المقالات

خارطة الفساد | عادل عبد المهدي

3519 2016-08-10

عند الكلام عن الفساد، لا يكفي التعميم بل لابد من تشخيص مواقعه والدور الذي يلعبه فساد الاشخاص والدور الاخر الذي يلعبه فساد المنظومات.. ولتحديد مواقع الفساد الاساسية نعيد نشر افتتاحية بعنوان "الفساد الشخصي والفساد العام" في 16/8/2015 بنصها للفائدة واغناء النقاش العام: 

["يتم الكلام كثيراً عن الفساد.. وهذا بالتأكيد موضوع الساعة.. بل لعله من اهم الامور التي تسعى "حزمة الاصلاحات" لمعالجتها، والذي تؤكد عليه المرجعية في كل خطاباتها وتوجيهاتها، ويندد بها الشعب في مجالسه ومظاهراته وعبر وسائل الاعلام والتعبير. لكن ما هو الفساد؟ اهو السرقة والتلاعب الشخصي بالمال العام.. ام انه هدره بسبب النظم وقواعد الصرف والعمل والرقابة والتخطيط التي اعتادت عليها الدولة.. ام الاثنين معاً؟  

مالياً، بلغ مجموع موازنات العراق 850 مليار دولار تقريباً، منذ 2003 وليومنا هذا، دون ذكر الموارد الاخرى. ويجب النظر للفساد الذي تستبطنه هذه الارقام عبر 3 مستويات. (والارقام والنسب كلها حقيقية لكنها تقريبية وتقديرية، وهدفها عرض الافكار اكثر منها تقديم دراسة احصائية) 

الاول، وهو الفساد الشخصي الذي يقدر البعض انه يستهلك 3% من مجموع هذه الارقام.. اي ان استغلال الموقع لتحقيق المنافع الخاصة، ان صحت التقديرات، استنزف 25.5 مليار دولار.. وهذه مبالغ هائلة تعني ان ما يسرق بطرق الاحتيال والسحت الحرام لا يقل عن 2 مليار دولار سنوياً.. وهذه كارثة عظيمة يجب التصدي لها والحد منها للوصول الى ايقافها.. فحسب "منظمة المسح الدولي" و"الشفافية الدولية" فان العراق يحتل المرتبة السادسة او السابعة قبل الاخيرة بدرجة 16 من 100، رغم ان هناك نقاش طويل حول المعايير التي تستخدمها هذه المنظمات. 

والثاني وهو فساد النظام.. وهنا تستبطن المسألة امرين.. اولهما ترهل الدولة وتحولها الى دولة رعاية اجتماعية (رعاية ضعيفة تكرس الكسل والاتكالية) وليست دولة خدمات عامة. فتستهلك عبر موازنتها التشغيلية -ومعظمها رواتب واجور ومخصصات وتقاعد وسياسات دعم- للمزيد من الثروات، مقابل القليل من الانتاج والخدمات. وهذا فساد للنظام استهلك ما لا يقل عن نصف مبالغ الموازنات المتعاقبة، اي حوالي 425 مليار دولار، لا يمثل العمل المنتج منها اكثر من 6% بقليل، محسوبة على اساس ان الاحصاءات تشير، بان العمل المنتج في الدولة لا يتجاوز 20 دقيقة في اليوم. اي هناك هدر لما يقارب 94% من الموازنات.. وهذه تمثل اكثر من 400 مليار دولار. وثانيهما سوء استخدام الاموال والتخطيط لها. فلقد تراكم اليوم لدى وزارة التخطيط حوالي 9000مشروع معطل قيمها تقارب 300 مليار دولار، ونسب التنفيذ فيها 5-90% لم تنجز في مواعيدها، ومعظمها متأخر لسنوات، مما سبب ويسبب خسارة وتجميد وتآكل وعدم الاستفادة من اموال هائلة، ضائعة او معلقة بين المحاكم والمصارف والدعاوى المتبادلة بين دوائر الدولة والشركات والمقاولين. 

والثالث وهو ما تعطله البيروقراطية وقواعد عمل الدولة البالية وقراراتها واجراءاتها الارتجالية، والسلوكيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية السائدة التي تحجز طريق الانطلاق والتنمية. فموازنات مجموعها حوالي 850 مليار دولار، خلال 12 عاماً، دون ذكر رؤوس اموال الاستثمارات الوطنية والاجنبية، ستعني، لو لم تحبس ويعرقل انطلاقها، لعوامل عديدة منها الثقافة والاجراءات المتشددة، نقول ستعني لو ضخت الى الاسواق ومواقع العمل والانتاج ترليونات الدولارات من قيم مضافة ومتولدة ومحركة ومضاعفة لدورات جديدة ومتعاقبة، والتي من شأنها اصلاح اي مجتمع مهما كان متخلفاً او متأخراً. علماً ان مشروع مارشال لاعمار اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية قد بلغ 15 مليار دولار للاعوام 1947-1951، وهذا مبلغ يعادل بالقيمة الحالية 148 مليار دولار، اي تقريباً موازنة العراق (غير المقرة) لعام 2014 فقط. 

في افتتتاحية سابقة نقلت عن احد كبار المدراء العامين لواحد من اكبر المصارف العالمية، ان الفساد يعتمد على ثلاث ركائز اساسية.. هي –اولاً- التعامل بالنقد الورقي في معظم التعاملات، وضعف التعامل المصرفي.. وثانياً الاعتماد كلياً على المعاملات الورقية.. وثالثاً الاستمرار بالنظم اليدوية وليس الالكترونية، وقد اضفت ركيزة رابعة خاصة بالعراق وهي الدولة الريعية المحتكرة لكل شيء، والمعرقلة لكل شيء والمفرطة بكل شيء."] 

 

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك