوا بتلك المقاومة تعليقا او تبريرا لاطراء الهاشمي المبالغ فيه تجاه رئيس امر بغزو العراق عندما وصفه ودون مناسبة تذكر بانه اعظم رئيس دولة الآ اذا كانوا يعرفون ان هذه المقاومة هي في واقعها لاتقاتل الاميركان بل لها اهدافا اخرى باتت معروفة للقاصي والداني ،

اما مواقفه من صحوة الانبار عند بداية نشأتها ، فقد كانت سلبية جدا وحاول جاهدا وقف التفاعل الحكومي والاميركي معها ، على اعتبار ان جبهة التوافق هي الممثل الشرعي للسنة العرب وكعادته هدد بالانسحاب من العملية السياسية في حالة التعاطي رسميا مع هذه الصحوة وقد وصف بعض رجالاتها باوصاف فاق بها ما صرح به الضاري تجاه شخوص تلك الحركة ، ومرد ذلك لسببين اولهما رغبته بعدم وجود منافس له على الساحة السنية والثاني ان اعمال القاعدة التي استهدفتها الصحوة تصب في ذات الهدف الذي يسعى اليه وهو خلق الفوضى وافشال العملية السياسية واسقاط اية حكومة تنتجها هذه العملية من اجل العودة الى الوراء وتحقيق طموحمه باعتبار ان الساحة قد خلت له ، وقد ترددت الحكومة في باديء الامر لوجود تحفظات منطقية من التعامل مع هذه الصحوة ، الآ انها وبالاتفاق مع الطرف الاميركي دعمت جهود رجالات هذه الحركة لاحقا ، وبدخول الاميركان طرفا في القضية ، التزم الهاشمي الصمت وقتئذ ، ولكن نجاحات تلك الصحوة وتعميم صيغتها على محافظات اخرى ، دفعته باتجه التخلى عن مواقفه السابقة ودار مائة وثمانون درجة وصار يتحدث بمواقف مغايرة تماما لما كان يتحدث به ، محاولا التقرب من تلك العشائر التي انضوت في الصحوات من خلال لقاءات مستمرة ويتناغم مع طروحاتهم لاشعارهم بانه على ذات الخط الذي يسيرون عليه ضاربا عرض الحائط ما كان يعلنه او ما يضمره ، والهدف من هذا كله هو لكي لايسحب البساط من تحته ويبقى الزعيم الرسمي للسنة العرب .

والغريب ان الهاشمي في لقاءاته الكثيرة والمتناقضة في الطرح ، يعطي صورة للمتلقي مغايرة تماما لممارساته السلطوية ، ففي الوقت الذي يلوم الاخرين في اختيار قيادات الدولة الادارية ، كانت نتائج خياراته او تلك التي كان له فيها دور ، غير موفقه ولاتدل على حرص لبناء دولة كما يدعي ، واشرت الى ميوله لاغتنام الفرص والاستفادة من السلطة وليس خدمة الشعب والامة او الدين كما يتوجب على رجل ينتمي لحزب ديني ، فاختيار رجل بمواصفات سعد الهاشمي الذي لايمت بصلة للثقافة والمثقفين وبغض النظر عن كون هذا الرجل متورط في جرائم قتل وتصفيات جسدية وعلى خلفيات مذهبية ، كوزير للثقافة كانت بمثابة اهانة واستخفاف للمجتمع والدولة ، وهذا مثال لمجموعة كبيرة من هكذا نماذج استطاعت التوغل الى مفاصل الدولة في الرئاسة والوزارات والجيش والشرطة وعلى خلفيات بعيدة عن منطق الرجل المناسب في المكان المناسب ، وهذه الخيارات يبدو انها مستمرة ولكن هذه المرة تحت بند التوازن الذي هو اسوء مطلب وينذر بالكارثة على المجتمع والدولة ان استمر ويتحمل مسؤلية هذه الكارثه كل من يوافق عليه مهما يكن المبرر، لانه مطلب طائفي خالص ويعري مروجيه من الهويه الوطنيه ، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر احداث دائرة البعثات في وزارة التعليم العالي في العام الماضي ، حيث دأب بعضا من هذه النماذج على اسلوب في العمل ينم عن سلوك معروف ذا طابع استبعادي لايبغي بناء وطن وهو جزء من توجهات امين عام الحزب الاسلامي وقد استدعت مثل هذاه الممارسات رد الفعل المعروف في وقتها وهو عمل مرفوض ، لكن من البديهيات ان يكون لكل فعل رد فعل والبشر خلاق في استنباط السبل لتحقيق ذلك ، وعلى هذا المنوال كانت معظم الافعال التي نفذت بهذه الطريقة هي تعبير عن رد فعل لفعل قد سبقه ، ولان الاعلام متحيز تم تسليط الضوء على ردود الافعال واهملت الافعال وكان على الحكومة ان تتعامل بكل جرأة في تجريم الفعل لكي تمنع رد الفعل ، لان دوامة الفعل ورد الفعل ستستمر ولن توقفها اية قوة مالم تلغى مثل هذه الاسس الطائفية والتي يحلو للبعض تسميتها بعملية التوازن في توزيع الواجبات الوظيفية للدولة وماتنتجه من خلق بؤر لافعال تعمق التمحور الطائفي وتلغي الاخروبالتالي تؤدي الى ردود افعال لاتحمد عقباها .

