بدأت نهضة العقول المبدعة ترسم طريق الأجيال في العراق وبدأت الجامعات العراقية تستنشق النسيج الجديد من أفكار الحداثة حتى أكبح العراق بشبح جديد من دوامات وآفات الزمات ليبدأ من جديد بأستهداف أعمدة العراق . ( بقلم : شوقي العيسى )
لكل بيت هناك سقف وأعمدة إرتكاز لهذا السقف كما لكل شيء في الحياة أعمدة يرتكز عليها السقف ليبقى قائماً مرتكزاً محفوظاً إذا ما أهتزت أعمدته أطبق وأنهار وسقط السقف وللعلم والمعرفة أعمدة تكون الركيزة الوحيدة لبرمجته وإناطته بالأشياء ومسمياتها وأنتشارها .... العقل .... المعرفة .... الإبداع .
تكمن ثوابت أي بلد من البلدان على ركائز معينة مبنية على أسس منها التقدم التكنولوجي والتقني أو التطور السياحي أو الإقتصادي وقد يكون السياسي أحيانا وكل هذه الثوابت والركائز مبنية على أساس مصدرها وهو العقل والمعرفة وفن الإبداع ولابد أن تتواجد هذه الثوابت في أي بلد حتى ينهض بشعبه ومستقبل أجياله.
من الملاحظ لو أتجهت أنظارنا الى العراق فلم يخلو من هذه الثوابت أيضاً وهناك العقول المثابرة والمبدعة تقف سداً وأعمدة لأرتكاز بلد كالعراق فنجد العباقرة في الطب والكيمياء والفيزياء والأحياء والفلسفة والإجتماع والتطور التكنولوجي تستثمر قدراتها الذاتية بالأعتماد على رفد العراق بالحيوية والنشاط كلما حطت بأوزار هذا البلد آفة من آفات هيجان الزمان.
وما إن إستولت حكومة البعث في العراق حتى بدأ العراق مرحلة جديدة من الفكر والعقل حيث تم إقصاء العقول المثابرة والمبدعة من مراحلها التربوية بحجة عدم الإنتماء الى هذا الحزب وقد هجّر من هجّر وأعدم من أعدم وتلاشى من تلاشى حتى أضحى العراق ميدان الغابة المفترسة لهذه العقول المبدعة.
حتى وصلنا الى عهد سقوط الدكتاتورية ونظام البعث الفاشي وكان يوم التاسع من نيسان 2003 هو إنطلاقة جديدة لأصحاب الفكر والعقل المبدع في العراق لكي ينهضوا من جديد بعد إقصاء دام قرابة ثلاثة عقود .
بدأت نهضة العقول المبدعة ترسم طريق الأجيال في العراق وبدأت الجامعات العراقية تستنشق النسيج الجديد من أفكار الحداثة حتى أكبح العراق بشبح جديد من دوامات وآفات الزمات ليبدأ من جديد بأستهداف أعمدة العراق ، العقول المبدعة والمثمرة والقاعدة الركيزة التي يستند عليها بلدنا المنهك طوال هذه العقود التي مرت شبح الإرهاب.
الشبح الذي لايبقى ولايذر يستهدف كل من هو قادر على العطاء يستهدف كل من هو مفكّر ومبدع قتلاً وأختطافاً وتهجيراً وإستباحاً لقد أستهدف الإرهاب عمداء الجامعات وأساتذتها وهم الركيزة التي نستمد منها العلم والمعرفة لتنمية قدرات جيلاً جديداً له القدرة على المواصلة والتطوروأستهدفوا عباقرة الطب من أشهر الأطباء العراقيين الذين يشهد لهم العالم الغربي بقدرتهم وإبداعهم وقد أستهدفوا المهندسين الذين بهم يعاد إعمار العراق وقد أستهدفوا الإعلاميين الذين منهم نستمع الى الحقيقة وقد أستهدفوا السياسيين الذين بهم نرسم ملامح العراق وقد أستهدفوا العلماء ومنهم نستمد الروحية العبادية وقد أستهدفوا والقائمة تطول لا أريد أن أدخل بمن أستهدفوا من عامة الناس ولكن بهذا المقام أود أن أشير ألى أن الأعمدة الرئيسية والركيزة الوحيدة التي يستند عليها سقف العراق قد أستهدفت وهجّرت وتلاشت يوماً بعد يوم وقد يكون لهذا الأستهداف المدبّر والمبرمج له لعقول ومبدعي وكوادر وطاقات العراق قد تضفي بهذا البلد الى الهاوية وعدم القدرة المستقبلية للنهوض مجدداً بالعلم والمعرفة فيما إذا أخلي العراق من هكذا طاقات مبدعة تعمل على رفع مستوى الوعي الثقافي في طبقات المجتمع العراقي وتساعد في نهضة البلد الى مستوى التطور التكنولوجي والأقتصادي والسياسي .
ولهذا فإن العقول المبدعة والكوادر العراقية تعتبر ثروة وطنية يجب المحافظة عليها وهذه الثروة تعرضت وتتعرض للتلاشي والإنهيار إذا لم يحافظ عليها لأنها الثروة الحقيقية للفكر والتطور الثقافي المبدع وذات الصلة بحلحلة الأفكار التكفيرية المتطرفة التي تعمد على أقصاء الآخر وتفضي بالقضاء المبرم على عقلية العراقي المفكرة بالمحافظة على تراث وإرث بني على مدى قرون من الزمن.
لذا فهذه مهمة كل أنسان مفكر ومبدع ليس في العراق فقط بل كل العالم العربي والغربي للتسارع لأنقاذ طبقة من المجتمع العراقي مهددة بالتلاشي والإنقراض ويصبح المجتمع العراقي عرضة لأنتهاكات الكواسر القادمة بفكرها التكفيري والقاضي بالقتل والتنكيل بأصحاب الكوادر العراقية المبدعة.
شوقي العيسى
https://telegram.me/buratha