المقالات

نيران الفاسدين تلتهم أطفالاً خدج || شهاب آل جنيح

1254 2016-08-13

شهاب آل جنيح رائحة الموت لا تكاد تفارق العراقيين، فما بين تفجير وحريق ومعركة عشائرية وتصفيات جسدية، يعيش المواطن المغلوب على أمره، فما تزال الصراعات السياسية قائمة على قدم وساق، ولا تكاد تنتهي أزمة حتى تؤجج أخرى، ومابين هذه وتلك، ضحايا ليس لهم ذنب، سوى إن من يحكمهم ليس له هم إلا السلطة وقيادتها، بنظرية مكيافيلية خالصة.

خلال هذه الصراعات السياسية المحمومة، والفضائح البرلمانية والقضائية، يبدو أن فاجعة الكرادة لها فصل آخر لتكتمل مأساتها، فبعد أن التهمت النيران أجساد شباب الكرادة، جاء الدور لأطفال خدج في مستشفى اليرموك، لتحترق أجسادهم الصغيرة، فيبدو أن حياتهم إن طالت، لن تكون نهايتها أفضل مما انتهت به، في ظل غياب للمسؤولية الوطنية وفقدان للإنسانية.

بعد حملهن لأطفالهن وهناً على وهن، ثكلت أثنتا عشر أم بأطفالهن الصغار، فتحول أملهن الى يأس، وفرحهن إلى حزن، ليس لسبب يذكر؛ إلا إن صغارهن كانوا ضحية للفساد، والفئوية والحزبية، فليس مهما أن يكون المسؤول أو المدير هو الأكفأ أو الأقدر؛ وإنما انتماءه الحزبي؛ هو من يحدد بقاءه في منصبه من عدمه.

فاجعة مستشفى اليرموك، خير دليل على الفساد المستشري في البلاد، وتمادي المسؤولين في عدم اهتمامهم بأرواح وممتلكات الشعب، فما بين وزيرة الصحة ومسؤول صحة الكرخ، ومدير المستشفى تفحمت أجساد الأطفال، وبدأت المهاترات السياسية، فكل كل طرف يرمي الكرة بملعب الطرف الآخر، الوزيرة تقول أن مسؤول صحة الكرخ ومدير المستشفى صدر أمر باقالتهم، لكنهم لم ينفذوا الأمر، وقالوا أن هذه من صلاحيات محافظ بغداد.

فتبين أن مدير المستشفى يرفض أمر إقالته، وأن المحافظ مساند له لأنهما من التيار الصدري، وكذلك مدير صحة الكرخ هو الآخر من نفس التيار، فصارت أرواح المواطنين رهينة صراعات سياسية رخيصة، لم يسلم حتى المرضى منها، فعند حدوث الحريق ومأساته، بدا كل طرف يتهرب من مسؤوليته، وظلت أجساد الأطفال ملقاة في "صناديق كرتونية".

هذه الفوضى في وزارة الصحة، سببها إصلاحات العبادي الأخيرة، التي قام بها لذر الرماد في العيون،  فاصدر عدة أوامر بدون أيّ دراسة، منها نقل بعض صلاحيات الوزارة إلى المحافظات، وبهذا بدأت التقاطعات بين الوزارة ومديرياتها.

الإهمال والفوضى والمحسوبية، هي من أدت لهذه الجريمة التي لا تختلف عن جرائم "داعش" هذه الجريمة لو حدثت في بلدان أخرى لأدت لاستقالة الحكومة ورئيسها، ولأجريت التحقيقات مع كل من له صلة بالوزارة، من الوزير حتى أصغر مسؤول في هذه المستشفى.

هنا يجب أن نسأل: أين مستلزمات الوقاية ومكافحة الحريق الخاصة بالمستشفى؟ أين ذهبت مليارات الأموال التي صرفت على ترميم هذا المستشفى؟ عندما رفض المحافظ "علي التميمي" أمر إقالة مدير المستشفى، أو مدير صحة الكرخ، هل يتحمل الآن مسؤوليته؟ هل تتم محاسبتهم أم يتركون كغيرهم؟

هذه الجريمة تبين مدى تقاطع المؤسسات الحكومية فيما بينها، وطغيان المحاصصة والفئوية على المصلحة العامة، والتي دائماً ما يكون ضحيتها المواطن الفقير، سَتَمر هذه الحادثة كسابقاتها، ولن يحاسب في هذا البلد سوى الفقراء، أما المسؤولين فحسابهم كحساب سليم الجبوري.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك