المقالات

والعاقبة للإمام الحسين عليه السلام / عباس الكتبي

2046 2015-12-01

عباس الكتبي

من دعاء الإمام الصادق"عليه السلام"، لزوّار جده الامام الحسين"عليه السلام":(اغفر لي ولإخواني وزوّار قبر أبي الحسين بن صلوات الله عليه، الذين أنفقوا أموالهم، وأشخصوا أبدانهم رغبة في برّنا، ورجاءً لما عندك في وصلتنا، وسروراً أدخلوه على نبيّك محمد ـ صلواتك عليه وعلى آله ـ وإجابة منهم لأمرنا، وغيضاً أدخلوه على عدوّنا).

كان وسيبقى الإمام الحسين"عليه السلام" ثورة على الظلم والطغيان، والأستبداد والتجبر، وعلى الفساد والمفسدين في الارض حياً وميتاً، لإنه العنوان الأكبر، للحق والعدل، والقيّم والمبادئ، والأخلاق، عبر العصور والدهور.

كل الحكام الجائرين، كانوا يفزعون ويرتعبون من أسم الحسين"عليه السلام"، ومن زوّار قبره الشريف، مما جعلهم يسعون في محاربته ومحاربة شعائره، والمنع من زيارته، وقتل زؤاره، الشيخ"باقر شريف القرشي"، يذكر لنا في مؤلفاته، نماذج من الحكام الذين حاربوا الحسين ومنعوا من زيارته، لنأخذ بعض من هذه النماذج:

هارون الرشيد: ضاق ذرعاً حينما سمع جماهير المسلمين تتهافت بشوق على زيارة مرقد ريحانة رسول الله ـ صلواته تعالى عليهم ـ، فأمر بهدم المرقد العظيم، وهدم الدور المجاورة له، وأقتلاع السدرة، وكان يستظل تحتها الزائرون، كما أمر بحرث أرض كربلاء، ليمحوا بذلك كل أثر للقبر الشريف، وقد أنتقم الله تعالى منه، فلم يدر عليه الحول حتى هلك.

المتوكل العبّاسي: أقام المسالح والمراصد لملاحقة الزائرين، وإنزال أقسى العقوبات الصارمة بهم، من القتل وقطع الأيدي وسائر ألوان التنكيل، وبالرغم من الإجراءات القاسية، فأن المسلمين لم يمتنعوا عن زياراته، في سنة 247هج، بلغ المتوكّل أن حشداً كبيراً من المسلمين، قد مضوا إلى زيارة المرقد العضيم، فأنفذوا إليهم جيشاً مكثفاً وأمر مناديه ان ينادي أن برئت الذمّة ممن زار مرقد الحسين"عليه السلام".

تذمّر المسلمون من المتوكل، وسبّوه في الأنديه والمجالس وكتبوا سبّه على جدران المساجد، حتى أنتقم الله منه فقتله ولده وهو سكران، وقطّع الجيش جسمه بسيوفهم، حتى صارت كؤوس الخمر مليئة بلحمه.

صدّام التكريتي: سلك مسلك المتوكّل العبّاسي، في المنع عن زيارة سيّد الشهداء، وأشاع الخوف والارهاب، ونشر القتل وملأ السجون بالزائرين، شباباً وشيوخاً، نساءً واطفالاً، وفي زيارة الأربعين، قرا محافظ النجف مرسوم جمهوري على الزوّار، في المنع من زيارة الإمام مشياً إلى كربلاء، لكن الزوار أصروا وواصلوا المسير نحو قبره الشريف.

لاحقتهم القوات الصدامية في منتصف الطريق، بانواع الأسلحة الثقيلة، والطائرات والدبابات، وقامت الهيئة الحاكمة بأعدام كوكبة من الابطال القائمين على الزيارة، وقد أنتقم الله من صدّام شرّ أنتقام، عليه أمريكا، فوجدوه في حفرة لا يتمكّن الكلب أن يعيش فيها، فأخرجوه منها مهان الجانب، وسلّط قبيح الشكل، فحكمت عليه المحكمة بالأعدام. 
ثم دفن وأخرجه من قبره أرحام حسين كامل، فداسوه بأحذيتهم، ثم أحرقوه، وكانت هذه النتيجة جزاء له على ما فرّط في زوّار قبره الإمام الحسين عليه السلام.

انطوت سنوات ملك الظالمين الغاشمين المتجبّرين، والمستكبرين في الأرض، وخاب وخسر سعيهم، وباءوا بالخزي والعار، وأمسوا في مزابل التاريخ، وبقى قبر الإمام الحسين"عليه السلام" شامخا خالداً، وقبته تتلألئ بنور الله تعالى، وها هي اليوم الجموع المليونية الزاحفة صوب قبره الشريف، تحمل معها رايات الخلود، مكتوب عليها( لبيّك يا حسين)، بدماء الشهداء الذين ضحوا في سبيل خدمة أبا عبدالله الحسين عليه السلام.

(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون).

َ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك