( بقلم : محمد الناصري )
بين الفينة والأخرى تطلع علينا وسائل الإعلام بزوبعة الهدف منها خلط الأوراق وتعكير العملية السياسية والتغطية على جرائم المليشيات التي تعمل بأجندات خارجية هي بالضرورة ضد مصلحة الشعب والوطن وتخدم جهات خارجية متعددة، وبعيد أحداث الشغب التي أثارتها المجاميع الإرهابية في تخريب زيارة الخامس عشر من شعبان1428هـ وترويع الزائرين وتدمير المدن الدينية وتعكير صفو الأمن فيها لصالح تلك الجهات، طلعت علينا الكثير من هذه الزوبعات وكان آخرها تصريح المدعو أحمد الحسيني مسؤول لجنة الأوقاف والسياحة الدينية !!!في مجلس محافظة كربلاء المقدسة ،الذي إتهم ميليشيات مسلحة - على حد تعبيره - خارجة عن القانون بالسيطرة على المردودات المالية للمراقد والاضرحة المقدسة في كربلاء والنجف، وقال الحسيني في حديث مع "راديو سوا" بتاريخ 13/11/2007إن تسليح الميليشيات هذه يأتي من أموال النذور والهدايا التي يقدمها زوار العتبات!!!
من المعروف أن عتبات كربلاء المقدسة وغيرها خاضعة لقانون العتبات الذي يحمل الرقم (19) لسنة 2005 م الذي اصدرته الجمعية الوطنية العراقية المنتخبة السابقة الذي بموجبه تأسست الامانتان العامتان في كربلاء المقدسة والتابعة الى ديوان الوقف الشيعي المرتبط برئاسة الوزراء، وهذه العتبات مؤيدة من قبل المرجعية العليا في النجف الأشرف، فالحساب الناتج من إيداعات الشباك المطهر وقسم الهدايا والنذوروالموقوفات في العتبة الحسينية والعباسية المقدستين، يتم سحب الأموال اللازمة منه لتسيير أمور الخدمة في الروضة المقدسة وفق الإجراءات الرسمية المتبعة عادة. ولا يتم سحب أي مبلغ إلا بتوقيع الأمين العام للعتبة بعد تشخيصه جهة الصرف. وبذلك تنظم الأموال إيداعاً وصرفاً، وفق آلية دقيقة تحت رقابة دينية وقانونية مشددة، ووفق النظام المحاسبي الموحد، توزع منها رواتب المنتسبين وصرفيات شراء المواد والأجهزة الخدمية لأقسام الروضة المقدسة، وينفذ بالباقي بناء وتطوير وصيانة المنشآت التابعة للروضتين التي ينجزها قسم الشؤون الهندسية والفنية بشعبه وورشه المتعددة وبكوادره العراقية، وما زال العمل مستمراً على قدم وساق لإنجاز ما تبقى من مشاريع جديدة لتوسعة العتبات واظهارها بالمظهر اللائق بها من حيث المقام الروحي والمعنوي التي تتمتع بها في قلوب المسلمين جميعا.
أما الفوج الرابع وهو فوج حماية الحرمين المطهرين التابع لوزارة الداخلية وهم يأخذون رواتبهم منها، وما تبقى من أفراد قسم حفظ النظام فإن حالهم حال بقية المنتسبين يأخذون رواتبهم من أموال العتبة، والمعروف عن أفراد حفظ النظام أنهم يحافظون على سلامة الزوار ومكافحة كل أشكال الفساد والإرهاب الذي قد يحدث في المنطقة الخاضعة لهم، وهدفهم توفير سبل الراحة والخدمة للزائرين الكرام.
وناشد الحسيني منظمات العالم الإسلامي والحكومة المركزية للتدخل لإنقاذ المراقد في كربلاء والنجف من هذه الميليشيات التي تصادر أموال المراقد التي تقدر بحوالي ثلاثة مليارات دينار شهريا!!!
