المقالات

الاصلاح تشريعي لا ترقيعي

2187 2016-05-06

يعيش العراق حالة من الهيجان، وغياب الرؤية، وضبابية الموقف، حيث تزدحم المتناقضات، فبين فاسد يرفع شعار الإصلاح، وبين عميل يدعي الوطنية، تتشوش الصورة أمام المواطن البسيط، الساعي للتخلص من الوضع المزري القائم، فتدفعه بساطته ورغبته في التغيير، بالوثوق بجهات هي أساس وسبب المشكلة.

مطالبات بالإصلاح ومكافحة الفساد، تطورت من تظاهرات إلى إعتصامات، تلاها إقتحام لأهم وأول مؤسسة تشريعية دستورية في العراق، ألا وهي مجلس النواب، في صورة فوضوية تعكس مدى التعدي على هيبة الدولة وكيانها، وتعكس صورة سلبية عن البلد أمام العالم.
الفوضوية لا تنتج شيئا أبدا، فالمتظاهرون تحولت أنظارهم من المطالبة بالخدمات، ومكافحة الفساد، إلى المطالبة بحكومة التكنوقراط، والتي لا يعرف أغلب المتظاهرون معناها، ونُسِيَ المطلب الأهم وهو مكافحة الفساد، وكأن حكومة التكنوقراط هي العصا السحرية، التي ستقلب العراق بليلة وضحاها إلى جنة الفردوس.

الحقيقة إن المطالبة بحكومة التكنوقراط، هي إختطاف للمشاريع الإصلاحية، وإلتواء على المطالب الأساسية، ويبدو إن مطالب التكنوقراط، قد غطت على الفاسدين وحمتهم، وتم نسيان أمرهم، فبتخطيط ذكي من الحكومة ورئيسها، وبعض الأطراف، حولوا أنظار الشارع العراقي، من مطالب مكافحة الفساد، والمطالبة بالخدمات، إلى المطالبة بحكومة التكنوقراط، ليختلط الحابل بالنابل، وتتيه الجماهير في غياهب الشعارات البراقة، وتنخدع بشعارات الإصلاح، التي لا تمس جوهر الحقيقة.

مشكلتنا في العراق؛ هي مشكلة متجذرة في أساس العملية السياسية، وبالطريقة التي يدار فيها الحكم، وبالصمت الحكومي عن مافيات الفساد، وعدم محاسبتها، بل تعدى الأمر إلى حمايتها من قبل الدولة، وإعتبار عمليات الفساد سياق ثابت، لا يجوز المساس به، وليست مشكلتنا بتغيير وزير هنا أو هناك.

إن من أراد الأصلاح يجب أن يكون واضحا، ويحدد أهدافه، التي تتناغم مع مطالب الشعب، والعمل على تنفيذ تلك المطالب، وعدم القفز على فورة الجماهير، وركوب الموجة، بدعوى قيادة الأصلاح، فمثلا النواب المعتصمون، ليس شغلهم الأعتصام، ولا من واجبهم التطبيل والصراخ، والعويل داخل البرلمان، إنما واجبهم إن كانوا دعاة إصلاح حقيقيون، أن يشكلوا كتلة معارضة قوية، تكون مهمتها مراقبة عمل الحكومة، ومكافحة الفساد فيها، والعمل على تشريع القوانين المهمة، والتي تمس حياة المواطن البسيط، وعدم التسويف فيها.

الإصلاح يجب أن يكون ضمن إطار دستوري، وعمل تشريعي صارم وقوي، وليس من خلال التهريج -والردح- في البرلمان، ووضع الحلول الترقيعية، الإصلاح عمل ورؤية، تستمد قوتها من الثقة التي منحها الناخبون لهؤلاء النواب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك