المقالات

شعار الدولة السعودية: العفو عن الإرهابيين والتنكيل بالآخرين


( بقلم : علي فردان )

لقد أعلن الأمير عبدالله عن عفو ولمدة شهر عن الإرهابيين الذين يسلّمون أنفسهم للسلطات، وقد مضى على ذلك حوالي أسبوعين لحد الآن استسلم عدة أشخاص. القرار كما ذكره الأمير عبدالله وتناقلته الصحافة بأن العفو عنهم ليس ضعفاً، بل العكس لأن الدولة لازالت تضرب الإرهابيين في كل مكان.

إذا كان العفو من منطلق القوة، كما تُشير الحكومة، وهذا العفو عن إرهابيين قاموا بتكفير الدولة نفسها، وقتل أنفس بريئة من المواطنين وغيرهم من الجنسيات الأخرى، بل ذبحوا آدميين وسحلوا جثثهم في الشوارع، كما حدث في ينبع والخبر، فهل العفو عن هؤلاء سياسة قوة؟ إذا كانت سياسة الدولة هي التعامل مع الإرهابيين هو العفو، أليس لنا الحق في الاعتراض بعد الترويع والخوف الذي لحق بنا في البلاد؟ أليس لنا الحق في المطالبة بإنزال العقوبة على من ألحق أضراراً نفسية واقتصادية ضخمة بفئة من المواطنين؟ أليس للمواطنين الذين فقدوا عزيزاً عليهم قُتل على يد الإرهابيين، أليس لهم الحق في القصاص من هؤلاء المجرمين ومن قام بتمويلهم ووفّر لهم الغطاء الديني ودعمهم على مدى السنوات الماضية؟ أليس لنا الحق كمواطنين أن يكون لنا رأياً فيما حدث؟ أم أنّ الموضوع لا يعنينا من قريب أو من بعيد؟

لقد قام آل سعود بتهميش دور المواطن في السابق واتخذوا قرارات ضد مصلحة الوطن مثل دعمهم لصدّام في حربه ضد إيران، ومثل دعمهم لطالبان ودعمهم للتيار الوهابي المتطرف بالبلايين من الدولارات لنشر فكره المنحرف في كل مكان عن طريق المعاهد الدينية والمراكز "الإسلامية" والجامعات الوهابية المنهج والتوجه، والنتيجة هي كما نرى الآن. ولتصحيح الخطأ المطلوب من المواطن مرة ثانية وثالثة وعاشرة أن يدفع الثمن من حياته وأمنه، من قوت عياله، حيث يقوم آل سعود بتهميش المواطن واتخاذ قرارات أخرى يستفيد منها الإرهابيين أنفسهم، مثل قرار العفو عن المجرمين وعن مشايخهم الذين أباحوا دماء المواطنين والمقيمين، و لا تزال سياسة آل سعود هي التغافل عن هموم الوطن والمواطن.

افتراضاً، لو من قام بهذه العمليات الإرهابية هم من الشيعة، ماذا ستكون ردة فعل الحكومة؟ هل ستعفو عنهم؟ أم ستقوم بإحراق المناطق الشيعية فوق رؤوس أهلها؟ أم ستتركهم بدل إعدامهم على الملأ بحجة الإفساد في الأرض؟ أم ستقوم الدولة بالتفريق بين الإرهابيين وبين بقية المواطنين الشيعة وستمنع أي جهة كانت من المساس بالمذهب الشيعي لأن الإرهابيين لا يمثلون إلاّ أنفسهم ولا يمثلون إلاّ فئة قليلة من المجتمع و يجب التعرض للمذهب الشيعي أو الشيعة بسوء؟ بدون شك ستقوم آلة آل سعود الإعلامية بالنيل من الشيعة وستقوم آلتها العسكرية بحصار المناطق الشيعية وستدكّها بالمدفعية ليل نهار بحجة الخروج على "ولي الأمر" وبحجة "الإفساد في الأرض" وبحجة "العمالة لدولة أجنبية" وبحجة "تهديد وحدة الوطن".

