المقالات

الديمقراطية مدخل للدكتاتورية (أحيانا)


د. قاسم بلشان التميمي(باحث واعلامي)   في البداية اود ان اشير الى معنى مفردات مصطلحات انا متأكد ان القاريء الكريم يعرفها ولكن وجدت انه ربما يجب التذكير بها من باب (ذكر عسى ان تنفع الذكرى). منها:الدكتاتورية هي شكل من أشكال الحكومات يمسك بزمام السلطة، بشكل مطلق فيه فرد أو هيئة أو جماعة. ويعود أصل دكتاتور (حاكم مطلق) إلى روما القديمة. حيث كان مجلس الشيوخ الروماني يعين أفراداً لفترة مؤقتة يكون باستطاعتهم تسيير الحالات الوطنية الطارئة دون موافقة الشعب أو مجلس الشيوخ،وقامت معظم(الدكتاتوريات) عن طريق العنف والقوة، وأحياناً من خلال الحيل السياسية. من أبرز دكتاتوريي القرن الماضي بنيتو موسوليني الإيطالي عام 1922م، وأدولف هتلر الألماني عام 1933م، وفرانسيسكو فرانكو الأسباني عام 1939م، ودكتاتور تشيلي أغوستو بينيوتشيه عام 1973م، ولاننسى دكتاتور القرن الماضي والحالي (صادمنا ومحطمنا) . أما الديمقراطية فهي تعني في الأصل حكم الشعب لنفسه، لكن كثيرا ما يطلق اللفظ علَى الديمقراطية الليبرالية لأنها النظام السائد للديمقراطية في دول الغرب، وكذلك في العالم خلال القرن الحالي، وبهذا يكون استخدام لفظ "الديمقراطية" لوصف الديمقراطية الليبرالية خلطا شائعا في استخدام المصطلح سواء في الغرب وحتى في الشرق، فالديمقراطية هي شكل من أشكال الحكم السياسي قائمٌ بالإجمال علَى التداول السلمي للسلطة وحكم الأكثريّة بينما الليبرالية تؤكد على حماية حقوق الأقليّات والأفراد. بعد هذه المقدمة البسيطة يجب الأشارة ايضا الى ان الفرق بين السياسي والغير سياسي هو ان الاول لديه اكثر من حل لقضية ما ، والثاني ربما لايملك نصف حل لنفس القضية ، ولكن ان تتحول المعادلة وتنقلب راس على عقب ، اي بمعنى ان يقف السياسي عاجزا ولايملك حل بسيط لاي قضية ، او ان الحلول التي ياتي بها لاتقدم ولاتاخر، بل على عكس ذلك تساعد على تعقيد القضية فتلك مشكلة كبيرة جدا ، وهذا يعني غياب الحل السياسي ، وهذا الغياب اذا كان طبيعيا اي بمعنى ان هذه هي امكانية السياسي فتلك مصيبة ، اما اذا كان الغياب متعمد ولغاية في نفس (يعقوب) فالمصيبة اعظم . اذا نظرنا الى الواقع العراقي نجد ان الانسان العراقي كان ولايزال على قدر كبير من المسؤولية ويملك وعي كبير، واقصد بالوعي هنا ان المواطن ادرك عظم القضية الملقاة على عاتقه ، وذلك عندما وجد نفسه بانه طرف مهم في حل ازمة البلاد وانه ،المحور الاساس من خلال قول كلمته في الانتخابات ، وكان المواطن العراقي اهل للمسؤولية ولم يبال بالخطر المحدق به ولم تهزه الانفجارات الارهابية، وذهب الى صناديق الاقتراع بكل عزم وارادة، وقال كلمته دون ادنى خوف ،ليأتي بعد ذلك دور رجال السياسة ،الذين وللأسف أن (البعض) منهم لم يعط الانسان العراقي حقه ، واخذ هذا البعض يتصرف دون اي وعي سياسي  وحتى وعي (أخلاقي) الامر الذي ولد شعور لدى المواطن بأن بعض الساسة لم يحترموا الدم العراقي الذي روى تربة بلاد الرافدين. ليس هذا فقط بل ان هذا البعض وبما يملك من قصور سياسي ساهم بشكل كبير في زيادة عمق الجرح العراقي ، والمتتبع للاحداث التي شهدها العراق بعد التاسع من نيسان 2003 يرى ان البلاد شهدت تغيرات كبيرة وجذرية قل نظيرها ليس فقط على المستوى المحلي بل حتى على المستوى الاقليمي والعالمي. وللاسف ان (بعض) رجال السياسة لم يتفهموا الواقع الجديد ولم يكيفوا انفسهم لهذا الواقع ،واخذوا (يمشون بأستحياء أو بغير أستحياء) (بوعي )او (بغير وعي ) على خطا من سبقهم في تجربة الحكم، وبالتالي الانجرار نحو (دكتاتورية الديمقراطية !) ان صح التعبير وربما هناك من يعترض على هذه التسمية وانا اقصد (بدكتاتورية الديمقراطية) ان الشخص (الحزب) الذي وصل الى سدة الحكم عن طريق (الديمقراطية) وعن طريق انتخابات (نزيهة )، وفي نفس لحظة الوصول الى الحكم وتسلم مقاليد وزمام البلاد اخذ يتصرف (بدكتاتورية) عجيبة وغريبة، ناسيا او متناسيا ان الدكتاتورية لم تفيده بشيء بل على العكس سوف تنسفه كما نسفت قبله ممن حكموا البلاد. لكن هذا الدكتاتور الجديد ( الحزب)جاء بأسم الديمقراطية وبالتالي صنع لنفسه تبريرا مفاده انه جاء نتيجة اختيار الشعب وانه (المختار والاوحد والضرورة !) وليس هذا فقط بل ان (الدكتاتور الديمقراطي الجديد ) تصور نفسه مثل (الديك المغرور) الذي اذا لم يصيح فأن الشمس لم تشرق ! للاسف الشديد ان هناك من لم يفهم بعد ما الديمقراطية ولم يفهم الية عملها ،وفهمه للديمقراطية يقتصر على اختيار شخص  او على الأصح أختيار حزب عن طريق الانتخابات ، وبعد ذلك ينتهي كل شيء وتترك الامور كلها الى (القائد الاوحد!) الذي جاء عن طريق الانتخابات ، نعم نحن لانعترض على وجود هذا الشخص (الحزب)، ولكن اعتراضنا هو انه لايحق لهذا الشخص(الحزب) ان يتصرف على هواه ، كما لايحق له اصدار قرارات بشكل فردي ،وحجته انه جاء نتيجة لانتخابات ديمقراطية وانه جاء نتيجة لارادة الشعب. هذا شيء مرفوض لان الديمقراطية الحقيقية تبدأ بعد الانتخابات وفي لحظة استلام الحكم ، كما ان الديمقراطية الحقيقية تعني عدم التفرد بمصير شعب بأكمله عن طريق نظرة شخصية حزبية (ضيقة)، ولا اعرف متى يتفهم بعض ساسة البلاد موضوع الديمقراطية الحقيقية.  
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك