وما إن وصلت الى المنزل, حتى عم الضجيج بين صفوف العائلة, فرحا بسلامتي, فهذا يقبلني وذلك يحضنني, والصغار فتحوا الحقيبة, بحثا عن علبة النساتل, التي وعدتهم بإحضارها, بينما أصرت سيدة المنزل, على ممارسة مهنتها المعهودة, وإعداد وجبة غداء تليق بوصولي, وعلى رأسها مادة " التمن ", التي لا تخلوا منها, الموائد العراقية أبدا.
لم يطل الأمر, أكثر من ساعة, حتى تم إعداد المائدة, والجلوس حولها لأشاهد صحن الرز, الذي يختلف على ما اعتدنا عليه, فقد كنا نشتري نوعا من الرز, منذ ثلاثة أشهر, لم نستلم فيها الحصة التموينية, ولما سألت عن سبب الاختلاف, كانت الإجابة بأنه "رز الحصة ", الذي ما إن تقربه, حتى تشم رائحته العفنة, التي تزكم الأنوف, وحين تتذوقه, يجعلك طعمه المر والكريه, تبتعد عن كل أنواع المأكولات .
حقيقة؛ حين تذوقت ذلك الرز, تذكرت كيف إن الموظفين, في جهاز السيطرة والتقييس, بثوا مقاطع فيديو, على وسائل التواصل الاجتماعي, يطبخون فيها الرز ويأكلونه, ليثبتوا بأنه صالح للأكل, وتمنيت أنهم أمامي, لكنت جعلتهم, يأكلون جميع حصتي من الرز حتى التخمة, أو افعل بهم كما فعل شاه إيران, حين دفن احد المهندسين, في حفرة بأحد الطرق, كونه غير مطابق للمواصفات الفنية.
كلنا يتذكر تصريحات وزارة التجارة العراقية, بان الرز المستورد لحساب البطاقة التموينية, هو من النوعية الجيدة, وانه مفحوص من قبل شركات عالمية رصينة, وان الذين يدعون فساد هذا الرز, يحاولون إثارة مشاكل, لدى الرأي العام, ولا ندري أصحاب هذا التصريح, هل استلموا حصتهم من هذه المادة ؟, وهل تذوقوا طعمه ؟, أم وضعوا أنفسهم وعوائلهم بعيدا عنه ؟, متنعمين بأموال الفساد, التي حصلوا عليها, من هذه الصفقة.
يعلم الجميع إن صفقة الرز الفاسد, تم اكتشافها والباخرة التي تحمله, لا زالت راسية في الموانئ العراقية, ولكن توزيعها من قبل وزارة التجارة, بعلم من لجان النزاهة في البرلمان, وهيئة النزاهة الحكومية, ولجان الفحص والتقييس, يثبت قوة منظومة الفساد, التي تتحكم في قوت الشعب العراقي, وتمارس الإبادة الجماعية ضده, دون أن يهمها وازع من حرمة, أو خوف من سلطان, وان وزارة التجارة, أكثر عفونة من الرز, الذي تم توزيعه.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha