المقالات

معارضة مسودة قانون الانتخابات للثقافة الشعبية


عزيز الابراهيمي‎

 ان ما يميز تجربتنا الديمقراطية عن التجارب الاخرى في الدول المستقرة، انها نشأت في ظل ثورة الاتصالات وهيمنة الاعلام الذي يستخدم التكرار والتلقين بغية حشر الافكار في عقول الناس بصرف النظر عن سلامتها, على الثقافة التي تستخدم التروي والادلة في سبيل الاقناع والتي بار سوقها في الاوساط الشعبية اسيرة الاعلام. 
 هذه الاشكالية ادت الى خلل كبير في بنية الدولة من تشريعات وسلوكيات تنفيذية, فبدل ان تشرع القوانين التي تضع الركيزة المتينة لبناء الدولة ابدلت بكثير من القوانين التي تعطي الامتيازات لفئة دون اخرى، وهذا ادى الى ان ينتظم كلٌ في فئة خاصة, تختلق الاعذار لكسب الامتيازات، فكانت القوانين تأتي تباعا من دون رعاية لمبادئ العدالة واحترام أسس العمل والانتاج والفاعلية. 
 كما ساهمت سطوة الاعلام الى عبثية وتناقض في مواقف الناس ومطالبهم, في مجال السياسة والاقتصاد وكثير من مناحي الحياة الاخرى, فقبل ايام ارسلت رئاسة الجمهورية مسودة قانون الانتخابات الى البرلمان لغرض تشريعه, ولاتخفى الأهمية القصوى لقانون الانتخابات في تنظيم الحياة السياسية وترشيدها, ولكن هل يعبر هذا القانون عن رغبة الجمهور في تقليص عدد الاحزاب والكيانات السياسية ام انه يراكم المزيد منها من دون تباين في مناهجها وسياساتها؟!
 مشكلة هذه المسودة انها تساهم بشكل كبير في نشوء مزيد من الاحزاب والتي بعضها عبارة عن احزاب ظل, للاستفادة من اي قانون يعطي فرصة للاحزاب الصغيرة وبالتالي هو نوع من التحايل على الناس لكسب اصواتهم, وذلك من خلال اعتمادها للنظام المختلط ولتقليل الرقم الاول الى 1,5 في قانون سانت لوغو. 
 اعتدنا ان يروج الاعلام للشيء ونقيضه فقد ينبري البعض للدفاع عن المسودة, لانها تضمن لمن يأتي باعلى الاصوات دخول المؤسسات التشريعية, هذا وأن كان مقبول من حيث المبدأ الا انه ينتناقض مع رغبة المجتمع في ترشيد العملية السياسية من خلال تقليل الاحزاب والحد من كثرتها, خصوصا إنها تحمل نفس الشعارات وتفتقد الى الكثير السياسات العامة, واليات العمل الواضحة, اضافة الى انه لا يشجع ان تندمج تلك الاحزاب الصغيرة والشخصيات النافذة في كتل كبيرة وتكون لها القابلية على المنافسة وحصد المقاعد الانتخابية وتشكل خياراً مقبولاً للناخب.
 لقد شهدت انتخابات مجالس المحافظات قانونا اقل قدرة على تشجيع الاحزاب الصغيرة من هذه المسودة, ولاحظنا حجم المشاكل التي شهدتها المحافظات جميعا من تغيير مستمر لمحافظيها وتعطل تشكيل حكوماتها وابتزاز افراد وكتل صغيرة للمجموع, حتى شاع مصطلح (اليكات) في اشارة الى تحكم افراد في مجالس المحافظات لا لشيء سوى لانهم رقم في اكتمال النصاب القانوني لاي مشروع, مما انعكس سلبا على المواطنين.
على المؤسسة التشريعية ان تتحلى بالحكمة وتقدم المصلحة العليا للبلد وان تولي هذا القانون الاهمية القصوى وان تقر ما من شأنه ترشيد الحياة السياسية وتبتعد عن التأثر بصخب الاعلام اللحظي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك