( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
كل المشهد العراقي الحالي خاضع لشتى انواع الانعطافات سواء الحادة منها ام المنفرجة، باعتبار ان العراق قد دخل بكل اتجاهاته ومكوناته وعموم تجربته الجديدة الى ميادين لا تتشابه بآلياتها واهدافها ونمطيتها مع التجارب السياسية السابقة الممتدة الى ما يقرب من التسعة عقود.
بمعنى آخر ان مجمل الانعطافات التي يسير في اقنيتها المشهد العراقي الحالي هي انعطافات استراتيجية كونها تدخل في عملية بناء الاسس والركائز المفترضة لصناعة هيكليات دستورية وسياسية وادارية وعسكرية وامنية واقتصادية وتربوية وثقافية تشكل بمجموعها الهوية الجديدة للعراق الذي دشن حقبة لا تنتمي بأي شكل من الاشكال الى الحقب القديمة.
قد تضطر القوى السياسية الداخلة في بناء المشهد الحالي للعمل بالآليات غير المنسجمة مع الآليات المفترضة في تشييد هذا البناء الا ان هذا لا يمكن له ان يكون خياراً اساسياً في المسارات المفتوحة على كل الاتجاهات وتبقى مسألة القبول بالخروج عن تلك المسارات مسألة مشروطة وفقاً لمبدأ الاستثناءات الملازمة لكل قاعدة سياسية او علمية او حياتية. اما ان تتحول الاستثناءات الى انماط قاعدية فهذا غير مسموح به في عملية بناء المشاريع الكبرى خصوصاً عندما يأخذ المشروع شكلاً تتداخل فيه العناوين الاجتماعية والسياسية والادارية وصولاً لبناء الدولة العصرية.
من هذه النقطة بالتحديد نحذر من مغبة الذهاب اللامدروس وراء المقاييس الضيقة لرسم فضاءات مفتوحة وواسعة ومتمددة فالدولة عادة ليست ارثاً كي تتوزع وفق مقاييس القسّام الشرعي، بل ان الدولة كيان حيّ غير ميت تتصف بقدرتها اللامحدودة على العطاء والاستيعاب وقد تكون هي الوحيدة غير الخاضعة للمقاسات الضيقة القائمة على نظام الحصص والميراث.
https://telegram.me/buratha