والذاكره لا يمكن ان تنسى محاولة الهاشمي في ثني تطبيق خطة فرض القانون عند الشروع بها من خلال فبركة سيناريو موضوع صابرين بالاشتراك مع الضاري ، مع انهما لايلتقبان ابدا ، لان كلا منهما يعتبر الاخر منافسا له في زعامة الشارع السني ، لكن وحدة الهدف قد جمعتهما وباشراف اطرافا عربية والتي وفرت المنبر الاعلامي لبث تلك الاكذوبة عبرالعديد من الفضائيات في آن واحد بعد دقائق من اعلانها ، وقد فات على معدي هذه الفبركة ، بان الاختيار غيرموفق والاعداد غيرمتقن ، حيث يمكن للمتتبع ان يكتشف وبسهولة تلك اللعبة من خلال التعرف على اللهجة التي تكلمت بها تلك المرأة وما ورد فيها من مفردات ، يعرف العراقيون من خلالها من اي وسط تم جلب تلك المرأة ، وقد استهجن ابناء السنة قبل غيرهم من العراقيين عبر المقالات الصحفية والمقابلات العديدة تلك القصة واعدها البعض اهانة واسلوب دنيء ومبتذل لتحقيق مآرب سلطوية وعلى حساب قيم عشائرية يتوقف عندها العراقيون بكل طوائفهم ويعتبرونها خط احمر دونه تسال الدماء .آخر ما نتناوله من سلوكيات هذا الرجل ، مشروعه الذي اسماه بالعقد الوطني والمؤلف من خمسة وعشرين نقطه ، ويبدو ان الطرح وفي هذا الوقت جاء للاسباب التالية

1 – استدراك لحقائق ظهرت على الساحة العراقية والتي تحمل بين طياتها مؤشر لفشل جهوده الرامية الى افشال الحكومة الحالية بشخص رئيسها السيد نوري المالكي الذي يراه عقبة كبيرة امام تحقيق طموحاته التي اشرنا لها سابقا كما انه يدرك جيدا بان المالكي يعي هذه الطموحات بشكل جلي ويعمل وبصلابة على افشالها من منطلق الحرص على سلامة العملية الديمقراطية ، لذا بات يكن له بغضا شخصيا وان غلفه لعامة الناس بأنه اختلاف في وجهات النظر وهذا جزء من العمل السياسي المبرر .

2– من الحقائق الاخرى هو نجاح الحكومة في المجال الامني والذي سوف يعزز من موقف الحكومة محليا وكذلك موقف بوش الذي يبدو مرغما في دعم حكومة المالكي حاليا وهو يخوض صراعا مريرا مع الديمقراطيين بسبب الانتخابات الرئاسية في السنة القادمة . وهذا النجاح يحسر الاضواء عن الهاشمي الذي يتحرك ليطرح نفسه بديلا للمالكي لانه يتصور بامكانه حلحلة الوضع الامني حسب ما يعتقده عبر تصورات طالما لوح بها على انها الحل للمشكلة العراقية وهي ذاتها المطالب التي يصر هوعليها وكذلك جبهة التوافق .

3– تقرير كروكر – بتريوس افشل الكثير من المراهنات والجهود والتحالفات التي كانت مهيأة من اجل اسقاط حكومة المالكي ومن ثم تحقيق سيناريو يكون للهاشمي موقعا يقربه من طموحاته .

4 – بعد ان اغلقت الابواب وفق ما ذكرناه ، لابد من العودة والتفكير بطرق جديدة لتحقيق ما يصر عليه الهاشمي وجبهة التوافق من مطالب وتحقيقها سيصب في خدمة الاهداف الشخصية للهاشمي ، ولان الانسحابات او مقاطعة البرلمان اتت بنتائج عكسية ، فقد اظهر الاميركان انزعاجا واضحا من هذه الطريقة وكذلك حلفائهم العرب الذين يتعرضون لضغوط اميركية كبيرة لاقناع السنة وجبهة التوافق للاستمرار في العملية السياسية ، اتت هذه المطالب بحلية جديدة حيث ادخلت مع مجموعة من النقاط المستوحاة من الدستور لاضفاء نوعا من المطالب الوطنية والمنطقية على هذه المبادرة ،

ان الاسهاب الذي استغرقه موضوعنا هذا لا يقصد منه التجريح الشخصي للرجل ، لكننا فقط اردنا التذكير ببعض المحطات المهمة في سلوكه والتي منها يمكن الاستدال على جهة سيره ، وهذا مهم جدا بالنسبة للشعب لكي يعرف هل ان مصيره بيد امينة نذرت نفسها لخدمنه ام انه سيكون سلما لوصول البعض لتحقيق طموحاتهم الشخصية وعلى حساب الآمه ، ثم ما جدوى التعكز على نقاش عقيم مع طرف لايقبل الحوار الآمن خلال تنفيذ ما يراه حتى وان كان على حساب الطرف المقابل ، فمثل هذه المواقف لن تقرب وجهات النظر وستزيد من معاناة العراقيين وتذهب بأموالهم وتقضي على ما تبقى من بنى تحتية للخدمات القاصرة اصلا عن الايفاء بحاجيات الناس ، وهذا يتطلب الشجاعة الكافية لاستبدال المحاور بآخر يتصف بنكران الذات والبعيد عن تغليب الانا ، لان شخصا كهذا سوف يقرب المسافات ويختصر الزمن وسيكون الشعب هو الرابح ، وبالامكان افهام المخلصين في الداخل وقوى الجوار واللاعب الاكبر في الساحة العراقية وهم الاميركان بالحاجة الى وجود محاور جاد ومخلص يتبنى الاسهام في حل المعضلة العراقيية وليس تخريبها

عبد الكعبي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك