( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
ما ينفرد به المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عن غيره من الاحزاب والحركات والفصائل ومنذ بدايات تأسيسه قبل ما يقرب من العقدين والنصف, انه وضع في تصوراته المستقبلية ان القضية العراقية بكافة مشاهدها وتلويناتها لا يمكن لها ان ترسو الى حالة سياسية اجتماعية واقعية مستقرة ما لم يُعتمد مبدأ الشراكة بين المكونات العرقية والاثنية والفكرية والسياسية الجامعة لشرائح الشعب العراقي كخيار حضاري سياسي استراتيجي يشكل بمضامينه واتجاهاته الاسس المتينة لبناء تجربة عراقية جديدة تختلف بجوهرها وشكلها ومناخاتها وطقوسها عن مضامين وشكل وجوهر التجارب السياسية التي فُرضت على البلاد منذ العام 1922.
ولقد كان لشهيد المحراب (قدس) مواقف ورؤى وافكار غاية في الاهمية بهذا الاتجاه, ولطالما كان سماحته (قدس) يؤكد في احاديثه ومؤتمراته وخطبه على خيار التعددية والشراكة والتداول السلمي للسلطة وبناء الدولة العصرية القائمة على مفاهيم تفعيل دور الامة واعتماد اللامركزية الادارية بعيداً عن المحاصصات العرقية والطائفية، لذا فان سماحته كان قد سجل نجاحات استراتيجية من خلال اظهار مقدرته الفائقة على جمع اقصى اليمين بأقصى اليسار في مجمل الحراك السياسي الذي كان يقوده خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات وحتى اللحظة التي تهاوى فيها النظام الديكتاتوري المخلوع، وبهذا الاتجاه يتذكر الفرقاء السياسيون الاطر السياسية التي تشكلت في الاعوام 1990، 1992، 1996، 2002 كلجنة العمل المشترك ومؤتمر صلاح الدين الاول والمؤتمر التداولي لقادة الكتل والاحزاب السياسية في العاصمة السورية دمشق ومؤتمري لندن وصلاح الدين الثاني. ولقد كان القاسم المشترك في كل هذه المحاور وكثافة ذاك الحراك هو الشراكة التي جمعت التيار الاسلامي بالتيار الكردي بالاخر الليبرالي بالقومي وصولاً الى احتواء واستيعاب اصغر الحركات ذات التمثيل الواقعي لمكوناتنا الاجتماعية، ولقد كانت نتائج هذه الظاهرة واضحة اشد الوضوح مع تجربة مجلس الحكم الذي تعاقب على ادارته مختلف الرموز السياسية ذات التمثيل الحقيقي لشرائحنا واتجاهاتنا المختلفة وقد يكون نجاح تلك التجربة هو المفتاح للدخول الى مرحلة الحكومة المؤقتة ومن ثم الانتقالية وانتهاءً بالمرحلة الدستورية التي نعيش تجلياتها المفتوحة على مختلف الاتجاهات السياسية والثقافية والاقتصادية والتربوية والخدمية والتي من شأنها ان تبني عراقاً جديداً قد يحتل المرتبة الاولى من بين دول المنطقة في المجالات كافة خصوصاً ما يتعلق منها بالجوانب السياسية والاقتصادية مع تنامي الوعي السياسي لدى ابناء شعبنا مضافاً الى ذلك تصاعد الخط البياني لقدراتنا الاقتصادية والسوقية.
https://telegram.me/buratha
