( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
أكدنا مراراً وتكراراً أن بلدنا بحاجة حقيقية الى بناء نظامه السياسي الجديد كي تتحقق عملية التغيير المطلوبة في العراق . قد تكون التجارب اللاحقة لما بعد حقبة التاسع من نيسان 2003 خطوات أساسية لابد منها، لكنها في كل الاحوال كانت تعبرعن تفهم ووعي ونضج سياسي للمشروع العراقي الحالي، وتوظيف دقيق لمجمل التجارب الحضارية التي سبقتنا ضمن الدائرة الاقليمية وتلك الابعد منها. وربما لا نجافي الحقيقة إن ذهبنا إلى القول بأن الذي تحقق في العراق خلال السنوات الاربع الماضية على الصعد السياسية والدستورية والامنية وبناء التجربة الديمقراطية كان يحتاج عند غيرنا ربما الى عشرين عاماً فيما إذا أخذنا المانيا والنمسا والدنمارك واليابان وما بعد مرحلة الاتحاد السوفيتي نماذجاً لمشروع المقارنة هذا. الاساس في كل ما يراد الوصول إليه هو أن بلداً - أي بلد - لا يمكن له أن يعيش حياة سياسية - اقتصادية - أمنية - عسكرية - دبلوماسية - اجتماعية - تربوية بأنظمة سياسية مختلفة ولا نقول متعددة ، وهنا نشير حصراً الى أن العراق لا يمكن له أن يكون بلداً اتحاديا ديمقراطيا موحداً وجزء منه يعيش بنظام فيدرالي وآخر خارج عن كل أنظمة الدولة وثالث يقع تحت مؤثرات التداخلات الاقليمية والطائفية ورابع خرج تواً من كابوس الارهاب الوافد وخامس ينتظم وفق إيقاعات المركز وسادس أصبح مؤهلاً للانتقال من دائرة المحافظة بإتجاه الاستحقاقات الدستورية.
الصنف الاخير نعتقد أنه الصنف الاكثر دقة وصحة ووضوحاً من الأصناف الأخرى، خصوصاً بعد تشكيله لمجلس المحافظين لمحافظات الوسط والجنوب التسع وانتخابه لرئيس دوري لهذا المجلس، فهذه الخطوة جاءت في وقتها ومكانها وأعتبرها العراقيون إنتقالة أو ولادة طبيعية لتمخضات امتدت زمنياً الى عقود ما قبل الاطاحة بنظام صدام المقبور والى بضع سنوات للحقبة التي تلت ذلك النظام البغيض .
الخطوة هذه جاءت كاستحقاق دستوري أولاً وأمني ثانياً واقتصادي ثالثاً واجتماعي رابعاً واداري خامساً وجغرافي سادساً وبالتالي فإنها قدمت تطميناً قوياً للمواطن العراقي وللمحيط العربي وللفضاء الدولي، بأن العراق ليس بلداً ممزقاً وإنما هو بلد التعددية والوحدة القائمة على الصحيح من الاسباب . السؤال الذي يُطرح الآن ما هي الخطوة القادمة بعد الإعلان عن تشكيل مجلس المحافظين للمحافظات التي تشكل بمجموعها ثلثي محافظات العراق إذا استثنينا المحافظات المنتظمة بإقليم كما في كردستان؟. بالتأكيد هذا ما ينتظره ابناء الوسط والجنوب قبل غيرهم.
https://telegram.me/buratha