( بقلم : طالب الوحيلي )
كلما حدث انفراج في ميدان مكافحة الارهاب بمفهومها الواسع ،وما خلفه هذا الارهاب من الوان مرعبة للجرائم وانماطها والتي يصعب على المرء نسيانها بما اسمته من مسميات كالقتل على الهوية اوالاقتتال الطائفي او السياسي ..الخ ،كلما تظهر الوان وانماط جديدة للجريمة المنظمة ،فاذا ما انتهت مبررات الاقتتال الطائفي في مناطق كانت ساخنة واتسمت بالتعددية الطائفية ،ظهر محلها استبداد عنفي تتبناه المجاميع المهيمنة على تلك المناطق ليتحول مغزى وجودها واهدافها الى مغزى آخر واهداف غير التي اختبأت وراءها تلك الزمر ..وبذلك يمكن تعرية حقيقتها ببداهة ،فهي اما امتدادات للعصابات التكفيرية والتي جاءت لتنفذ اجندة خارجية الغرض منها تفتيت وحدة الشعب العراقي اثنيا ووطنيا ،او انها من فصائل حزب البعث الذي يصر على التشبث بنمطه التصفوي الاستبدادي على وفق حلم العودة لفرض نظامه الديكتاتوري التصفوي وتهميش الجميع ،ومن منطلق ميكافيلي لايرعوي عن سلوك كل وسائل القتل والتخريب والابادة الجماعية، كما كان يسلك ايام حكمه الذي دام اكثر من خمسة وثلاثين عاما ،حيث احال الارض الى مقابر جماعية وما زالت آثاره لم تبارح مشاعر الذين اضطهدهم وتنفسهم الصعداء بعيد الخلاص من مجازره ولو لمدة قصيرة ،لان الكوارث الارهابية التي وقعت لا يمكن الا ان تعزى لذلك النظام ومؤسساته القمعية وايتامه الذين يرفضون الاندماج في الواقع الجدد الذي لولا افراطهم بالخراب والانفلات لمنحهم فرصا حقيقية في العيش الكريم وامكانية قبولهم ثانية في المجتمع السياسي والاجتماعي للبلاد ،بدل الخضوع لاجندات جعلت منهم وسائل لعرقلة تقدم عجلة البلاد واورثتهم سياسات ذلك النظام الدموي ،فيما اثرت على جدوى قناعة المواطن في النجاحات التي تحققت وما يمكن استثماره من نتائج عديدة اثر سقوط النظام البائد ،وهي نتائج كبيرة على الصعد المختلفة قد تجعل العراق اكثر تميزا من دول الجوار على اقل تقدير..
هذا الواقع قد تبلورت ردود افعاله فعلا لدى الكثير من ابناء شعبنا في المناطق ذات المواقف المعارضة لعملية السياسية ،والتي كانت الى وقت قريب ميادين للصراع وحواضن لعصابات القاعدة وايتام النظام البائد ،فقد تحققت الصحوة معلنة مقارعة قوى الظلام وحلفاءها وما اودت به الشعب من هلاك وانتهاك للحرمات ،ولذلك فليس بغريب ان تحدث تلك اللقاءات الحميمة بين اعضاء مجلس صحوة الانبار وشيوخ قبائلها وشخصياتها الاجتماعية والقوى السياسية ، تؤكد مد جسور التواصل وتحقيق الوحدة الوطنية كضرورة موضوعية وذاتية في نفس الوقت لما تشكله الاطراف الاجتماعية في الانبار من دور في خلق المعادلة الصائبة للمجتمع العراقي ، وفي لقاء للسيد عمار الحكيم مع قناة الانوار الفضائية قال : دائماً كنا نعتقد ان النسيج العراقي لايسمح بالصراعات الطائفية بين الناس ولازلنا نؤمن ان العراق في سنواته الاربعة الماضية لم يشهد حرباً طائفية بين اهله ، ليس هناك حرباً بين الاهالي وانما هناك حرباً على الاهالي ، هناك مجموعات على اساس اجندات سياسية معينة جاءت لتستهدف وحدة الناس وتماسكهم ، في السنوات الثلاث الاولى بعد سقوط النظام الصدامي جاءت مجموعات تكفيرية ارهابية تستهدف طوائف معينه لايجاد صراع طائفي بين العراقيين ، اصبح هناك عنف وعنف مضاد ولكن ليس بين الاهالي وانما بين مجموعات معينه وكان مداناً من قبل الناس ، ومن قبل المرجعيات الدينية ، ومن القوى السياسية المختلفة وهذا شيء مهم ، في الحرب الطائفية تصطف طوائف بكاملها بمرجعياتها وشخوصها للقتال فيما بينها وهذا لم يحصل في بلدنا ولامجال للمراهنة على الورقة الطائفية في العراق ، الالفه والمحبة بين العراقيين تزداد المشاركة السياسية وتوسعتها في ادارة البلاد اصبحت اليوم تتفهم بشكل اكبر بين القوى السياسية ، المجموعات التي كانت تستهدف وحدة العراقيين يضيق عليها في كل مكان ويبتعد ويضمر دورها يوماً بعد يوم.
هذا الواقع الجديد اليوم اصبح ياخذ مديات واسعة بعد تلمس المواطن العراقي بريق الامل في استتباب الحياة الطبيعية ،وفي ذلك انتصار للرهان الوطني على مزايدات القوى التي استوطنتها رغبة الخوض بدماء الابرياء ومصير البلاد ،ماخوذة بنزعة طائفية عنصرية تمتد جذورها الى المحيط المجاور بغض النظر عن هويته القومية .فيما يحلو لبعض المثقفين والاعلاميين العرب تصوير الواقع العراقي بسوداوية وقنوط لا يخدم سوى اعداء الشعب العراقي ويديم مشاهد المأساة التي يحاول ابناء العراق محوها من اذهانهم واحلال الصور المشرقة لواقع جديد..
https://telegram.me/buratha