المقالات

قبل أن يسقط السقف..! / قاسم العجرش

2610 2016-06-21

قاسم العجرش   qasim_200@yahoo.com

أربعون عاما من حكم البعث؛ فعلت فعلها السلبي في الوجدان العراقي،  تلتها ثلاث عشرة سنة عجاف، إنشغل فيها هذا الوجدان، بالخطاب السياسي وبالضخ الإعلامي، فكان أن تنحت صفات الوجدان الحسنة لصالح الصفات القبيحة.

إزداد الأمر سوءا، عندما تدافع المثقفين، مهرولين نحو القوى السياسية بحثا عن مكاسب، وكانت النتيجة مؤلمة من غير أن يلتفت اليها أحد!..

لقد تفشى الجهل بمعرفة الواقع السياسي والثقافي، وأنعدمت البصيرة، حتى في المستويات التي يفترض فيها، أن تكون صانعة للإبداع وللمنجز الثقافي، وبأدواتنا السياسية أغتيلت ثقافتنا، لتحل محلها ثقافة التجريح والخصام والكراهية، ومصداق ذلك آلاف المقالات، التي كتبت بروحية "جماعتنا" و"جماعتهم"، بممارسة قبلية فجة، لإطالة الألسن التي ما فتئت تقتات التجريح الشخصي، وأصبحت هذه الفئات متسلطة على الفضاء الثقافي، ومتسلطة أيضا على فوهات الخطابين السياسي والإعلامي، البائسين أداءا ومخرجات.

لقد هبطت الثقافة في العراق هبوطا مخيفا، وذلك لعدم ترصين جبهتها بوسائل ديمومتها، وشيئا فشيئا؛ وخلال السنوات التي تلت الإطاحة بحكم البعث، برزت مفاهيم جديدة سحقت الوجدان العراقي، وغابت أو غُيبـت  مفاهيم أصيلة، لا تجوز فيها المزايدة والمناقصة، كمفاهيم الوطن والمواطنة، والحق والعدالة، والمساواة في نقطة الشروع، والحريات وكرامة الإنسان.

 كانت النتيجة الكارثية، أن هيمن الرعاع والدهماء، الذين تحركهم مصالحهم وغرائزهم،على مفاصل سياسية وحكومية مهمة، ولأنهم غرائزيون؛ فقد كان من السهل تحويلهم الى أدوات سهلة، لتدمير الدولة من داخلها، فأصبحوا مثل دمى لعبة القراقوز، مربوطين بخيوط يحركهم بها، لاعب خارجي يتم قصته بهم، على النظارة والمشاهدين!

إن الحكم مهمة معقدة جدا، تحتاج الى إستعدادات خاصة، يتعين أن تتوفر لدى من يحاول التصدي لها، إستعدادات من قبيل الإيمان المطلق، بأن الحكم وسيلة وليس غاية بحد ذاتها، وأنه يجب أن يمتلك الدراية التامة، بأسليب الأدارة وكيفية الإمساك بملفاتها المتشعبة، وأن يفكر بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

تلك هي بعض أدوات الحكم الصالح، التي بوجودها لا يمكن لأحد ما، أن يعلن عداءه لدولة مؤسسات، أي دولة تضمن الإستقلالية، والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتضمن الحريات بما فيها حرية التعبير وحقوق الإنسان، بنفس القدر الذي تضمن فيه الحاجات والخدمات الأساسية للمواطن: سكن، صحة، تعليم، أمن، خبز...وقبر أيضا!

كلام قبل السلام: إن جميع الساسة؛ كانوا يعدونا بدولة بهذه المواصفات، لكن من بين هذا الجمع، من يعملون على هدم دولة المؤسسات ونقض قواعدها، وإذا كان هذا هو هدف الذين خاج العملية السياسية، الذين لا يخفون عدائهم للدولة الهدف، فما هو هدف الذين في داخل الدولة، بل والمؤسسة الحاكمة من تدميرها؟! أوَليست إذا سقطت ستسقط على رؤوسهم هم قبل غيرهم؟!

سلام..

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك