ساعدت اجراءات تقليص الانتاج للبلدان على تحسن الاسعار، والتي تدور اليوم بالنسبة لخامات برنت حول 55 دولار/برميل. والحقيقة ان منتجي "اوبك" وحلفاءهم التزموا بشكل عام بما تعهدوا به افضل من التوقعات. كما ساعد على تحسن الاسعار ايضاً، انخفاض الدولار، والقرار الامريكي باستمرار فرض العقوبات على ايران، وتأثر القطاع النفطي بذلك.
بالمقابل، لم يكن مفاجئاً تحرك العوامل المضادة التي تحد من ارتفاع الاسعار. فلم تتحسن معدلات النمو الاقتصادي في اوروبا والصين والمستهلكين الكبار الاخرين لم تتحسن، ولا ينتظر تحسنها في القريب العاجل. اما العامل الضاغط الاهم فهو ازدياد انتاج الخامات الامريكية والكندية ومصادر النفط الصخري، مستفيدة من تحسن الاسعار. فلقد عادت للخدمة اكثر من 158 حفارة في الولايات المتحدة، منذ 5/2/2016، حتى 3/2/2017.. وعادت في كندا للفترة نفسها 101 حفارة. وارتفع الانتاج الامريكي منذ نهاية تشرين الثاني الماضي عندما اتخذ قرار التخفيض، والى نهاية كانون الثاني من العام الجاري من 8.6 الى 8.9 م/ب/ي
تحسنت واردات الموازنة العراقية بسبب ارتفاع اسعارالنفط بمعدل مليار دولار شهرياً تقريباً.. وهذه اموال يحتاجها العراق لتلبية متطلبات الحرب، ولسد حاجيات البلاد. لكننا يجب ان لا نطرب كثيراً لهذه النتائج. فنحن في سباق مع الزمن. وان الاستمرار بالتعويل على النفط وتحسن اسعاره هو مغامرة كبرى سنتحمل جميعاً مسؤولياتها. وان الخيار الاجدى امامنا هو ليس اللجوء للديون، والعجز، وتخفيض سعر الدينار والتمويل عبر التضخم، او الاستمرار باقتطاع المزيد من الموارد للخزينة على حساب المواطنين من كافة القطاعات، بل بتحريك كل العوامل التي يمكنها ان تطلق حراكاً اقتصادياً واسعاً، باستثمار الوقت، والتحرر تدريجياً من الاعتماد القاتل على الموارد النفطية. وهنا نشير لعدد من التوجهات الاساسية، باعتبارها توجهات محورية، يمكن تحقيقها، بشرطها وشروطها، دون الحاجة لتمويلات اضافية عن طريق الديون او النفط.. على العكس يمكنها ان توفر موارد للدولة، ويمكنها ان تحرر وسائل التمويل الاخرى لانجاز مشاريع القطاع العام والبنى التحتية، اضافة لاستكمال الحوكمة والبيئة الاستثمارية والتشريعات اللازمة وتخفيض النفقات وهدر الاموال وحسن توجيه المتوفر منها، واصلاح النظام الضريبي والجمركي، الخ.
1- توزيع جزء من الموارد النفطية على الشعب مباشرة تطبيقاً للمواد الدستورية بملكية الشعب للنفط والغاز، باحدى الطرق التي اقترحت في العديد من الدراسات.. مما سيصحح سياسات الدعم، ويخفف الضغط عن التوظف، ويوفر اطمئناناً عاماً لدى المواطنين بتوفر الحد الادنى لمعيشة العوائل، ويحرك الاقتصاد والاسواق عموماً.
2- توزيع الكثير من اصول وموجودات الدولة من اراضي ومعامل ومبان، اما مجاناً شرط الاعمار والاستصلاح، او باسعار رمزية، او باسعار استثمارية وذلك حسب الحالات، مما سيوفر حجماً كبيراً من النشاطات الاقتصادية التي تساهم في توفير العمل والمداخيل للمواطنين من جهة، وتساهم في دعم موازنة الدولة عبر الجبايات المباشرة وغير المباشرة من جهة اخرى.
3- اعطاء العمل في القطاع الخاص نفس حقوق العاملين في القطاع العام، لاسيما في مواضيع التقاعد والضمان، الخ.
4- اعطاء الاولوية للاستثمارات الوطنية والاجنبية، ورفع الحواجز والعقبات الادارية والرقابية والقانونية غير المبررة.. والاهتمام بالمشاريع التي تعوض رؤوس اموالها من مواردها وجباياتها، كالجامعات، والمدارس، والمستشفيات، والمواصلات، والكهرباء، والمياه، والنفايات، والاتصالات، والمشاريع الزراعية والصناعية والسكنية، والسياحية، والمشاريع النفطية والغازية لاستخدامات محلية استهلاكية او تصديرية او لانتاج مشتقات ومواد اخرى كالبتروكيمياويات والاسمدة، الخ، الخ.. والاهتمام بتطوير القطاع المصرفي باعتباره عتلة التنمية، وتوفير المغريات والتطمينات لجذب الاموال الورقية النقدية للدخول في الدورة المصرفية، وتشجيع سياسات التسليف الرصينة في شتى الحقول، وسياسات بدائل الاستيراد، ودعم مخارج ومنتجات النشاطات، ودعم الصادرات.
عادل عبد المهدي
https://telegram.me/buratha