( بقلم : علي حسين علي )
قبل عامين طرح السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي مسألة الفيدرالية مؤكداً على ما نص عليه الدستور بأن نظام الحكم في العراق ديمقراطي اتحادي(فيدرالي). واكد سماحته يومذاك على ان من مصلحة العراقيين ان تقام الاقاليم على وفق رغبة الشعب وخياره الدستوري، ودعا سماحته الى اقامة اقليم الوسط والجنوب في حينه، موضحاً بأن اهمية اقامة هذا الاقليم تتركز في التطابق الكامل بين محافظاته جغرافياً وثقافياً واقتصادياً، وان ابناء المحافظات التسعة قد تعرضوا الى ظلم وتهميش سياسي واقتصادي، مشيراً الى ان النظام الدكتاتوري قد فرض عزلة على ابناء تلك المحافظات لغرض سياسي ومن فكر متعصب مؤسساً على الطائفية المقيتة.. وان انصاف ابناء الاقليم يستوجب ان يتولى الشعب فيها ادارة الاقليم من قبلهم لانهم اكثر من غيرهم معرفة بالمشاكل والمعوقات التي تواجههم والاقدر على التصدي لها.
وخلال السنوات التالية لاعلان سماحة السيد عبد العزيز الحكيم ضرورة اقامة النظام الفيدرالي في جميع مناطق العراق، وتحديد اقليم الوسط والجنوب كمطلب شعبي واستحقاق دستوري، قوبل هذا الطرح بالتردد من قبل بعض الاطراف السياسية التي صوتت لجانب الدستور في مجلس النواب، وحجة هولاء بان الوقت لم يحن بعد، بينما اشاع الاخرون بأن هناك خشية من تمزيق العراق، او تحويل الاقاليم في حال اقامتها الى تجمعات عرقية او طائفية، فيما راح البعض الآخر يزعم بأن بعض الاقاليم المقترحة فقيرة واخرى غنية، مما يحرم الفقراء من ثروة بلادهم وفي نفس الوقت يكرس الثروة للاقاليم الغنية.. ومع ان الدستور لم يغفل حق العراقيين جميعهم في ثروة البلاد، ومع ان تشكيل الاقاليم كما نص عليه الدستور لم يكن على اساس طائفي او عرقي، ومع ان القوى السياسية والنيابية الوطنية الفاعلة في الساحة العراقية قد اكدت لالف مرة بأن وحدة العراق لن تتزعزع بتطبيق الفيدرالية، وان البلدان المتقدمة قد لجأت الى النظام الفيدرالي كاساس لتطوير مجتمعاتها وتوحيدهم وليس لتمزيق تلك البلدان..مع هذا ظل البعض من الاطراف السياسية يتخوف من الفيدرالية او يفتعل الخوف هذا دون ان يملك او يعرض الدليل على صحة مخاوفه.
قبل عامين، وبعد اقرار الدستور من قبل الشعب العراقي كان سماحة السيد عبد العزيز الحكيم قد دعا الى اقامة اقليم الوسط والجنوب على اساس جغرافي واداري واقتصادي ، ولم يكن احد من معارضي هذا الطرح بقادر ان يقنع احداً بمخاوفه المفتعلة تلك..وإذا كان المطلب الان لم يتغير والمجلس الاعلى يعده مطلباً شعبياً في حالتين، الاولى: اقامة النظام الفيدرالي في العراق وانشاء الاقاليم وهي حق دستوري وطبيعي للشعب العراقي، فضلاً عن ذلك فان الفيدرالية اصبحت حقيقة موضوعية تتحرك على الارض العراقية متمثلة في اقليم كردستان، وانها – أي الفيدرالية- تنطلق من ارادة عراقية ومصالحة عراقية.
والثانية: ان الدعوة الى التسريع بانشاء الاقاليم كاقليم جنوب بغداد وبقية الاقاليم الاخرى، وهي دعوة ليست جديدة ولا هي وليدة حدث او رد فعل على حدث انما هي استمرار لطروحاتنا وقد كررناها سابقاً واكدنا عليها في مختلف المحافل واللقاءات، وهي سابقة لاي مشروع او ارادة دولية اخرى، وتشهد بذلك كل ادبياتنا الصحفية ومناشداتنا الشعبية، وحتى ان مطلب الفيدرالية كنظام لم نكن حديثي عهد به فقد طرحه شهيد المحراب على المعارضة العراقية منذ اوائل الثمانينيات من القرن الماضي.
وما يجب التأكيد عليه هو ان اقامة الاقاليم وانشاء الفيدرالية انما يخضع الى سياقات قانونية واضحة يتضمنها قانون الاقاليم، وعليه فان الدعوة الى اقامة الاقاليم تعني الدعوة الى تفعيل هذه السياقات والالتزام باجرائها والعمل على ضوئها.
وما تمسكنا بالفيدرالية الا لانها استحقاق دستوري ومطلب جماهيري فهي تتيح اوسع مشاركة لمكونات الشعب العراقي في ادارة نفسها بنفسها، وبذلك تكون هي الحل الامثل لتخليص العراق وشعبه من الدكتاتورية في أي زمن قادم ومن التهميش والاقصاء.
https://telegram.me/buratha