أن اللجنة المخولة بفتحة الشباك المقدس تتكون بالإضافة إلى ممثل المرجع الديني الأعلى، مدير مصرف حكومي، وأعضاء مجلس إدارتها الشرعية، ويتم استضافة شخصيات من أعضاء مجلس المحافظة وشيوخ العشائر ومخاتير المناطق والمكاتب الدينية في المدينة وأي مؤسسة حكومية أو دينية ترغب أن تتشرف في مراسيم الفتح، فنحن نسأل الحسيني من أين جاء بهذا الرقم الذي ذكره؟ وهو يذكر في نفس اللقاء بأنه لا يعلم ما يدور داخل العتبات المقدسة؟!!! والحال أن أي شخص حكومي او جهة شعبية باستطاعتهم الإستفسار عن ايرادات الأضرحة من الجهات المستقلة التي تحضر الفتحة إن لم يثقوا بالجهات الشرعية؟! ويستفسر عن الإيرادات الشهرية ليتبين له مدى المغالطة والكذب والإفتراء الذي وقع به صاحب الدعوة، والحال أن الأمانة تذكر الإيرادات والصرفيات السنوية التي تخص العتبة في كراس سنوي يصدر عن منجزات ومشاريع وصرفيات العتبة.
وأشار أحمد الحسيني إلى ما وصفه بتدخل إيران الواضح في شؤون كربلاء والنجف، وقال إن الأضرحة المقدسة أصبحت مرتعا للمخابرات الإيرانية على حد قوله، وحذر من وقوع حرب شيعية-شيعية كبيرة بسبب سيطرة هذه الميليشيات على ما وصفه بقلب العالم الإسلامي، متهما الحكومة بالتغطية على أحداث الزيارة الشعبانية التي سقط فيها أكثر من 76 قتيلا.
يتذكر الجميع وبينما كانت الإجراءات تجري على قدم وساق لاستقبال الملايين من زوار المولى أبي عبد الله الحسين عليه السلام من قبل الأمانتين العامتين للعتبتين الحسينية والعباسية المقدستين، بمناسبة الزيارة الشعبانية ومولد الإمام الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف والتي تجري كل عام في الخامس عشر من شعبان المبارك، كيف انطلقت شرارة الفتنة بالتحديد مساء الإثنين 13 شعبان عام 1428 هـ الموافق 27/8/2007م عندما حاولت بعض المجاميع المسلحة غير المنضبطة من اجتياز إحدى السيطرات المؤدية إلى الحرم الشريف دون تفتيش، ما أدى إلى تطور الأحداث وإلغاء الزيارة الشعبانية باجلاء مئات الآلاف من الزوار من العتبتين وما بينهما حفاظا على سلامتهم من القتل والنهب والتنكيل.
وشهدت المنطقة المحيطة بالعتبات المقدسة من قصف للفنادق وتحطيم لمحتويات السيارات الخدمية وحرق وسرقة لمقرات الفوج والكثير من نقاط التفتيش ومستودعات حفظ الأحذية وأمانات زائري سيد الشهداءعليه السلام، وتصدعات لحقت جراء القصف العشوائي للزمر الإرهابية في السور الخارجي للصحن الحسيني الشريف وبرج الساعة والمنارة الشرقية وطارمة إيوان الذهب وجانب من المكتبة في العتبة الحسينية المقدسة.
إن كل شريف وغيور على دينه وعقيدته يستهجن التطاول الإجرامي الذي شهدته أطهر الأماكن على وجه الأرض في أقدس مناسبة، التي من أحياها كأنما صافح مئة وأربع وعشرين ألف نبي، ويغفر الله سبحانه وتعالى ما تقدم من ذنبه وما تأخر وكتب له من الثواب والأجر ما لا نهاية له ولا حد.
وأخيرا نقول للحسيني قليلا من الموضوعية قليلا من التقوى والورع قليلا من احترام حرمة المؤمنين وعدم الإفتراء والهتك والفتك، تذكر وقوفك أمام الله يوم القيامة إن كنت روحانيا كما تزعم! تذكر قوله تعالى ومَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 18] تذكر كل ذلك إن كنت تدعي أنك من أهل الدين والإسلام، وإن كنت غير ذلك فتوخى الدقة في سرد المعلومات إن إردت أن تكون موضوعيا وليس مهرجا، وناقدا بناء وليس حاقدا مصلحيا أفاكا... رفقا بسمعتك وما تبقى من ماء وجهك والجهة التي تقف خلفك، ما هكذا تورد الإبل يا حسيني، وفقنا الله وإياك إلى سبيل الرشد، وجنبنا مضلات الأهواء والفتن.
https://telegram.me/buratha