إن ما حدث للشيعة في عام 1400 هجرية بعد انتفاضة المحرم السلمية أكبر دليل على أن آل سعود يتعاملون مع الآخرين من غير الوهابيين، وخاصة الشيعة بطائفية وعنف لا مثيل له، فقتلى وجرحى الشيعة بالعشرات، استشهد الكثير منهم بالرصاص وتحت التعذيب، والمسجونين منهم بالمئات والممنوعين من السفر بالآلاف. هل تغيّرت سياسة الحكومة الآن؟ لا أعتقد ذلك، ففي الوقت الذي تعرض الحكومة العفو عن الإرهابيين، لازال العديد من الشيعة الاسماعيليين في السجون السعودية تحت التعذيب فقط لأنهم أرادوا ممارسة شعائرهم الدينية، بل وصل الحد إلى جلدهم أمام الناس في السوق كنوع من الإرهاب. وحتى مع اعتراف التيار الإرهابي الوهابي ممثلةً بتنظيم القاعدة بتفجير أبراج الخبر عام 1996 م، لازال العديد من الشيعة في السجون بتهمة تفجيرات الخبر منذ ذلك الحين، لا يعرف الكثير مكان سجنهم ولا يستطيع أحد زيارتهم. ولا زال العديد من الشيعة ممنوعين من السفر وآخرين تم طردهم من أعمالهم لأسباب طائفية بحتة. معلم يتم طرده من عمله لأنه أهدى كتاباً دينياً لزميل له، آخر يتم طرده من عمله لاتهامه بأنه استخدم بيته لعمل عزاء في يوم العاشر من المحرم، في الوقت الذي يسرح ويمرح الإرهابيين في المدارس والمؤسسات الحكومية والمساجد يفتون بقتل الشيعة وينشرون كتب الكراهية علناً دون أن يتم التعرض لهم أو حتى مسائلتهم على ما يفعلون.

هل نسينا الدكتور منصور الفالح، الدكتور عبدالله الحامد، الأستاذ الشاعر علي الدميني الذين تم اعتقالهم منذ 17 مارس 2004 إلى الآن؟ هؤلاء الإصلاحيون الذين قابلوا الأمير عبدالله أكثر من مرة ومعروف عنهم الإخلاص لوطنهم ولم يفجّروا مبنى أو يرفعوا سلاحاً ولا حتى سكيناً، ولم يذبحوا مواطناً أو معاهداً. أقصى ما يعرفونه هو النصيحة وأكبر ما يحملون هو هموم الوطن، ولا يملكون سوى القلم للتعبير عن أفكارهم وآرائهم. ألا يستحقون العفو والاعتذار لهم، إذا ما قورنت أعمالهم الإنسانية الإصلاحية الوطنية بما يفعله الإرهابيون؟ لماذا يقبعون في السجون دون محاكمة؟ لماذا يتم اتهامهم بأنهم أعداء الوطن والدين؟ لما لا يتم السماح للهيئات الحقوقية بزيارتهم أو الدفاع عنهم؟ لما لم يتم ذكرهم في هذا الوضع المأساوي الذي تمر به البلاد، خاصةً وأن الوطن يحتاج لهذه الفئة بالذات للتأكيد على وحدة الوطن ضد التطرف والإرهاب؟ هل قام هؤلاء الإصلاحيون بما يهدد اقتصاد الوطن؟ أو وحدته؟ أو قاموا بنشر الخوف والرعب بين المواطنين والأجانب؟

إن "وطناً" يحابي أقلية إرهابية ويدعم التوجهات المتطرفة والداعية للعنف ضد الآخرين لا يستحق الدفاع عنه. إن "وطناً" يقوم بسجن الإصلاحيين ويعفو عن الإرهابيين لا يستحق أن نحزن على وضعه المأزوم. إن "وطناً" يقوم بالتضحية بالأكثرية المخلصة والمتسامحة محاولاً الحصول على دعم الأقلية المتطرفة، وطناً بدون شك يسير في الطريق الخطأ. إن الوطن يحتاج إلى الإصلاح وبسرعة في كل المجالات، يحتاج الوطن إلى الهواء الطلق ليملأ رئتيه، يحتاج الوطن للحرية، حرية التعبير، حرية ممارسة الشعائر الدينية، المساواة، العدالة، تكوين الأحزاب والتجمعات والمؤسسات المدنية، يحتاج الوطن لوجود انتخابات بالاقتراع المباشر ليختار من يحكمه، يحتاج لوجود قوانين عادلة تكون فيها السلطات التشريعية منفصلة عن القضائية وعن التنفيذية. يحتاج الوطن لمحاسبة كل من تسبب في ضياع خيراته وسرقة أمواله وخّرب اقتصاده ومحاسبة كل من قتل وسجن وعذب مواطن. يحتاج الوطن كل ذلك وأكثر حتى يدخل إلى القرن الحادي والعشرين. الكثير يعلم بأننا نسير في طريق شائك ومحفوف بالمخاطر، لكن مع استمرار سياسة آل سعود الحالية، يعني الوطن سيصل بسرعة إلى وضع يحتّم التدخل الدولي لإعادة الأمن والرخاء إليه ولمنع الإرهابيين من السيطرة على ثرواته.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو حیدر
2007-09-23
اللهم العن ال سعود وعذبهم في الدنيا قبل الاخره اللهم اجعلها اخر ايامهم اللهم اجعل باسهم بينهم وافضحهم والحقهم باسلافهم يزيد ومعاويه والحجاج وعميلهم صدام اللعين ابوالحفر
ابراهيم
2007-09-22
الله يلعن أل سعود ويحشرهم مع صدام والتكفيريين والله ينصر الشيعه على كل بقعه من بقاع الأرض ويعجل ظهور صاحب العصر والزمان(ع) وياخذ حق كل شيعي مظلوم في هالعالم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك