المقالات

كربلاء: هل يرقد الماء؟/ أمل الياسري

2605 2015-12-03


الكاتبة: أمل الياسري
عبّارات مائية بدأت قصتها، بزوارق صغيرة لا تتجاوز الأربع، وقد لطمت تيارات الماء مسارها مسرعة منتحبة، لإيصال مجانين الحسين الى قبلة العاشقين، وليقرب مسافات عشقهم الزينبي، وإحياء زيارة الأربعين، ليكون كافل العقيلة في إستقبالهم، وقد ملأ قربته حباً وشغفاً بتربة الحسين، أما الماء فقد وجد نفسه ملزماً، بالإجابة عن سبب العشق، مطلقاً صرخته: إنني خائن! 
بتجرد كبير عن الشمس والبرد لا حدود له، يزحف نهرا دجلة والفرات، ليجوب ماؤه المتهم بالقصور والتقصير، في نصرة كربلاء، وهو على تماس مباشر معهم أيام الطف الأليم، لكن الهوى والضلال الذي ملأ قطرات الماء، من رأسه حتى أخمص قدمه، هي التي زاغت بذراته، لتتلاطم نحو الطغيان، فرفض الأحرار شربه، لأنه بمنأى عن أطفال الحسين! 
جروف الكلمات أعربت عن أسفها، لأن قطرات الماء صمّت آذانها عن سماع صوت الدين، فهي من جهة تستغرب ذلك العشق، الذي يتمنى في الماء الوصول الى الشفاه الذابلات، ومن جهة أخرى تتعجب من تلك الموانع، التي حالت دون وصوله الى الأفواه المطهرة، وكأنه كان يخطط وينظم مسيره، ونسي في لحظاته الأخيرة، لقاؤه بالحسين، ورضيعه الصغير! 
قد يرقد الماء في سائر الأيام، ولكنه في أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام)، لا تهدأ أنفاسه أبداً، لأنه يحكي قصة صراع وصراخ، في ملحمة لقاء الرؤوس، فلم يرَ في ذلك اليوم إلا نهر باكٍ، وبحيرة باكية، ومرقد ثأر يشع نوراً، يستقبل ضيوف الرحمن في أرض العشق الحسيني، لذلك يتصبب الماء عطراً، وورداً للزاحفين نحو الحسين!
يا ترى كيف تحركت مظلومية الماء، ومعه الضمائر من الأعماق، وهزت القطرات جوارحها، وهفت جوانحها، لتجدد عهد الولاء، في مسيرة بات فيها الماء ذا لون وطعم ورائحة، بعد أن كان فاقداً لهذه الصفات، فقد تذكر حكمة الخالق عز وجل، في أنه أهون موجود وأعز مفقود، لكنه لا شيء أمام الجسد السليب، والشيب الخضيب، وثغره العطشان! 
ماء اليوم صنع ما يليق بالجرح والواقعة، إنطلاقاً من (إشربْ الماء وإذكرْ عطش الحسين)، فإنتشرَ العشق في قلب كل إنسان، يشعر برحلة الكرامة، لسابقة لا نظير لها، فنشر الماء ثقافة جديدة عبر العصور، تلت واقعة كربلاء، مفادها إن الماء أول عاشق عشق الحسين، ويتوق ليرتوي من ثغر قرآنه المجيد، الذي أحس بحلاوة الشهادة، لإصلاح الأمة!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك