قاسم العجرش
في النصف الأول من القرن الفائت، ولغاية ربعه الثالث، حدثت ثورات مهمة على الصعيد العالمي، وبقيت الشعوب المظلومة والمستضعفة، مشدودة الى تلك الثوار..وكانت صور جيفارا وكاسترو، وماو تسي توتنغ وشو إن لاي، وتيتو ونهرو سوكارنو، وهوشي منه وغياب، تدعب إحلام المظلومين التواقين الى الحرية والإنعتاق..
رغم عمق جذور تلك الثورات، وتأثيراته الكبرى عالميا، إلاّ أن إنشداد الشعوب لتلك الثورات، لم يكن في سياقه الطبيعي في تفاصيل كثيرة، فلقد عمدت القوى الغربية، على تضخيم تلك الصور، وابقائها حية بشكل مستمر، من أجل أن يكون الإنشداد الى نماذج تحمل بعضا من ثقافته، لأنه يريد أن تكون ثقافته، هي القدوة لجميع شعوب العالم.
قبيل الثورة الإسلامية في ايران بقليل، أضمحل بريق تلك الثورات، وخبت حدة الإنبهار على الأقل في المحيط الإسلامي، فكانت الثورة الاسلامية في إيران، الضالة الكبرى للشعوب المتعطشة للحرية.
لقد كانت الثورة الاسلامية في إيران، محطة كبرى في ثورات الشعوب على المستوى العالمي، بل تميزت بتفوقها النوعي، على الثورات الأخرى التي سبقتها، كالثورة الروسية والثورة الفرنسية والثورة الاميركية وغيرها، ويضعها هذا التفوق في صدارة الثورات، بسبب الأبعاد التأريخية، والفكرية والقيادية التي تميزت بها.
تأريخيا تمثل هذه الثورة إمتداد لثورة الحسين عليه السلام، وفكريا، تستند الى أرث، عميق يتميز بثراء باذخ من العطاء الفكري، الذي يتميز به مذهب أهل البيت عليهم السلام.
قياديا؛ فإن قائد الثورة، الامام الخميني الراحل، كان قبل كل شيء عالم دين فذ، وهذا وحده كاف لإسقاط ما كان سائدا في الغرب، من ضرورة فصل الدين عن السياسة، وأن "الدين أفيون الشعوب"، وهو ما كان سائدا، حتى في الأوساط الإسلامية الموالية للغرب.
المفارقة المهمة في الثورة الإسلامية، أنها إنطلقت بقيادة علماء الدين، وأن شعاراتها كانت دينية أيضاً، لكن الأمة بأسرها أنخرطت بالعمل الثوري، فأسقط ذلك نظرية طبقية الصراع.
تميزت الثورة بأن قائدها الإمام الراحل الخميني، كان رضوانه تعالى عليه شيخا مسنا، وكان يفترض به وفقا للمعايير الغربية، أن ينصرف شأنه شأن أقرانه، الى تزجية وقته بمداعبة الأحفاد، لكن المثير في هذه الثورة، أن أتباع هذا القائد المسن، كانوا من الشباب، والأكثر إثارة، أن جل أتباعه وأتباع إمتداده الإمام الخامنائي، جلهم من الشباب ودائما..
هنا مكمن ديمومة وتجدد الثورة الإسلامية، وسر عنفوانها وشبابها الدائم..
كلام قبل السلام:اليوم وبعد ست وثلاثين سنة من عمر الثورة، تتزايد أعداد الشباب في كل مكان من العالم، الذين يلفون منديل "البسيجية"، وهو واحد من ثيمات المجاهدين على رقابهم..!
سلام..
https://telegram.me/buratha