( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )
الاتفاق الرباعي الذي وقعه الزعماء السياسيون(المجلس الاعلى الاسلامي العراقي بزعامة حجة الاسلام والمسلمين السيد عبد العزيز الحكيم زعيم الائتلاف العراقي الموحد والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة فخامة رئيس الجمهورية الأستاذ جلال الطالباني وحزب الدعوة الإسلامية بزعامة دولة رئيس الوزراء الأستاذ نوري المالكي والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة الأستاذ مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق) لا يخرج عن كونه استمراراً لتحالفات سياسية سابقة ايام المعارضة العراقية التي قارعت النظام الدكتاتوري المقبور وساهمت بشكل فاعل ورئيسي في إسقاطه بحيث يرى اغلب المحللين السياسيين ان التدخل العسكري لقوات التحالف ليست الا (القشة التي قصمت ظهر البعير).
قد يتصور البعض الذي لم يطلع على نشاط هذه المكونات الاربعة السياسية والعسكرية طيلة اعوام الصراع مع السلطة الحاكمة ان في هذا الكلام شيء من المبالغة، لان المنظور الميداني يثبت غير ذلك وان الذي اسقط النظام هو العامل الخارجي المتمثل بقوات التحالف الدولي، وهذا التصور صحيح الى حدٍ ما اذا اخذنا بنظر الاعتبار كأن احزاب وقوى المعارضة العراقية كانت مكتوفة الايدي، ولا تمتلك فعلاً ميدانياً مؤثراً سياسياً كان ام عسكرياً.هذا التصور القاصر يسحبنا لتصفح ارشيف هذه المكونات الثر الزاخر بالفعل العسكري والسياسي فالمقاومة الوطنية قبل وبعد انتفاضة الخامس عشر من شعبان عام 1991 في كردستان العراق خير شاهد على ما ذهبنا إليه اذ ان فوهات البنادق لم تهدأ على جبهات القتال وزيارة قصيرة الى مقابر الشهداء يمكن ان تعطينا صورة واضحة لذلك الفعل الميداني الكبير والحراك السياسي الذي لم يهدأ داخلياً واقليمياً ودولياً واذا ما قلّبنا صفحات ارشيف المقاومة الاسلامية العراقية في العاصمة بغداد وفي محافظات الوسط والجنوب قبل وبعد غزو الكويت لوجدناها هي الأخرى زاخرة بذات الفعل الميداني والحراك السياسي الذي لم يهدأ يوماً واحداً طيلة حكم الطائفية وحتى سقوط نظامة في 9 / 4 / 2003 . هذا التاريخ المشترك والمشرف لا يمكن لاي منصف ان يتجاهله والحديث بغيره لا يعدو كونه(هرطقة) كلامية لا تصمد أمام الواقع الملموس.
هذه المكونات وامتداداتها الجماهيرية ومعها العراقيون الغيارى في الداخل والخارج هي التي قادت الثورات البنفسجية الثلاث التي اسست فيما بعد 2003 دولة المؤسسات ودولة القانون واسست النظام الديمقراطي الاتحادي الفيدرالي البرلماني في العراق الجديد. فليس غريباً ولا جديداً على هذه المكونات الاساسية ان تتفق فيما بينها(وتترك الباب مفتوحاً لكل من يريد ان ينظم لاحقاً لهذا الاتفاق) على استراتيجية ثابتة وأهداف مشخصة تحافظ على اولاً وقبل كل شيء على الوحدة الوطنية العراقية من خلال المشاركة الفاعلة دون تهميش او إقصاء لأحد بما يحقق المصلحة الوطنية العليا ويحفظ كرامة وعزة المواطن العراقي وتحافظ على حقوق الانسان وتوزيع ثرواته الوطنية بشكل عادل، وتغلق جميع الابواب التي يمكن ان يؤدي فتحها على مصاريعها للتدخل المباشر وغير المباشر في الشأن العراقي الداخلي، انتهاجاً لسياسية حسن الجوار والمصالح المشتركة مع دول العربية والعالم الخارجي بما يحفظ السيادة الوطنية للبلد.
ان من الطبيعي جداً وهو حق دستوري ان تتفق احزاب ومكونات ذات تاريخ مشرف ومشترك في مقارعة الدكتاتورية وتحصل على أغلبية في مجلس النواب لتشرع قوانين لمصلحة الشعب العراقي بعد حرمان دام اكثر من ثلاثة عقود لم يرَ الشعب العراقي خلالها أي بصيص من النور في حريته الفكرية والعقائدية وحتى الإنسانية، فضلا عن ثرواته التي سخّرت لخدمة عرش الدكتاتورية والاستبداد وأجهزته البوليسية وحكمه الشمولي المقيت.الرباعية اليوم وربما الخماسية غداً والسداسية و السباعية بعد غد هي اللجنة الاولى التي تؤسس اللوحة الوطنية وتقود مشروع المصالحة الوطنية الحقيقية بعيداً عن المتاجرة في الشعارات الزائفة التي اعتاد اعداء العراق واعداء التحول الديمقراطي الجديد ان يسوقوها ظنا منهم انها ستجد من يشتريها في ظل الشائعات والاراجيف وسياسة خلط الاوراق التي اعتاد البعض على دعمها بكل الوسائل الخبيثة للنيل من منجزات الشعب العراقي التي تحققت بعد 9 / 4 / 2003 ولكن هيهات ان تعود عقارب الساعة الى الوراء وان احلام امثال هذا البعض هي كالمثل الذي يقوله اخواننا في المناطق الغربية وعشائرها الغيورة(عشبة وأكلها الثور) فليس أمام هؤلاء سوى خيار واحد فقط وهو نزع هذه الاوهام والتخيلات من ادمغتهم والعودة للاشتراك والمساهمة والمشاركة الفاعلة في بناء العراق الجديد الذي يسع الجميع بدون استثناء.
https://telegram.me/buratha
