المقالات

بعد الموصل؛الحشد الشعبي إلى أين ؟||مهدي ابو النواعير

1720 2016-10-28

مهدي ابو النواعير
بعد الاعتداء السافر على أرض العراق, والاحتلال (الإقليمي والدولي) البغيض الذي قامت به داعش المعادية لكل ما هو انساني, إنبرى للتصدي لها صوت العقيدة العلوية المتمثلة بفتوى نائب الإمام سماحة السيد السيستاني أيده الله تعالى, حين أصدر فتواه العقائدية الوطنية الأخلاقية المشهورة والمعروفة بفتوى (الجهاد الكفائي), والتي كانت حافزا كبيرا لهياج الموقف الوطني والعقائدي في نفوس أبناء البلد بكل أنواعهم وتراكيبهم وألوانهم وأذواقهم ومشاربهم, فكانت هبة ووقفة سجلها التأريخ بحروف من دم خالد, سيبقى يُذكر للأجيال.
لا شك بأن تكوين داعش وتأسيسها ودعمها وتغذيتها ماديّاً ومعنويّاً, لم يكن مقتصرا على فئة أو جماعة تبنت أمرا وبيتت في نفوسها هدفا, بل هو نتاج لتأسيس كبير إشتركت في تكوينه دولا ومؤسسات دينية وإعلامية ضخمة, أريد من خلالها لهذا التنظيم الإرهابي أن يكون أداة لتخويف خصوم تلك الأطراف؛ لذا فإن عملية القضاء على هذا الكيان المجرم, من خلال فتوى الجهاد الكفائي, تعد بذاتها صدمة كبيرة لمؤسسي هذا الكيان وداعميه.
لقد أثبت الحشد الشعبي- ومن خلال شهادة مختصين بفنون الحرب والقتال- بأنه قادر على قلب الموازنات وحسم الملفات, وكسر بنيان المخطط الدولي والإقليمي الذي يبتغي تمزيق الدول والإعتداء على الشعوب الآمنة والسيطرة على مقدراتها, لذا فليس من المستغرب بأن نجد مستقبلا مخططا كبيرا, يحاول قدر الإستطاعة تحطيم الحشد المقدس وتشويه صورته, من حيث أسسه العقائدية , أو سلوكياته القتالية وما بعد القتالية, أو مصادر تمويله, أو ضرب قياداته , كل ذلك تخوفا من بقاء هذه التجربة مستقبلا بعد تحرير الموصل, بل وتحولها إلى مسمى يكتسب الشرعية القانونية, ويبقى كشوكة بوجه أي مخطط مستقبلي يحاول النيل من العراق وأهله.
عادة ما تكون القوات العسكرية النظامية (الجيش) متكونة من مجموعة قتالية كبيرة, يتم تحنيطها وتعليب قدراتها في تنفيذ الأوامر , بحسب النمط السائد في عالم العسكر, وأقصد به الطاعة التامة للإرادة القيادية العليا المتحمة بإدارته, من ضباط ومراتب, أي أنه غالبا مايكون بعيدا عن الأجواء الإجتماعية والأخلاقية والدينية التي تسير أنماط السلوك الإجتماعي في أي بلد؛ بينما نجد أن الحشد الشعبي قد تميز عن الجيوش النظامية بأن هناك تداخلا عقائديا وأخلاقيّاً بينه وبين أصوله المجمتعية الدينية والأخلاقية, فلم يعد محنطاً بأوامر عسكرية تحوله إلى آلة حربية تتبع الأوامر فقط, وتقتل بلا شرف أو أخلاق, بل أن منابعه الأخلاقية والدينية والإجتماعية, حولته إلى قوة لا يمكن السيطره عليها من خلال سياقات العمل العسكري الجامدة والجافة . 
كل ذلك, سيدفع المعادين للحشد الشعبي, والداعمين لوجود المسوخ الغريبة كداعش وأخواتها, إلى محاربة وجود الحشد الشعبي, بل الإستقتال من أجل حرمان أفراده ومنتظميه لحقوقهم, وومحاولة محاربته وحلّه وتوهينه أو ترويضه ليتحول إلى شكل من الأشكال الكارتونية التي يمكن الإستغناء عنها مستقبلاً. !
الحشد الشعبي تكون عبر هوية عراقية أخلاقية ودينية ووطنية, ومحاولة هدمه أو الغاء وجوده العسكري أو الإجتماعي أو السياسي أو الأمني, إنما هو محاولة ايجاد إمكانية أخرى لخلق عدو جديد للعراق كداعش وأمثاله, دون وجود أي قوة تقف بوجهه؛ إن بقاء الحشد بعد حسم معركة الموصل مرهون بتحرك سياسي وبرلماني تشريعي, لتحويله إلى أحد الأجهزة الحكومية (الشعبية) , ليكون درعا عقائدياً دائما لحفظ الوطن وصون حدوده .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك