المقالات

مذكرات ناخب .. الحلقة الرابعة

2519 2017-02-09

 ثامر الحجامي

 كنا خمسة شبان, لم يتجاوز أكبرنا السابعة والعشرين عاما, رغما على العوز والفقر, لم تفارق البسمة شفاهنا. والمزحة كانت حاضرة معنا, لم يتزوج احدنا بعد, ولكن الأمل كان يحدونا, في أن نرتبط مع من نحب .

 وبعد فترة؛ تزوج احد أصدقائنا, فكان واجبا علينا, أن نشاركه فرحته ونبارك له, فاجتمعنا وذهبنا الى بيته, القريب من كربلاء, فرحين مهنئين والضحكات تملأ المكان, ولم نترك بيت صديقنا, إلا بعد أن تناولنا وجبة الغداء, ثم ودعناه وأهله الذين كانوا مجتمعين عنده, على أمل اللقاء, مرة أخرى .

    كان لزاما علينا, أن نسير الى الشارع القريب, على منزل صديقنا, وننتظر سيارة تقلنا, الى حيث نريد العودة, وصرنا نترقب, وما هي إلا لحظات, حتى وقفت عندنا سيارتين, تحملان ( الرفاق ), يرتدون ملابسهم الزيتوني, مدججين بأسلحتهم, أحاطوا بنا من كل جانب, فبادرنا كبيرهم بالسؤال الغليظ, والاستفسار عن هوياتنا, وماذا نفعل هنا ؟ فسارعنا بإبراز هوياتنا الأصولية, وأننا جئنا لنبارك لصديقنا العريس, الذي بيته قبالتنا, ولكنه أمسك بهوياتنا, وقال إننا ذاهبون لزيارة " كربلاء " ! وأمر من معه بإصعادنا الى سياراتهم, وأخذنا الى الفرقة الحزبية, وفي الطريق أقسم أنه " سيترفع برؤوسنا " ! .

    مابين مصدق؛ وغير مصدق بما يحصل, وصلنا الى الفرقة الحزبية, وأدخلونا على كبيرهم, الذي يكاد كرشه أن يصل الأرض, ورأسه كرأس ثور, والدخان الغليظ يتصاعد من سيجارته, فاخبروه : بأننا زوار الى كربلاء, جاءوا مشيا ! وأنهم ألقوا القبض علينا, فالتفت إلينا, فبادرناه بالنفي, وروينا قصتنا كاملة, فتعاطف معنا ! وأنه سوف يتم إطلاق سراحنا, ولكن ليس من هنا, بل مكتب الاستخبارات, فقد صار لديهم, علم بالأمر.

    وهكذا تركنا الفرقة الحزبية, وتم أخذنا الى مكتب الاستخبارات, مع تقرير الرفيق, الذي علمنا فيما بعد, أنه يؤكد فيه, إننا زوار لكربلاء ! وليته ذكر جريمة أخرى غيرها, فهذه الجريمة هي اكبر الجرائم, في زمن البعث, وعقوبتها ربما تصل بك للإعدام, فكان علينا أن نتحمل صنوف التعذيب, طيلة فترة التحقيق, عسى وان تنفع تدخلات أهلنا, و" واسطاتهم " لإخراجنا .

    بعد مرور شهرين, في الغرفة المظلمة, والضرب بالسياط والقهر والتنكيل, تنشقنا الهواء العليل, ونظرنا الى قرص الشمس, يملأ حدقات عيوننا, دون أن يؤذيها, وفرحة تملأ قلوبنا, فنحن في طريقنا الى القاضي, الذي  سيطلق سراحنا, وما أن دخلنا ووقفنا أمامه, نظر إلينا بتمعن, وقال هل انتم الزوار ؟ كان لزاما علينا, أن لا ننبس بكلمة, هكذا تم إخبارنا, ثم نظر الى أوراقنا, ورفع نظره إلينا وقال : لقد حكمتم المحكمة بسنة سجن غير قابلة للتمييز بتهمة التسول !! .

  وهكذا انتهت الأحلام وتلك الأمنيات, وضاعت الضحكات في دهاليز السجون, من اجل أن يترفع ذلك الرفيق, لكونه قبض على اخطر المجرمين, الذين يهددون امن الدولة, فقد كانت زيارة الحسين وأهل بيته عليهم السلام. في كربلاء تقض مضاجع البعث, وتؤرق نومهم وتهدد دولتهم, وبتلك الجريمة ذهب الكثير من الأبرياء, الى حبل المشنقة, أو غيبوا في دهاليز السجون.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك